2024-11-23 07:03 م

هل يقوم ابن سلمان بإعدام أبناء عمومته المعتقلين؟

2020-12-07
سلط موقع “عربي بوست” في تقرير مطول له الضوء على سياسات ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، القمعية ومستقبل المملكة في حال أصبح ملكا ومصير أبناء عمومته المعتقلين وعلى رأسهم الأمير محمد بن نايف وأبناء عمه الملك الراحل عبدالله.

 

وأشار التقرير إلى أن صراع العروش ومؤامراته ليس بالأمر الجديد في السعودية، وكذلك قمع الحكام المستبدين لمنتقديهم والسعي لإسكاتهم، لكن الجديد هو الأساليب التي يبدو أن ولي العهد السعودي، في سعيه للجلوس على عرش المملكة، قد طوّرها مستغلاً ثروة بلاده النفطية.

اغتيال خاشقجي والقشة التي قصمت ظهر البعير
وظلت أساليب محمد بن سلمان العنيفة والمتنوعة في التخلص من خصومه أو منتقديه، منذ جلوس والده الملك سلمان على العرش مطلع 2015، تتردد بعيداً عن ساحات المحاكم، وكثير منها لم يجد طريقه إلى وسائل الإعلام، حتى وقعت جريمة اغتيال الصحفي المعارض جمال خاشقجي في قنصلية السعودية في إسطنبول بتركيا، مطلع أكتوبر 2018، وهي الجريمة التي هزت وجدان العالم، نظراً لبشاعتها من حيث التنفيذ والتخطيط.

 

لكن تظل القضية التي قام برفعها سعد الجبري، مسؤول الاستخبارات البارز سابقاً والمستشار الخاص السابق لولي العهد السعودي السابق الأمير محمد بن نايف، أمام محكمة فيدرالية في العاصمة الأمريكية، يتهم فيها ولي عهد السعودية الحالي محمد بن سلمان بمحاولة قتله، هي المصدر الأبرز للمعلومات، حيث ألقت الضوء على كثير من القضايا المتعلقة بتخلص بن سلمان من منتقديه.
والواضح أن الجبري يمثل تهديداً مباشراً لابن سلمان، حيث يسعى الأخير بكل الطرق إلى إسكات مسؤول المخابرات السابق، وكان آخر تلك المحاولات ما كشفت عنه رويترز أمس الأربعاء، 26 أغسطس/آب، من اعتقال الأمن السعودي لصهر الجبري.

 

سعد الجبري كابوس يؤرق ولي العهد
وقالت عائلة الجبري في بيان على تويتر، نشره نجله خالد، إنه جرى استدعاء سالم المزيني، صهر الجابري، يوم الإثنين لمكتب أمن الدولة، حيث تم احتجازه، وجاء في البيان أن اعتقاله واختفاءه هما أحدث أعمال الانتقام والترهيب من قِبل ولي عهد السعودية ضد الجابري، لتقديمه دعوى قضائية أمام محكمة اتحادية أمريكية بموجب قانون حماية ضحايا التعذيب.
وكانت عائلة الجبري ومصادر مطلعة على الأمر قالت لرويترز في وقت سابق هذا العام، إن السلطات السعودية اعتقلت بالفعل ابنَي سعد الجابري البالغَيْن وشقيقه، في مارس/آذار، لمحاولة إرغامه على العودة إلى المملكة من كندا التي يعيش فيها.

 

وكان الجبري مساعداً للأمير محمد بن نايف، الذي كان ولياً للعهد، قبل أن يحل محله في عام 2017 الأمير محمد بن سلمان، وذكرت المصادر أن الجبري كان مطلعاً على معلومات حساسة يخشى الأمير محمد أن تلحق الضرر به.
سيفعل أي شيء مقابل الجلوس على العرش
ما يصفه البعض بأنها سلسلة من “الإجراءات الاستثنائية” من جانب ولي العهد لتهميش منافسيه، والتخلص من أي شخص ربما يمثل تهديداً لجلوس محمد بن سلمان على العرش خلفاً لأبيه، هو في واقع الأمر أساليب متنوعة بين التقطيع والخطف والاعتقال، وليس فقط الترغيب أو شراء الولاءات بالمال.

 

ومن بين تلك الأساليب تظل جريمة اغتيال خاشقجي، الذي كانت كل جريمته ممارسة عمله كصحفي ينتقد أحياناً بعض قرارات محمد بن سلمان هي الأبشع نظراً لطبيعة الفريق الذي نفذها كنائب رئيس المخابرات السعودية أحمد العسيري، والمستشار الخاص لابن سلمان سعود القحطاني، إضافة لاستخدام إمكانات المملكة المادية واللوجستية، وتنفيذ الجريمة في قنصلية المملكة بتركيا، بمشاركة وإشراف القنصل السعودي هناك، ما يعني تكريس إمكانات دولة بحجم السعودية للتخلص من مواطن سعودي معارض لبعض سياسات ولي العهد.
وعلى الرغم من نفي محمد بن سلمان إصدار أوامر قتل خاشقجي، واعترافه بتحمل المسؤولية الكاملة بصفته الزعيم الفعلي للمملكة، فإنه لا يبدو أن أحداً يصدقه، كما أنه من الواضح أن ذلك لا يعنيه كثيراً، ويبدو ذلك جلياً من تعامله مع الجبري، واحتجاز عائلته داخل المملكة، وكذلك الأمر مع عائلة جمال خاشقجي والمحاكمة التي وصفت بالهزلية لمن نفذوا جريمة التقطيع وتبرئتهم في نهاية الأمر.

 

الخطف الوسيلة الأكثر استخداماً
قضية الجبري ألقت الضوء على عملية اختطاف أخرى نفذها وأشرف عليها سعود القحطاني، المشرف على فرقة الاغتيالات التي أسسها محمد بن سلمان، لتكون ذراعه الثقيلة في البطش بمعارضيه، خصوصاً هؤلاء الموجودين خارج المملكة، وهذا ما كشفت تفاصيله مجلة Vanity Fair الأمريكية في تقرير عن عملية خطف الأمير سلطان بن تركي الثاني.

 

تقرير المجلة قال إن ولي العهد اختطف ابن عمه سلطان بن تركي الثاني من فرنسا، بعدما كتب الأخير رسالة انتقد فيها الملك سلمان والأمير محمد، مشيراً إلى أن الأمير تركي كان على متن طائرة أرسلها بالديوان الملكي وهبطت في الرياض بدلاً من القاهرة، ومن بعدها اختفى الأمير تركي.
وبحسب تقرير المجلة، كان سعود القحطاني هو من قاد فريق الاختطاف الذي استطاع إيقاع الأمير تركي في الفخ، وخدعه بعدما منحه الكثير من التطمينات، وهو ما يشير إلى أن خطف المعارضين هو الخيار الأول المفضل لابن سلمان، فقد كشفت تفاصيل جريمة اغتيال خاشقجي أن اختطافه والعودة به إلى المملكة كان أحد سيناريوهات مهمة فريق الاغتيالات، وأن سيناريو القتل والتقطيع وإذابة الجثة كان أحد الخيارات التي سافر الفريق مستعداً لها أيضاً.

 

وبحسب المصادر، كانت الرسالة نابعة بالأساس من خوف ولي العهد من أمراء آل سعود المعترضين على الصعود غير المنطقي للشاب، الذي يصفه كثير من المحللين الغربيين بالأرعن والمقامر، خصوصاً في حالة وفاة والده الملك بصورة مفاجئة، إذ ربما تشهد المملكة حدثاً آخر غير مسبوق يتمثل في غياب لمشهد البيعة المعتاد منذ وفاة جده الملك المؤسس عبدالعزيز آل سعود.

 

الاعتقال لمن قد يمثل تهديداً
لم تكن واقعة الريتز الشهيرة التي اعتقل فيها محمد بن سلمان غالبية أمراء آل سعود وأثرياء السعودية، في نوفمبر/تشرين الثاني 2017، سوى مؤشر صارخ على المدى الذي قد يذهب إليه ولي العهد للتخلص من خصومه، مهما كانت قوتهم أو قرابته معهم، كونهم أعمامه وأبناء عمومته، فإذا كان المعارض الموجود في دولة خارجية مصيره القتل أو الاختطاف، فإن أي تهديد -من وجهة نظر بن سلمان- من أحد موجود داخل المملكة فمصيره الاعتقال والسجن.

 

ولم تقتصر قائمة المعتقلين على المنافسين المحتملين من داخل آل سعود. بل امتدت لتشمل رجال دين مثل الدكتور سلمان العودة ورفاقه، والمحكوم عليهم بالإعدام، ومسؤولين سابقين أخطرهم الجبري، وصحفيين وإعلاميين ونشطاء حقوقيين والقائمة تطول.

 

أفعاله جنونية ولا يمكن لأحد توقعها
حتى بعض الناشطات السعوديات المطالبات بحقوق المرأة، مثل قيادة السيارة. وهي الحقوق نفسها التي بشر بها محمد بن سلمان نفسه في معرض تقديم نفسه للغرب كزعيم إصلاحي يحارب التطرف ويسعى لتحويل السعودية من مملكة مغلقة ومحافظة إلى دولة مدنية عصرية منفتحة، لم يسلمن من بطشه، وتم اعتقالهن، أشهرهن لجين الهذلول، ولا تزال داخل سجون ولي العهد، رغم حصول المرأة السعودية على حق قيادة السيارات وكثير من الحقوق الأخرى.

 

وفي النهاية لا أحد يمكنه أن يتوقع ما قد يقدم عليه ولي العهد حال جلوسه على العرش. خصوصاً أن الادعاءات بتورطه المباشر في جرائم كاغتيال خاشقجي ومحاولة اغتيال الجبري قائمة ومنظورة أمام محاكم خارج المملكة. سواء في تركيا أو الولايات المتحدة، وهناك مطالبات بفتح تحقيق دولي في تلك الجرائم لا تزال مطروحة.

هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى تظل التساؤلات مفتوحة بشأن مصير الأمراء المعتقلين. خصوصاً بن نايف وأحمد بن عبدالعزيز وغيرهما. فهل يقوم بن سلمان بإعدامهم؟ وكيف سيكون رد فعل أسرهم وأتباعهم؟ كلها أسئلة يواجهها ولي العهد ولا أحد يمكنه التنبؤ بما قد يقدم عليه.
الوطن+عربي بوست