أما في حركة فتح، فالخلافات والنقاشات حادة، والتيارات تتزايد، ويبدو أن الاتفاق على قائمة موحدة تخوض الانتخابات يستلزم جهودا كبيرة، للخروج بسلام من هذا المأزق الذي اذا لم يجد حلا فان الحركة ستواجه وضعا انتخابيا صعبا يفقدها الكثير، وهناك قوى خارجية دخلت على خط الخلافات داخل فتح، هدفها الأول شد عضد الحركة حتى لا تفوز حماس بنسبة كبيرة يمنحها ادارة الحكم، لكن، بعض هذه القوى، هدفها اقصاء القيادة الحالية لصالح قيادة جديدة وهي من أجل الوصول الى هذا الهدف على استعداد لاستخدام أوراق عديدة في مقدمتها الورقة المالية، وتشتيت المواقف، واحتضان بعض القيادات الاقرب والأسهل للاحتواء، خاصة وأن هناك خيوطا ممتدة مع القوى المذكورة منذ سنوات، وبالتالي، قد تتلاقى بعض التيارات في فتح على هدف استبعاد القيادة الحالية ورموزها، وهذا ما تسعى اليه أيضا بعض الأنظمة العربية، وربما قوى وجهات في الساحة الدولية.
ويترقب المتابعون الاتصالات الجارية بين القيادة الحالية للحركة وبين القائد الفتحاوي الأسير مروان البرغوثي، الذي لديه النية للترشح للرئاسة، وترؤس قائمة انتخابية بمقاييس اتحتيار جديدة وسليمة، ومقاييس الاختيار باتت تمثل اليوم الطريق الى الفوز والنجاح، وأصبح السلاح الاقوى لادارة المعارك الانتخابية، ولأن السلطة القائمة تتبع فتح، فان ضعف الاداء وسوئه والتجاوزات قد تؤثر سلبا على حركة فتح أمام صناديق الاقتراع، فالترهل موجود، والمظالم خاصة داخل الوزارات والمؤسسات الرسمية في تكاثر ولم تتجه السلطة طوال السنوات الماضية لحلها، وبالتالي، نسبة كبيرة من موظفي الدولة، سيجدون أنفسهم في حال لم يتم تدارك الموقف مضطرين الى عدم الاقبال على صناديق الاقتراع ومن يذهب لن يصوت لقائمة فتح، حيث الحركة تشهد صراعات حادة، والمتتبع لما يدور داخل الشارع الفلسطيني من نقاشات يجد أن هناك وجوها في دوائر صنع القرار مرفوضة قطعا، وتشكل مأخذا على فتح، وربما تكون أحد أسباب العزوف أو تصويت "النكاية"، خاصة اذا تضمنتها القائمة الانتخابية، في حال نجحت فتح في تشكيلها بالتوافق بين قياداتها، ويرى المراقبون أن الحال اليوم من حيث الوعي والاصرار والمتابعة يختلف عنه عن الحال في انتخابات العام 2006، ومن هنا، فان حركة فتح أمام مفترق خطير وامتحان صعب للغاية.
في سياق الاستعداد الانتخابي، فالساحة تشهد حركة نشطة باتجاه قوائم انتخابية جديدة، خارج اطار الفصائل الموجودة، فهناك قائمة يجري تشكيلها يقودها الدكتور سري نسيبة، وثانية يقودها الدكتور سلامك فياض، وثالثة مستقلة يقوم على تشكيلها أكاديميون وشخصيات وطنية، ورابعة تضم عددا الاغلبية من رجال الاعمال، والحبل على الجرار، دون تجاهل الاصابع الخارجية التي امتدت الى الساحة، تدخلا بشكل أو بآخر في المعارك الانتخابية، ويبدو أن الولايات المتحدة ودولا اوروبية تقف دون تدخل أو تشجيع قائمة على اخرى منتظرة ماذا ستفرزه الصناديق الانتخابية، وحتى اسرائيل فهي تتابع وتنتظر.
ان النقطة الأبرز في الاستعدادات الانتخابية وتشكيل القوائم، هي البحث عن وجوه نظيفة غير فاسدة ومرفوضة، حيث دقة الاختيار وسلامته، الطريق للفوز وتحقيق النتائج الايجابية.
وهناك نقطة تخوف من أن لا تجري الانتخابات على الأقل في مواعيدها التي تم تحديدها، تحت هذا التبرير أو ذاك، تتذرع به جهات تخشى فتح صناديق الاقتراع للتصويت.
ونقطة ثالثة، وهي الانتظار لشريحة واسعة، ماذا ستسفر عنه صراعات حركة حركة فتح، وكيف ستكون عليه قائمتها ومن سيتصدرها ومن سيقودها وكيف هي مقاييس الاختيار، فالحركة اذن، أمام تطورات هامة ستقرر طبيعة المشهد السياسي في الساحة الفلسطينية، وهنا، يبرز سؤال كبير وهام:
هل ستواصل قيادة حركة فتح تمسكها بوجوه "محروقة".. وهل ستقوم السلطة ببعض الاجراءات على الصعيد الداخلي تحسينا وترتيبا ومساءلة، تفاديا للخسارة، مع أن هذا مطلب الشارع منذ سنوات طويلة، فهناك العديد من الملفات والقرارات والخطوات بحاجة الى مراجعة قبل فوات الأوان؟!