تواصل سلطات الاحتلال مشاريعها الاستيطانية الخطير، لتطبيق نظام “الفصل العنصري” في الضفة الغربية، بهدف توسعة مستوطناتها التي تلتهم مساحات واسعة من أراضي المواطنين، وذلك من خلال الشروع في تطبيق خطط جديدة ضمن المشروع الخطير المعروف باسم “E1”.
وفي هذا الشأن، وافقت الحكومة الإسرائيلية على تخصيص 14 مليون شيكل “الدولار يساوي 3.23 شيكل” لاستكمال مخططات، تسمح بموجبه بدء العمل في الطريق المسمى باسم “طريق السيادة”، في إطار مخطط البناء في المشروع الاستيطاني المعروف باسم “E1” شرق القدس، والذي يشمل فضل المدينة عن باقي مناطق الضفة، وكذلك فصل شمال الضفة عن جنوبها.
وقد جاءت المصادقة خلال لقاء عقد بمشاركة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، ووزيرة النقل بتسالئيل سموتريتش، ووزير المالية يسرائيل كاتس، ورئيس بلدية مستوطنة “معاليه أدوميم”، وبموجب المخطط سيتم إغلاق مدخل العيزرية الشمالي ونقل حاجز الزعيم باتجاه مستوطنة “ميشور أدوميم”، بكل ما يترتب على ذلك من فصل مستوطنة “معاليه أدوميم” عن الفضاء الفلسطيني بواسطة الجدار.
ويقول المكتب الوطني للدفاع عن الأرض ومقاومة الاستيطان، التابع لمنظمة التحرير، إنه بهذا المشروع فإن الحاجز سوف يتحرك شرقاً بحيث لا يضطر مستوطنو معاليه أدوميم إلى المرور عبر الحاجز في طريقهم إلى القدس، وفي الوقت نفسه لن يتمكن الفلسطينيون من الوصول إلى العيزريه من مدخلها الشمالي عند دوار المستوطنة المذكورة.
ويشمل المشروع شق شارع ونفق من حاجز الزعيم باتجاه بلدات العيزرية وأبو ديس، دون سلوك الطريق الحالي الذي يخصص فقط لسكان مستوطنة “معاليه أدوميم”، بعد غلق المدخل المؤدي إلى العيزرية بالجدار، حيث يأتي هذا كله في ضوء التوجه لانتخابات رابعة لـ”الكنيست” الإسرائيلي، حيث تستخدم حملة نتنياهو فترة الانتخابات في الترويج لخطة من شأنها أن تقضي على إمكانية حل الدولتين، فالطريق المخطط يعني ببساطة تقطيع أوصال الضفة الغربية وفتح الطريق للبناء في منطقة “E1” وإغلاق الباب أمام إمكانية إقامة دولة فلسطينية.
ويعتبر هذا المشروع، الذي صادق عليه وزير الجيش الإسرائيلي السابق نفتالي بينيت، في مارس من العام الماضي وأطلق عليه اسم “طريق السيادة”، خطوة حاسمة لفصل جنوب الضفة الغربية عن وسطها من جهة، ولإطلاق العنان للاستيطان في المنطقة المسماة “E1” من جهة أخرى، ومع اكتمال مسار الطريق الجديد بمحاذاة المناطق المأهولة شمالي بلدة العيزرية شرق القدس، حيث سيجد الفلسطينيون أنفسهم مضطرين لسلوكه، ولن يكون بإمكانهم استخدام الطريق (رقم 1) الذي يربط جنوب الضفة بوسطها وبالشمال، فضلا عن ذلك فإن هذا الطريق يمهد لعزل المنطقة المسماة “E1” ويخلق تواصلا عمرانيا بين مستوطنة “معالي أدوميم” شرقا ومدينة القدس غربا، ليكون التنقل بين المستوطنتين عبر شارعين حيويين، أحدهما يوصل المستوطنة بأريحا والأغوار، والآخر يربطها بالقدس على مسافة عدة كيلومترات غربا.
وفي هذا السباق، فقد وصف مركز المعلومات الإسرائيلي لحقوق الإنسان في الأراضي المحتلة “بتسيلم”، في وثيقة نشرها مؤخرا، إسرائيل بأنها دولة فصل عنصري “أبارتهايد”، وأكد في الوثيقة بأن النظام الإسرائيليّ قد قسم الأراضي الممتدة بين النهر والبحر إلى وحدات مختلفة تتمييز عن بعضها في طريقة سيطرته عليها.
ويشير إلى أن النظام الإسرائيلي يسعى من خلال ذلك إلى تحقيق “التفوق اليهودي”، من خلال تقييد الهجرة لغير اليهود والاستيلاء على الأراضي الفلسطينيّة لأجل بناء بلدات لليهود فقط، وفي موازاة ذلك إنشاء “معازل فلسطينيّة” على مساحات ضيقة.
ويوضح المركز الحقوقي أن ذلك يأتي في ظل استخدام الاحتلال أيضا وسائل أخرى، تشمل فرض قيود مشدّدة على حرية حركة وتنقّل الفلسطينيين، وتجريد ملايين الفلسطينيين من الحقوق السياسية، وبحسب بتسيلم، فإن هناك اليوم أكثر من 280 مستوطنة وبؤرة استيطانية في أنحاء الضفة الغربيّة (يشمل شرقيّ القدس) يقيم فيها أكثر من 600 ألف مستوطن يهودي، بعد أن نهبت إسرائيل من الفلسطينيّين أراضي أخرى لأجل شق مئات الكيلومترات من الشوارع الالتفافيّة المخصّصة للمستوطنين، ويشير المركز إلى أن ذلك يأتي في وقت يسيطر فيه الجيش، على جميع شواريع الضفة الغربيّة الموصلة بين المعازل الفلسطينية، لافتا إلى أن هذه السيطرة تتيح للجيش أن ينصب الحواجز متى شاء وأن يسد مداخل القرى وأن يغلق الشوارع ويمنع الحركة في الحواجز، فضلا عن الجدار الفاصل داخل أراضي الضفة.
ويقول المكتب الوطني لمقاومة الاستيطان، إن حكومة الاحتلال، إلى جانب مضيها في تنفيذ مشاريع استيطانية خطيرة، تسمح لمنظمة “شبيبة التلال الإرهابية” للمس بحقوق الفلسطينيين حيث تقود الحركة اليمينية المتطرفة جميع عمليات المستوطنين في الضفة الغربية والتي تطال فلسطينيين بتدمير أراضيهم الزراعية وتخريبها، أو من خلال مهاجمة منازلهم، ورشق مركباتهم بالحجارة، وتخريبها.
وتطرق التقرير إلى الهجمات الأخيرة التي شهدت ارتفاع ملحوظ في أحداث العنف التي يرتكبها هؤلاء المستوطنون ضد الفلسطينيين في الضفة الغربية، حيث أن المعطيات الرسمية لوزارة الجيش الإسرائيلية تظهر أن شهر ديسمبر الماضي، شهد زيادة هي الأعنف في الهجمات التي تُشن ضد الفلسطينيين على يد المستوطنين منذ 2017.
وكان لافتا أن لـ”البؤر الاستيطانية”، دور واضح في السيطرة على أراض الفلسطينيين في الضفة الغربية، وقد ساعد في ذلك المنطق الأمني الاسرائيلي في خلق وجود مستوطنين مسلحين إلى جانب مستوطنات معزولة.
وقد رصد التقرير الفلسطيني، جملة الهجمات الاستيطانية الأخيرة، والتي شهدت تسارع في الخطوات بشكل ملحوظ في الفترة التي سبقت تنصيب الرئيس الأمريكي المنتخب جو بايدن، حيث أصدر نتنياهو، تعليماته للجهات المختصة بالمصادقة على بناء 800 وحدة استيطانية في عدة مستوطنات بالضفة الغربية بما فيها القدس، كما صادقت لجنة محلية تابعة لسلطات الاحتلال على بناء 530 وحدة استيطانية شرق مدينة القدس المحتلة، حيث تقرر بناء 400 وحدة في حي “جيلو” الاستيطاني جنوب القدس، و130 في مستوطنة “رمات شلومو” شمالاً.
إلى هذا وبضغط من مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، وقبل دخول جو بايدن للبيت الأبيض، صادقت لجنة خاصة من بلدية القدس على مخططات لإقامة مجمعين دبلوماسيين، أحدهما يهدف لتوسيع مقر السفارة الأمريكية بالمدينة، كما تقرر توسعة المبنى الحالي للسفارة الأمريكية في حي “أرنونا” بمساحة 50000 متر مربع.
وفي خطوة تؤشر على عنصرية بغيضة قامت الإدارة المدنية، بفتح مركز اتصالات لتلقي المعلومات عن البناء غير المرخص في الضفة الغربية، في موقع مستوطنة “كوخاف يعقوب” لاستقبال الوشايا ضد الفلسطينيين، من خلال الطلب من المستوطنين الذين يقطنون المستوطنات، التبليغ عن أعمال البناء الفلسطينية القريبة من مناطق التماس.
وقد رصد التقرير الفلسطيني، الهجمات الاستيطانية الأخيرة التي استهدفت المناطق الفلسطينية، سواء التي نفذتها قوات الاحتلال، أو مجموعات من المستوطنين، والتي تخللها هدم منازل واقتلاع أشجار وتدمير ممتلكات، وإغلاق طرق ومداخل العديد من البلدات.