2024-11-01 04:40 م

بدأت عادةً وثنية وصارت رمزا للسنة الجديدة.. تاريخ شجرة «الكريسماس»

2020-12-25
تتبادر للذهن صورة شجرة «الكريسماس» بزينتها الملونة والمُبهجة كلما ذكرت احتفالات بداية السنة الميلادية الجديدة، فما أصل هذه الشجرة؟

وما رحلتها التي مرت بها حتى وصلت للصورة الحالية وارتبطت بالسنة الميلادية الجديدة وأمانيها؟ هذا ما نحكيه في السطور التالية.

ما هي شجرة «الكريسماس»؟
وفقًا للموسوعة البريطانية، فشجرة الكريسماس أو شجرة عيد الميلاد هي شجرة دائمة الخضرة، غالبًا ما تكون شجرة صنوبر أو تنوب، ويتم تزيينها بالأضواء والزخارف تجهيزًا لاحتفالات عيد الميلاد.

يمكن أن تكون أشجار الكريسماس مقطوعة حديثًا، أو مزروعة بوعاء أو اصطناعية.

وترتبط الشجرة تقليديًّا بالديانة المسيحية، إلا أن استخدامها الحديث أصبح علمانيًّا إلى حد كبير، فكثيرون حول العالم على تنوع واختلاف دياناتهم يُزينون شجرة الكريسماس أثناء احتفالاتهم ببداية سنة جديدة، ويجهزون الشجرة منذ ديسمبر (كانون الأول)، ويزينونها في منازلهم بالأضواء والحلي، ويضعونها على الرصيف في يناير (كانون الثاني).

«الكريسماس» من الوثنية للاحتفال بالسنة الجديدة
الأشجار دائمة الخضرة كانت ديكورًا موسميًا أساسيًا منذ العصور القديمة في الاحتفالات الموسمية الشتوية الوثنية.

كتبت كارول كوزاك، أستاذة الدراسات الدينية بجامعة سيدني، في رسالة لموقع ناشيونال جيوجرافيك:«كانت الخضرة في مهرجانات منتصف الشتاء من المراسم التقليدية في العالم القديم، وكان يتم استخدامها للتعبير عن انتصار الحياة والضوء على الموت والظلام».

تُرجع الموسوعة البريطانية استخدام الأشجار دائمة الخضرة وأكاليل الزهور لتقاليد قدماء المصريين والصينيين والعبرانيين، وعن استخدامهم لها للتعبير عن الحياة الأبدية.

وتذكر أيضًا أن عبادة الشجرة كانت شائعة بين الأوروبيين الوثنيين قبل تحولهم إلى المسيحية، وفي العادات الاسكندنافية كانت تُستخدم الأشجار دائمة الخضرة لتزيين المنزل والحظيرة بالخضرة في العام الجديد، والهدف من ذلك إخافة الشيطان.

من الصعب تحديد متى وأين تحولت هذه التقاليد الوثنية إلى تقليد شجرة الكريسماس كما نعرفه بشكله الحالي، وترى العديد من البلدان أنها أساس ظهور شجرة الكريسماس.

وهناك أساطير متنافسة تسعى لتفسير ظهور شجرة الكريسماس. ورغم انتشارها في مناطق كثيرة حول العالم إلا أن أصولها تُرجع لمناطق ذات غابات وفيرة دائمة الخضرة، خاصةً تلك الموجودة في شمال أوروبا.

ترى كل من لاتفيا وإستونيا، في شمال أوروبا، أنهما كانتا الموطن الأصلي لشجرة الكريسماس الأولى، وتُرجع لاتفيا تقاليد شجرة الكريسماس الخاصة بها إلى عام 1510، لترد إستونيا بإن لديها أدلة على وجود مهرجان ظهرت خلاله شجرة الكريسماس عام 1441، وقد شكك المؤرخون في كلا الادعائين، لكن هذا لم يمنع البلدين من التنافس للحصول على حق لقب «موطن رأس شجرة الكريسماس».

وتقول كوزاك لناشيونال جيوجرافيك، إنه من المرجح أن تكون شجرة عيد الميلاد كما نعرفها قد ولدت في منطقة الألزاس خلال القرن السادس عشر، وقد أصبحت هذه المنطقة الآن جزءًا من فرنسا، ولكنها كانت تُعتبر أراضٍ ألمانية في ذلك الوقت.

وتستدل كوزاك على ذلك بالسجلات التاريخية التي تُشير إلى أن شجرة عيد الميلاد نشأت في كاتدرائية ستراسبورج عام 1539، وأن التقليد نما بشكل كبير في جميع أنحاء المنطقة لدرجة أن مدينة فرايبورج، في عام 1554، حظرت قطع الأشجار لاستعمالها في الاحتفال بعيد الميلاد.

واحدة من أساطير الكريسماس أنّ مارتن لوثر، أبا الإصلاح البروتستانتي، اعتقدَ أن أشجار الصنوبر تمثل الحُسن الإلهي، ويُقال إن لوثر هو أول من علّق الشموع المضاءة على شجرة في القرن السادس عشر.

يؤكد موقع «هيستوري History» على الأصل الألماني للشجرة أيضًا، ويذكر أن الفضل يعود لألمانيا «في بدء تقليد شجرة عيد الميلاد كما نعرفها الآن، وذلك في القرن السادس عشر عندما بدأ المسيحيون المتدينون في جلب أشجار مزخرفة إلى منازلهم، وقد بنى البعض منهم أهرامات عيد الميلاد من الخشب وزينوها بالخضرة الدائمة والشموع».

الشجرة.. من ألمانيا للعالم
نقل الألمان تقليد شجرة الكريسماس معهم حيثما انتقلوا في هجراتهم.

ففي حالة إنجلترا، تحديدًا في سبعينيات القرن الثامن عشر، كانت شارلوت، زوجة الملك جورج الثالث، مولودة في ألمانيا، واستمرت بتقليد تزيين الأشجار بمناسبة رأس السنة.

ومع ذلك، يُعتقد أن الأمير ألبرت، الألماني المولد، وزوجته الملكة فيكتوريا ملكة بريطانيا، هما اللذان نشرا تقليد شجرة الكريسماس بين البريطانيين، فقد جعل الزوجان أشجار الكريسماس جزءًا بارزًا من احتفالات العيد.

وفي عام 1848 نُشر رسم توضيحي للعائلة المالكة حول شجرة مزينة في صحيفة بلندن، وبعدها، سرعان ما أصبحت أشجار الكريسماس شائعة في المنازل الإنجليزية.

أدخل المستوطنون الألمان أيضًا أشجار الكريسماس إلى الولايات المتحدة. وفي البداية، عارضه متدينون بسبب جذوره الوثنية، بل حظر المسؤولون في واحدة من المستعمرات الاحتفال بعيد الميلاد، ففي عام 1659، أصدرت المحكمة العامة في ولاية ماساتشوستس قانونًا يعتبر الاحتفال به غير قانوني. الفعل الوحيد المسموح به هو حضور الكنيسة، وكان من غير المسموح رؤية الزينة، وخاصة الأشجار.

لم تكتسب احتفالات عيد الميلاد شعبيةً واسعة في الولايات المتحدة إلا في عشرينيات القرن التاسع عشر، ويُقال إن أول شجرة كريسماس عُرضت في البلاد كانت في ثلاثينيات ذلك القرن.

ظهور شجرة «الكريسماس» الاصطناعية
مع انتشار التقليد في دول عدة عالميًا، ظهر تأثيره الضار على الغابات، وخاصةً في ألمانيا.

ونتيجة لذلك، أنتج الألمان أشجارًا اصطناعية من ريش الإوز في ثمانينيات القرن التاسع عشر، وانتشر هذا الأسلوب في دول أخرى ولكن استبدل ريش الإوز بمواد أخرى.

حدث تطور آخر في ثلاثينيات القرن الماضي، عندما زُعم أن الشركة المُصنعة لفرش المرحاض استخدمت فائضًا من المنتجات لإنشاء شجرة اصطناعية، وقد اكتسبت هذه الأشجار ذات الشعر الخشن شعبية كبيرة، ولكن تم استبدالها لاحقًا بالألمنيوم ثم البلاستيك.

في الولايات المتحدة، 85% من أشجار الكريسماس التي تُزينها الأسر اصطناعية، وفقًا لمسح أجرته جمعية شجرة الكريسماس الأمريكية لعام 2020، بينما تم شراء 26 مليون و200 ألف شجرة كريسماس حقيقية أو طبيعية في عام 2019، وفقًا للرابطة الوطنية لأشجار الكريسماس.

الآن أصبحت شجرة الكريسماس مُرتبطة إلى حد كبير ببداية سنة جديدة، ويجادل الكثيرون الآن بأنها قد فقدت جذورها المسيحية، مثلما فقدت جذورها الوثنية من قبل، وأنها قد تطورت لتشمل احتفال أصحاب الأديان الأخرى ببداية سنة جديدة.

(ساسة بوست)