في التفاصيل، أعوام المنشار والتطبيع وكورونا، هي الأبرز في تاريخ الإتصالات السرية بين الرياض وتل أبيب، سبقتها أعوام مفصلية في تاريخ النظام السعودي، فمنذ العام الفين وثلاثة وحتى الآن، تاريخ اكتست أحداثه بستار السرية إلى أن تسلم محمد بن سلمان ولاية العهد.
المسؤولون الإسرائيليون يؤكدون إن بن سلمان هو الذي أمر بالخطوة التطبيعية الحديثة حين دشن الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب الرحلة الجوية الأولى من "إسرائيل" الى الهند عبر أجواء المملكة.
في العام الفين وثلاثة عشر شكل توقيع الإتفاق النووي بين ايران ومجموعة خمسة زائد واحد دافعا لرفع وتيرة التنسيق بين الرياض وتل أبيب حيث رأت السعودية في "اسرائيل" القوة الوحيدة في المنطقة القادرة على حمايتها من إيران بحسب المراقبين للشأن الإقليمي، في المقابل رأت تل أبيب ان أي تنسيق عسكري مع الرياض ضد طهران يتطلب ارضاء "إسرائيل" بإعتراف عربي حول سيادتها على الأراضي الفلسطينية المحتلة وهو ما دفع سلطات الرياض إلى الهروب من الشروط الإسرائيلية خوفاً من الشارع العربي، لكن الأمر تسبب في نهاية اللمطاف إلى دفع الرياض بالإمارات والبحرين والسودان كضحايا في مستنقع التطبيع، بيد ان الخطوة هذه، لم تكن كافية للإسرائيليين الذين يبحثون عن تطبيع العلاقات بشكل رسمي مع الرياض وهو ما تعتبره تل أبيب لقمة دسمة في ملف التطبيع، وفي النتيجة عرقلة الأمور تسببت في قطيعة بين تل أبيب والرياض، قطيعة لم تدم طويلا بمجيء الرئيس الأميركي جو بايدن الذي فتح ملفات حقوق الإنسان السعودي ومنها ملف إغتيال الصحافي السعودي جمال خاشقجي في قنصلية بلاده بإسطنبول، ما دفع بن سلمان إلى إعادة النظر في ملف التطبيع مع "إسرائيل" من خلال سعيه إلى تعزيز الوصال بينه وبين رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو الذي تربطه علاقات إستراتيجية مع الدولة الأميركية العميقة التي زرعت كيانه في المنطقة قبل عقود من الزمن.
تكشف تحركات ولي العهد السعودي محمد بن سلمان حجم الآمال التي يبنيها على نتنياهو، فهو من تأمل الرياض بوساطته عند إدارة بايدن لغلق ملفات الفساد التي كبدت بن سلمان أموال هائلة للتستر عليها منذ تولية ولاية العهد.
التطورات تنبئ بأن بن سلمان وخلافاً لأسلافه من حكام المملكة لا يلقي بالاً إلى الرأي العام العربي بشأن العلاقة مع "إسرائيل" وإنما همه مُنصب على ما قد يجنيه هو من مكاسب بتعزيز الروابط مع تل أبيب، فهذا ما يُعَبّد له الطريق نحو واشنطن ويبعد عنه أي حرج داخل البيت الأبيض.
*ماجد الشـرهاني*