القدس/المنـار/ رحل دونالد ترامب عن البيت الأبيض، ليخلفه جو بايدن رئيسا للولايات المتحدة، بعض الأنظمة افتقدت الأول وأنظمة رأت في الرئيس الجديد مكسبا لها، وانهالت برقيات التهنئة على بايدن.. وافتتحت قنوات الاتصال مع أعضاء ادارته، دون أن تدرك هذه الأنظمة بشقيها، حقيقة سياسات الساكن الجديد في البيت الأبيض.
لا فرق كثيرا بين سياسات ترامب وسياسات بايدن خاصة اتجاه ملفات وأزمات المنطقة، في الجانب الفلسطيني، فرحة عارمة اكتست بها قيادات السلطة، قبل أن تتضح مواقف الرئيس الامريكي الجديد، مع أن جوهرها فيما يخص القضية الفلسطينية واضح وضوح الشمس، فهي مواقف مستمرة من سياسات الرئيس الأسبق باراك أوباما، حيث كان بايدن يشغل نائبا له في دوائر القيادة الفلسطينية يقولون: لقد صبرنا ونلنا.. انتظرنا وربحنا.. ولا ندري ما نالته القيادة الفلسطينية من هذا التغيير الذي شهدته أمريكا، وهي القيادة التي لم تفارق دائرة الانتظار بل تعيشه بعشق، انتظار ردات الفعل، وليس صنعه.
ماذا فعلت وبماذا استعدت القيادة الفلسطينية منذ اعلان نتائج الانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة، سوى التضرع الى الله بفوز بايدن.. هل انجزت مبادرات لتقديمها للادارة الجديدة، وهل سعت لاختراق أدوات بايدن الجديدة وكبار مستشاريه الذين امسكوا بمفاصل هذه الادارة في كل الميادين.. وغالبيتهم من اليهود، فأحكموا على اركان البيت الأبيض، أما بالنسبة لاسرائيل فقد أنجزت مواقف ومبادرات مدروسة بعناية، ودفعت بها الى الهيئة الاستشارية العليا للرئيس الجديد في واشنطن.
ويبدو أن القيادة الفلسطينية تطير فرحا عندما تسمع اسطوانة حل الدولتين، واسرائيل شارفت على الانتهاء من رسم خارطة مصالحها على أرض الواقع، وجرافاتها تلتهم المزيد من الاراضي الفلسطينية، لبناء الانفاق والجسور وشق الطرق الواسعة التي تربط المستوطنات بعضها ببعض.
سياسة بايدن ستوجه من جانب من هم حوله، وجميعهم عملوا في مراكز البحث لسنوات طويلة، وعلى الارض الفلسطينية لا يوجد مركز بحث واحد يمكن أن تستند اليه قيادة ما تزال تعيش حالة رد الفعل.
الرئيس الأمريكي الجديد، لن يغير مما فرضه سلفه بكل ما يتعلق بجوانب الصراع الفلسطيني الاسرائيلي وقدم لتل أبيب الكثير، أما بالنسبة لحل الدولتين، فهو بالنسبة لادارة بايدن شعار للاستهلاك والتخدير لا يتعدى كونه ادارة للصراع للصراع، والمضي في المفاوضات الى ما لا نهاية وادارة بايدن لن تتفرغ للصراع الفلسطيني الاسرائيلي فلديها من المشاكل والمهام الكثير، ولم تعد القضية الفلسطينية على سلم أولويات الادارات الامريكية، والادارة الجديدة ستنشغل بالتصدي لجائحة كورونا وملفات خارجية وداخلية، لحق بها الخراب بفعل سياسة الرئيس السابق دونالد ترامب، وسيمضي على الاقل قبل أن ينظر ومستشاروه في الملف الفلسطيني، هم فقط يوجهون من بعيد رسائل تحذيرية وتهديدية للقيادة الفلسطينية لتنفيذ مطالب تتعلق بالساحة الفلسطينية، مثل، مكافحة الفساد واجراء الانتخابات وعدم انتهاك حقوق الانسان، وهي مطالب تلقفتها الأنظمة العربية لتساوم عليها، وتنادي بها، اشارات ورسائل ترحيب بالساكن الجديد في البيت الأبيض، فسياسة بايدن من حيث الجوهر والهدف اتجاه الفلسطينيين لن تختلف كثيرا عن سياسة سلفه ترامب، وهذا يفرض على القيادة الفلسطينية ان تستعد بجدية لما هو قادم من واشنطن من سياسات ومواقف، فهامش الاختلاف بين ترامب وبايدن يكاد لا يذكر.