2024-11-24 06:09 م

نتنياهو في مواجهة معركة انتخابية تختلف عن سابقاتها

2020-12-27
القدس/المنـار/ هناك انشغال واضح للاعلام الاسرائيلي بموضوع تبكير الانتخابات والساحة الحزبية، ونقل التحليلات والتوقعات التي تسفر عنها المعركة الانتخابية الرابعة خلال عامين، وتركز على بنيامين نتنياهو، وكيف سيكون عليه رده على خصومه من اليمين.
والمتابع لما ينشره هذا الاعلام، يجد أن هذه هي المرة الاولى منذ عشر سنوات التي يقاد فيها بنيامين نتنياهو الى المعركة الانتخابية، بعدما كان هو الذي يحدد توقيت الذهاب اليها، والانتخابات المرتقبة ستكون مختلفة بكل المقاييس عن سابقاتها، فهي الاكثر ضبابية، والاولى التي سيواجه فيها نتنياهو خصوما من اليمين لا يعترفون بقيادته وزعامته للمعسكر الوطني، ويطرحون أنفسهم "بدلاء" عنه لتسلم زمام قيادة هذا المعسكر وقيادة الدولة.
وهذا لا يعني أن نتنياهو لم يكن يرغب بالذهاب الى انتخابات مبكرة، وقطع الطريق على زعيم أزرق ابيض بيني غانتس تسلم مقاليد الحكم كما ينص عليه الاتفاق الائتلافي المحدد نهاية العام القادم، لكن، نتنياهو اعتاد أن يضع بنفسه برنامج الحراك الداخلي ورسمه بريشته وصياغته بالشكل الافضل.
لقد اتبع نتنياهو طوال السنوات الماضية سياسة تقوم على ملء رصيده الشعبي والزمني أيضا مع بداية كل ولاية لرئيس امريكي جديد، لعدة اسباب في مقدمتها تعزيز مكانته وموقعه وقدرته على ادارة الحوار الاستراتيجي مع أهم حلفاء اسرائيل، وكذلك كسب فترة زمنية يمكن من خلالها مراقبة تحركات الادارة الجديدة وملامح سياستها الخارجية والابتعاد عن قطع أية تعهدات ووعود او التزامات قبل ان تكتمل صورة الخطاب الخارجي، لهذه الادارة سواء أكانت جمهورية أو ديمقراطية.
رئيس الوزراء الاسرائيلي كان يرغب في اختيار توقيت ملائم يخوض فيه الانتخابات، وانظاره كانت تتجه الى نهاية النصف الاول من العام 2021، وهذه الرغبة غذتها تحركات الخصوم في الحلبة الحزبية وتحديدا في الجناح اليميني ممثلا في نفتالي بينت الذي بدأ حراكه مبكرا ليلحق به جدعون ساعر في حركة انشقافية حملت معها الكثير من المعاني وتسببت بكثير من الضرر وكشفت عن جيوب تمرد ظهرت بوضوح في جلسة الكنيست الدراميتيكية الاجهيرة التي ترتيب عليها انطلاق قطار الانتخابات من محطته.
لذلك، الانتخابات القادمة ليست سهلة بالنسبة لنتنياهو كما لن تكون سهلة لخصومه لا من اليسار ولا ممن يشكك في قيادته لليمين، فجميعهم يدركون جيدا أن نتنياهو لاعب متمرس وعندما يرتدي قفازات المباراة الانتخابية فانه قادر كما اكدت التجارب على التفوق على خصومه، والبعض منهم بالضربة القاضية، وفي سجل نتنياهو الكثير من الضحايا الذين انتهت حياتهم السياسية على يديه، مدركا عدم وجود زعيم في الحلبة الحزبية قادرا على تجميع خصومه تحت جناحيه ليدخل في صراع الند للند، وهذا التشتت لدى الخصوم هو سبب ومصدر ضعفهم وتكبدهم الخسارة.
لكن، رغم جميع هذه الحقائق والبحث المستمر عن نجوم جدد لخطف بعض الوهج الذي يتمتع به نتنياهو في السباق الانتخابي وعملية البحث هذه سوف تتواصل حتى شهر شباط القادم موعد اغلاق باب تسجيل القوائم المشاركة في الانتخابات المقرر ان تجري نهاية اذار القادم. وهذا يعني أن جميع استطلاعات الرأي التي نشاهدها صباحا مساء في وسائل الاعلام وعلى صفحات المواقع الاخبارية ستشهد تغييرات وتبدلات كلما اقتربنا اكثر من لحظة الحسم فالارقام تتبدل كلما تنوعت "البضاعة" ودخلت "اصناف" جديدة الى قائمة التداول الانتخابي.
هذه الفوضى الداخلية والضبابية ستؤدي في نهاية هذا الحراك وعشية الانتخابات الى بروز نجوم جدد، لكن السؤال: هل يمكن لبورصة الاسماء ان تتغلب على نتنياهو، فهو ذاهب الى هذه الانتخابات وبيده الكثير من الاوراق الرابحة، بعضها مجهول والاخر معلوم، قسم منها رابح وشيكات مؤجلة كان يأمل بصرفها جميعا قبل موعد الانتخابات والقسم الاخر اوراق جاهزة تنتظر التوقيت الذي يختاره نتنياهو، ومن جهة هناك الحرب على جائحة كورونا، حيث صرح نتنياهو بان اسرائيل ستكون الدولة الاولى التي ستجتاز هذه المحنة من خلال اللقاحات التي بدأ يوفرها وتوسيع دائرة التطعيم.
اما المسار الثاني فهو التطورات غير المسبوقة في حياة دولة اسرائيل، ونتنياهو على الاغلب لن يتوقف عن اخراج اتفاقيات التطبيع وابرامها مع دول اخرى، فالاتفاقية مع المغرب ليست الاخيرة، والاتفاقيات التطبيعية مبنية على مصالح استراتيجية وكل اتفاقية تحمل في طياتها خصائص ومزايا استراتيجية تختلف عن الاخرى.