2024-11-24 08:36 م

ملفات ثقيلة تنتظر السنوار في ولايته الثانية لقيادة حماس في غزة

2021-03-14
سيكون على طاولة يحيى السنوار، بعد انتخابه مجددا وعقب منافسة قوية، كرئيس لحركة حماس في قطاع غزة، عدة ملفات هامة سيعمل على إدارتها وفريقه المنتخب الجديد خلال السنوات الأربعة المقبلة، وفي مقدمتها استحقاق المصالحة الوطنية والانتخابات البرلمانية والرئاسية التي حسمت حماس خيارها بالمشاركة في الأولى، دون أن تعطي موقفا حول كيفية المشاركة في الانتخابات الثانية.

وستكون أولى مهام السنوار الذي انتخب مساء الأربعاء، رئيسا لفترة جديدة لحركة حماس في قطاع غزة، بعد منافسة قوية مع نزار عوض الله، هي مهمة التحضير للانتخابات البرلمانية الفلسطينية، والتي تعتبر هذه المرة نقطة حاسمة في تاريخ الحركة، في ظل احتدام المنافسة القوية مع حركة فتح، خاصة وأن حماس لم تعد كما في السابق، الفصيل المعارض البعيد عن مشاكل الحكم، حيث تدير حماس قطاع غزة منذ صيف عام 2007، بعد السيطرة عليه عسكريا عقب قتال مع الأجهزة الأمنية التابعة للسلطة الفلسطينية، وهي فترة حكم أوقعت الحركة في الكثير من التحديات، وإدارة الملفات بطريقة لم تعجب الكثير من سكان القطاع.

ومن المفترض أن توكل خلال فترة الأيام القليلة المتبقية مهام اختيار قائمة مرشحي حركة حماس في غزة للمجلس التشريعي، لقيادة حماس الجديدة التي يترأسها السنوار، وفق ضوابط يقال إن الحركة وضعتها هذه المرة، لا تعتمد على الوجوه التقليدية القديمة، حيث من المقرر أن يفتح باب الترشح للانتخابات رسميا يوم 20 مارس/ آذار الجاري.

وسيصار بعد الانتخابات حسب التوافقات التي تمت بين الفصائل الفلسطينية في لقاء القاهرة في نوفمبر الماضي، إلى طي صفحة الانقسام، وبدء مرحلة جديدة من العمل الوطني، يأمل الجميع أن تكون مغايرة للتفاهمات والاتفاقيات السابقة التي فشلت الفصائل وخاصة فتح وحماس في ترجمتها على أرض الواقع، وآخرها اتفاق تطبيق المصالحة الذي وقّع في القاهرة في أكتوبر 2017، والذي كان للسنوار دور مهم فيه، بعد انتخابه بفترة قصيرة زعيما في المرة الأولى لحركة حماس في غزة.

وفي مناسبات عديدة سابقة، أكد السنوار أن حركته مستعدة لإنجاز المصالحة وإنهاء حالة الانقسام، لكن الفترة السابقة كانت تشهد خلافات في تطبيق البنود بين فتح وحماس، بسبب التباين في وجهات النظر حيال التنفيذ، وهو ما دفع الحركتين مؤخرا للإيمان بالذهاب للانتخابات أولا، ومن ثم إنهاء الانقسام.

وإلى جانب هذه المهمة، هناك ملف تحسين أوضاع قطاع غزة الخاضع لسيطرة حماس، وتطوير تفاهمات التهدئة التي أبرمتها الحركة مع إسرائيل بوساطة عدة أطراف، والتي كثيرا ما تقوم سلطات الاحتلال بالإبطاء في تنفيذ بنودها أو تعطيلها، ما كان يؤدي إلى مواجهات مسلحة وعمليات تصعيد، آخرها انتهى في سبتمبر/ أيلول 2020.

والمعروف أن قطاع غزة، منذ أن تولت حركة حماس الإشراف عليه منتصف 2007، يعيش تحت حصار إسرائيلي مشدد، رفع من نسب الفقر والبطالة بشكل خطير، كما زاد وضع السكان مأساوية، جراء الحروب الثلاثة التي شنتها إسرائيل ضد القطاع منذ عام 2008 إلى صيف 2014، والتي أحدثت دمارا كبيرا، وأسفرت عن آلاف الشهداء وعشرات آلاف الجرحى، بهدف إسقاط نظام حماس، وهو ما لم يتحقق.

ولجأت حماس في نهايات مارس/ آذار 2018، إلى تسيير مسيرات شعبية على الحدود الفاصلة مع إسرائيل، سميت بـ”مسيرات العودة”، والتي ضغطت عبرها لتحسين وضع السكان، وهو أمر تحقق جزء منه، بسماح الاحتلال بإدخال مساعدات مالية وتنفيذ مشاريع بنى تحتية، تكفلت بغالبتها دولة قطر، غير أن إسرائيل تربط إنهاء مأساة غزة بالكامل، بعودة جنودها الأسرى لدى حركة حماس، وهو أمر لم يتحقق أيضا، لعدم قبول إسرائيل بشروط حماس حتى اللحظة.

ويقود هذا الأمر إلى الملف الثالث الذي ينتظر السنوار في ولايته الجديدة، خاصة وأنه في ولايته الأولى لم يتمكن من إنجاز صفقة التبادل، بعد تدخل العديد من الوساطات بين الحركة وإسرائيل.

وكان قائد حماس في غزة، قدّم في أبريل من العام الماضي، عرضا نادراً لإسرائيل، اشتمل على إفراجها عن الأسرى الفلسطينيين كبار السن والمرضى كبادرة إنسانية في ظل أزمة “كورونا”، مقابل تنازل جزئي في ملف الجنود الإسرائيليين الأسرى لدى حركته، لكن دولة الاحتلال لم تتعامل مع العرض.

وفي أول تصريح له بعد انتخابه لولاية ثانية، تعهد السنوار، بالعمل على تحرير الأسرى، وقال: “نأمل أن تكون عملية تحرير الأسرى عاجلة قريبة، ونعد الأسيرات في السجون أننا نحمل همكنّ ونسعى لتحريركنّ وسنكون على موعد قريب مع الحرية”، وفي رسالته لأهالي قطاع غزة المحاصر، قال السنوار: “سنكون أقرب إلى آلامكم ولن نألو جهدا حتى نحقق لكم حياة كريمة حرة حتى نواصل معا مسيرة التحرير والعودة”.

وإلى جانب هذه الملفات الداخلية، سيكون أمام السنوار مهام خارجية أخرى، أبرزها الحفاظ على العلاقة مع مصر، بوابة غزة الرئيسية، وهي علاقات عمل السنوار بنفسه على إعادتها عام 2017، حين قام بزيارة للقاهرة على رأس فريق من معاونيه، ليضع حدا للقطيعة التي قامت بين النظام المصري والحركة في عام 2013، حين جرى إسقاط نظام الإخوان المسلمين في مصر. وقد نجح السنوار في التفاهم مع السلطات المصرية لتأمين الحدود الفاصلة مع غزة، وتلا ذلك أن سمحت مصر منذ ذلك التاريخ بحركة تبادل تجاري مع غزة، ساهمت في تخيف العبء الاقتصادي.

كما سيكون أمام السنوار مهام مع دول وازنة مثل إيران، للحفاظ على استمرار دعم كتائب عز الدين القسام، وهو أمر لا تخفيه الحركة بالمطلق.

ولم يخفِ السنوار في مرات سابقة تعاظم قوة الجناح العسكري لحماس، والذي تركه حين أُسر من إسرائيل عام 1988، جهاز صغير بعدد قليل من الأفراد والعتاد، ليخرج في صفقة التبادل عام 2011، وبعد أكثر من 22 عاما من الأسر، وقد تحول الجهاز إلى قوة عسكرية كبيرة من ناحية العتاد والأفراد، وقد دفع ذلك بالسنوار ليقول: “المقاومة الفلسطينية باتت اليوم أقوى مما كانت عليه عشرات الأضعاف”.

وقد توعد السنوار في وقت سابق إسرائيل في حال تضييقها على سكان غزة، وعدم إدخال المعدات الطلبية اللازمة لمواجهة تفشي فيروس “كورونا”، حين قال: “إذا وجدنا أن مصابي كورونا في قطاع غزة لا يقدرون على التنفس، سنقطع النفس عن 6 ملايين صهيوني، وسنأخذ ما نريده منكم خاوة (عنوة)”، وكان بذلك يدلل على قوة الجناح العسكري لحركته.

وفي رسالة موجهة للسنوار من القيادي في الحركة يحيى موسى بعد فوزه في الانتخابات، طالبه بأن يطل بخطاب “يوضح لنا فيه رؤيته للسنوات الاربع القادمة وأن يعرض لنا برنامجه، وخطته للدورة الانتخابية الجديدة على صعيد الحركة والارتقاء بها في جميع الميادين، وعلى صعيد القضية وتصويب مسارها الوطني”.

والسنوار ينحدر من عائلة فلسطينية لاجئة من مدينة المجدل، ولد عام 1962، وكان من أوائل جيل الشباب الذين انخرطوا بالعمل في حركة حماس، وقد ترأس كتلة الحركة الطلابية خلال الدراسة في الجامعة الإسلامية، وقد اعتقل عام 1988 على أيدي قوات الاحتلال، لعمله في جناح الحركة العسكري للحركة، وحُكم بالسجن مدى الحياة، قبل أن يخرج في صفقة تبادل الأسرى عام 2011، وقد أدرجته الولايات المتحدة، مع عدد من قادة حماس على لائحة “الإرهابيين الدوليين” عام 2015، وتضعه إسرائيل على قائمة المطلوبين لديها.
(القدس العربي)