تتواصل ردود الأفعال الرافضة من المؤسسات الحقوقية الفلسطينية للقرار بقانون الذي أصدره رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس بتأجيل انتخابات النقابات والاتحادات والمنظمات الشعبية لمدة 6 أشهر.
خطوة رأى فيها البعض تغولا جديدا للسلطة التنفيذية، وتغليبا للمصلحة التنظيمية الضيقة المتعلقة بحركة فتح، على حساب الحق بالاختيار عبر صندوق الاقتراع.
وينص المرسوم الرئاسي على أن "نقباء وأعضاء مجالس النقابات، ورؤساء الاتحادات والمنظمات الشعبية وهيئاتها الإدارية، يستمرون بتولي المهام المنصوص عليها قانوناً خلال المدة المشار إليها في المادة (1) من هذا القرار بقانون".
وأشار إلى أنه "بعد انتهاء مدة التأجيل المشار إليها في المادة (1) من هذا القرار، يتولى النقباء وأعضاء مجالس النقابات ورؤساء الاتحادات والمنظمات الشعبية وهيئاتها، اتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة لإجراء الانتخابات وفقاً لأحكام القوانين ذات العلاقة".
فقد عبّرت مؤسسة الحق عن رفضها لتأجيل إجراء الانتخابات النقابية والاتحاد الشعبية دون ذكر أو توضيح للأسباب التي دعت لصدور هذا القرار بقانون، واصفة إياه بـ"الانتهاك الصارخ لحق الهيئات العامة للنقابات المهنية والاتحادات والمنظمات الشعبية في تحديد مواعيد إجراء انتخاباتها أو تأجيلها، بما يثير العديد من التساؤلات بشأن توقيت صدور هذا القرار بقانون".
وأشارت "الحق" إلى أن صدور هذا القرار بقانون يأتي بعد مرور ثلاث أيام على نشر القرار بقانون رقم (7) للعام 2021 بتعديل قانون الجمعيات الخيرية والهيئات الأهلية، المقوض للعمل الأهلي في فلسطين، وما سبقه من صدور قرارات بقانون ذات الشأن القضائي، في تغول خطير على السلطة القضائية على نحو يهدم استقلال القضاء والفصل بين السلطات ومبدأ سيادة القانون.
وقالت إن ذلك "يشكل سابقة خطيرة تُحكم بها السلطة التنفيذية السيطرة وبشكل كامل على كافة مفاصل المجتمع الفلسطيني على المستويين الرسمي والأهلي؛ من جعل السلطة القضائية غير مستقلة وخاضعة لتدخل السلطة التنفيذية، إلى فرض قيود على عمل الجمعيات والهيئات الأهلية والتدخل في شؤون النقابات والاتحادات والمنظمات الشعبية، دون أدنى اعتبار للضمانات التي أقرها القانون الأساسي الفلسطيني لممارسة الحقوق والحريات، وفي انتهاك جسيم للالتزامات الواردة في الاتفاقيات الدولية الأساسية لحقوق الإنسان التي انضمت لها دولة فلسطين".
مخالفة دستورية
كما استهجنت الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين ذلك التأجيل، داعية إلى وقف سياسة إدارة الشأن العام بقرارات بقوانين، "لأن من شأن ذلك أن يعيد صياغة نظامنا السياسي ليأخذ طابعا رئاسياً في مخالفة دستورية فاقعة للقانون الأساسي للسلطة الفلسطينية، والقانون الأساسي لمنظمة التحرير الفلسطينية واعلان الاستقلال الصادر في 15/11/1988".
كما دعت الجبهة إلى ضرورة إنجاز الانتخابات في حلقاتها الثلاث، بما يمكن من إعادة صياغة النظام السياسي الفلسطيني وإصلاحه ديمقراطيا، وبناء نظام سياسي ديمقراطي برلماني، يقوم على مبادئ الشراكة الوطنية، ويستمد مفاهيمه من قيم حركات التحرر الوطنية، وتجارب الشعوب التي خاضت ثوراتها ضد الاحتلال والاستعمار وحققت انتصاراتها التاريخية.
لا للمراسيم
بدورها، قالت نقابة المحامين إنه في الوقت الذي تتجه فيه الأنظار نحو العملية الديمقراطية المعلن عنها للانتخابات العامة كمدخل لإنهاء حالة الانقسام التي تعصف بالواقع الفلسطيني منذ العام 2007، ما زال سيل القرارات بقانون المقوضة للحياة الديمقراطية تعكر الأجواء العامة للانتخابات وتلقي بظلال قاتمة على سير العملية الانتخابية، ولا سيما القرار بقانون المعدل لقانون الجمعيات والذي ينتهك حرية تكوين الجمعيات كأساس للمشاركة السياسية وفقا للقانون الأساسي، والقرار بقانون بتأجيل انتخابات النقابات والإتحادات الشعبية، والذي سيعلن مجلس النقابة موقفه من محتواه في جلسة المجلس القادمة.
وأكدت النقابة استمرار فعالياتها في مواجهة القرارات بقانون المقوضة لإستقلال القضاء وانطلاقا من واجبها وحرصها على مبدأ سيادة القانون والفصل بين السلطات واستقلال القضاء كمبادئ دستورية سامية ولازمة لقيام أي دولة مدنية ديقراطية تحترم المواطنة وتحتكم للقانون في علاقاتها مع المواطنين.
وأشارت إلى أن سياسة إدارة الظهر للحراك النقابي الذي أطلقته نقابة المحامين منذ عدة أسابيع تعني التنكر لحقوق المواطنين في الوصول للعدالة الناجزة والتضحية بها، وانحيازا من نقابة المحامين للمبادئ الدستورية المذكورة وانتصارا لمكانتها، وتأكيدا على المواقف السابقة لمجلس النقابة.
استقالة من النقابة
وكان عضو مجلس نقابة المحامين الفلسطينيين، داود دعاوى، أعلن عن استقالته من عضوية النقابة، في رد فعل على المرسوم الرئاسي بتأجيل انتخابات النقابات والهيئات الشعبية، لمدة 6 شهور، واصفا أيضا بأنه "يقوض الديمقراطية والعمل النقابي".
وقال دعاوي: "لن أكون عبدا لمرحلة الاستبداد والتفرد التي تعصف بالواقع الفلسطيني، ولن أستمد بقائي في مجلس نقابة المحامين من انتهاك القانون الناظم لمهنة واستقلال المحاماة".
وأكد المحامي درعاوي أن مصالح فئوية حزبية مقيتة واضحة للعيان تقف وراء المرسوم لها علاقة بترتيب البيت الفتحاوي الداخلي، استباقا للانتخابات العامة، وهذا يعد اعتداءً سافرا على حرية العمل النقابي في فلسطين وهو مرتبط بحالة التغول التي يمارسها النظام السياسي بالاستقواء على الحقوق والحريات العامة وخاصة ان العمل النقابي مكفول بالقانون السياسي، ولا يمكن للرئيس تعطيلها بهذا الشكل الفج.
وختم بقوله إن "هذا المرسوم وقبلها المتعلق بالجمعيات الخيرية وتأجيل الانتخابات البلدية والمحلي تعبر عن حالة من التخبط التي تلقي بظلال قاتمة على النظام السياسي وتؤكد التفرد بإدارة القرار الفلسطيني".
فلسطين الان