2024-11-01 06:26 م

«رحلة الشتاء والصيف».. تفاصيل رحلات اللجنة اليهودية الأمريكية إلى الإمارات خلال 10 سنوات

2021-01-26
هذا التقرير جزء من مشروع «الحج إلى واشنطن» لتغطية أنشطة لوبيات الشرق الأوسط في الولايات المتحدة بين 2010-2020. ومعظم المعلومات الواردة في التقرير تستندُ لوثائق من قاعدة بيانات تابعة لوزارة العدل الأمريكية، تتبع لقانون «تسجيل الوكلاء الأجانب (فارا)»، الذي يلزم جماعات الضغط بالإفصاح عن أنشطتها وأموالها، وكافة الوثائق متاحةٌ للتصفح على الإنترنت.

مشهد درامي سيذكره التاريخ للأجيال القادمة: أمير إماراتي ووزير بحريني يسيران بجانب رئيس أقوى دولة في العالم، ورئيس وزراء دولة أخرى تأسست بطرد مئات الآلاف من أصحاب الأرض الفلسطينيين. يخرج الرباعي أمام عدسات الإعلام، يتحدثون عن السلام والمحبة، وعن «اتفاقٍ إبراهيمي» سيوحد الإنسانية يومًا ما، متى هذا اليوم؟ لا أحد يعلم.

كما في اتفاقية أوسلو، لم يأت إعلان التطبيع الأخير بين الإمارات والبحرين وإسرائيل بشكل مفاجئ من دون مقدمات أو جهود مسبقة بين الطرفين. بل جاء التطبيع نتيجة لعمل دؤوب استمر لسنوات طويلة، من اجتماعات ورحلات لمسؤولين ودبلوماسيين وناشطين من هذه الدول، حتى كُسر الجليد بينهم وذاب.

في هذا التقرير نوثق رحلات قامت بها منظمة «اللجنة اليهودية الأمريكية» سنويًّا لدولة الإمارات، منذ عام 2010. جرى التكتم على هذه الاجتماعات ولم تذكر في وسائل الإعلام العربية والإماراتية والإسرائيلية حتى نهايات العقد الحالي، واستطعنا الوصول لتفاصيلها بالاطلاع على وثائق تخص «مجموعة هاربور- Harbour Group» للضغط السياسي، التي تعمل لصالح الإمارات منذ سنوات.

ولنسلِّط الضوء على هذه الزيارات للإمارات سنضع كافة التفاصيل المتاحة عن الزيارة، وقبل ذلك سنتحدث عن اللجنة اليهودية الأمريكية ودورها في خدمة إسرائيل.
التطبيع الثقافي.. اللجنة اليهودية الأمريكية تقوم بدورها التاريخي
أسست اللجنة اليهودية الأمريكية عام 1906، وهي من أقدم المنظمات المدافعة عن اليهود في العالم، وكانت المنظمة من أشد المناصرين لإسرائيل بعد إعلان قيام دولتها عام 1948 إثرَ النكبة الفلسطينية وطرد مئات الآلاف من الفلسطينيين، وكانت من أولى المنظمات التي تفتتح مكتبًا دائمًا لها في إسرائيل، وعملت داخل الولايات المتحدة على «استقصاء وخوض معارك» ضد المجموعات المعادية للسامية، والجماعات المناصرة للنازية.

تشتهر اللجنة بعملها الحقوقي والمدافع عن حقوق اليهود في العالم، عن طريق الضغط في المؤسسات الدولية مثل الأمم المتحدة، وتلعب اللجنة دورًا مهمًّا في فتح قنوات اتصال مع الدول أو القادة عبر التبادل أو الحوار الثقافي، ومن خلال عقد اللقاءات والمؤتمرات والشراكات مع المنظمات المشابهة.
قبل تطبيع العلاقات بشكل رسمي وعلني بين إسرائيل وبعض الدول العربية، خاصةً دول الموجة الأخيرة، لعبت منظمات مثل اللجنة اليهودية الأمريكية دور القوة الناعمة لإسرائيل، بكسر الحواجز المتراكمة لسنين بين الطرفين، وتُطلق عملية التطبيع من منطلقات ثقافية وفعاليات عن «حوار الأديان».

فعلى سبيل المثال لا الحصر، نسقت رابطة العالم الإسلامي، التي يقودها محمد العيسى، زيارة لمعسكر أوشفيتز بيركينو النازي في بولندا، بمساعدة من اللوبي السعودي في واشنطن. ورافق العيسى في هذه الزيارة، ديفيد هاريس، المدير التنفيذي للجنة اليهودية الأمريكية، ووصفت اللجنة زيارة العيسى للمعسكر بأنَّها «فريدة من نوعها».

وفي ديسمبر (كانون الأول) 2018، سافر وفدٌ من اللجنة إلى ثلاثة بلدان عربية، الإمارات والبحرين وعُمان، وعندما توقف الوفد في الإمارات، وتحديدًا في دبي، احتفل بحضور «الجالية اليهودية» في الإمارات، بالشبات (يوم السبت) والليلة السادسة من عيد الأنوار (حانوكا).
 الشؤون السياسية في اللجنة: «في منطقة تواجه مخاطر استراتيجية وتزايدًا في التقلبات السياسية، من المهم الآن أكثر من أي وقت مضى للجنة اليهودية الأمريكية، منظمة السلام والاستقرار وحماية حقوق الإنسان، أن تنخرط وتسعى في مناطق التعاون المشتركة مع حلفاء أمريكا في الخليج». كان هذا البيان والزيارة قبل إعلان التطبيع بسنتين، ولكن عن أي حقوق إنسان يتحدث إساكسون؟ فالإمارات، عدا عن انتهاكات حقوق العمال والمواطنين، امتدت يدها لتشمل مقيمين أجانب مثل الأكاديمي البريطاني طالب الدراسات العليا الذي اعتقل في الإمارات بتهمة التجسس، وذكرَ أنه تعرض للتعذيب والسجن الانفرادي.

وقبل إعلان التطبيع بشهرين، عقدت اللجنة حوارًا مع أنور قرقاش، وزير الدولة للشؤون الخارجية في الإمارات، عن أهمية «استقرار المنطقة والتعاون في حوار الأديان». ويبدأ قرقاش كلمته بالقول: «أود شكر اللجنة على بناء جسور التواصل مع المنطقة، وعملهم الدؤوب في زياراتهم المتكررة إلى المنطقة». ولكن ما الزيارات المتكررة التي يتحدث عنها قرقاش في كلمته؟

إنها الزيارات السنوية التي تنسقها مجموعة هاربور. ويديرها ريتشارد مينتز، «دينامو» اللوبي الإماراتي في واشنطن، الذي عمل على تشبيك اللوبي مع أهم المنظمات الصهيونية والمناصرة لإسرائيل.

رحلات اللجنة اليهودية الأمريكية إلى الإمارات من 2010 إلى اليوم
عملت مجموعة هاربور في إطار رؤية شاملة لتطوير علاقات اللوبي الإماراتي داخل واشنطن، ففي البداية نسقت بأموالٍ إماراتية حملات علاقات عامة وشراكات استهدفت مراكز الأبحاث للتأثير في باحثيها وطريقة حديثهم عن الإمارات، ونسقت مجموعة هاربور رحلات لهؤلاء الباحثين ليزوروا البلاد، وتشمل هذه الرحلات موظفين وأعضاء بالكونجرس الأمريكي، بالإضافة لإعلاميين أمريكيين.

إذًا فالبداية تكون بفتح خطوط للتواصل وبناء علاقات، ثم يأتي تنسيق رحلات ميدانية على مستوى من الرفاهية تتخللها نقاشات ودية وتبادل لوجهات النظر، مع لقاء مسؤولين إماراتيين وزيارة جهات إعلامية واستثمارية في الإمارات لتوثيق العلاقة.

في تقرير صادر عن مكتب شؤون الديمقراطية وحقوق الإنسان والعمال في وزارة الخارجية الأمريكية، يذكر زيارةً للإمارات لوفد من اللجنة اليهودية الأمريكية، ورابطة مكافحة التشهير، وكلاهما مناصرتان لإسرائيل، اجتمعت الوفود في مارس (آذار) 2007 «بمسؤولين رفيعي المستوى في الحكومة الإماراتية»، لمناقشة التسامح الديني، وأشادت المنظمتان بسياسات الاعتدال الديني التي تتبناها الإمارات.

وفي العقد الماضي تواصلت الإمارات بكثافة مع منظمات صهيونية ويهودية في الولايات المتحدة.

من أبرز الشخصيات التي عملت على توطيد العلاقات مع بعض دول المنطقة جاسون أساكسون، رئيس مكتب الشؤون السياسية في اللجنة اليهودية الأمريكية. أساكسون دبلوماسي لإسرائيل بشكل غير رسمي، يجول في العالم في خدمتها، من أوروبا وآسيا حتى الشرق الأوسط، ساعيًا لتطبيع العلاقات، وبناء «جسور للتواصل» على حد تعبير قرقاش، وكما توضِّح تفاصيل الرحلات فإنَّ أساكسون هو الذي ترأس رحلات وفود اللجنة إلى الإمارات.
(ساسة بوست)