بقلم: نادية عصام حرحش
بينما كنت اقلّب محطات التلفزة توقفت أمام إحدى المحطات الفلسطينية (والتي كانت تبث برنامجا عن قرار إسرائيل بتوسيع احدى المستوطنات ما بين القدس وبيت لحم وكانت الشارة الإخبارية مثبتة على العبارة التالية: (توسيع مستوطنة جغعات هاماتوس يهدف الى قطع التواصل الجغرافي بين مدينتي القدس وبيت لحم – الموقف الأوروبي-…
. وكان هناك ما يبدو مساءلة للمتحدث باسم الاتحاد الأوروبي عن موقف الاتحاد بهذا الصدد.
المطلوب موقف أوروبي!! كيف سيكون الموقف الأوروبي بعد اعلان الانتصار الفلسطيني العظيم؟ قلت متسائلة.
فلقد تزامن هذا مع اعلان السلطة الفلسطينية انتصارها على صفقة القرن وإعادة التنسيق الأمني.
بالبداية، لم اعر الامر الكثير من الأهمية، وفكرت ان ما جرى من اعلان خرج من توافقات إسرائيلية فلسطينية على ضوء خروج ترامب المرتقب، وربما مفاوضات تجري، ومحاولة إعادة الأمور الى “نصاب طبيعي” ما.
لا اعرف كذلك ما هو الطبيعي المرتجى؟ الوضع قبل الكورونا، ام الوضع قبل اعلان الحل من الاتفاقيات من قبل الرئيس الفلسطيني؟ ام الوضع قبل وفاة رئيس المفاوضات؟ ام الوضع قبل اعلان صفقة القرن؟ او الوضع قبل اعلان إسرائيل عن شروعها بالضم؟ ام الوضع قبل اتفاقيات التطبيع مع الدول العربية تباعا؟ ام الوضع بعد اعلان إسرائيل توسيع المستوطنة المذكورة أعلاه؟ وما هو الوضع الذي سنكون عليه اليوم؟
هذه الفجوة التي تتسع في هوها وعمقها وابعادها تبدو وكأنها تسحبنا جميعاً الى داخلها، كانهيار السدود او الانهيارات الثلجية. انهيار يسحب معه كل شيء الى اللا شيء.
الحقيقة يصعب الإشارة الى مكان محدد للخلل، فلم يعد هناك خلل. هناك كارثة نعيشها ولم يعد تحديد مكان بعينه لدرء الكارثة يجدي أي نفع. نعيش على تصريحات مدوية نعرف جيداً انها مليئة بكل شيء الا الحقيقة. فارغة من كل معنى الا الصدى المزعج للفراغ. .. وصلت الى حد سخرية العدو بنا!
إعلان السلطة العودة للتنسيق، بدا للوهلة الأولى وكأنه جراء تسريب لرسالة بعثها المنسّق الأمني الإسرائيلي إلى وزير شؤون التنسيق من الجانب الفلسطيني، عضو مركزية فتح حسين الشيخ. وتداول الرسالة يبدو مثيرا في تفسير حالة الضياع الذي نعيشه بداخل متاهة مليئة بالانهيارات، التي لا نلبث نتحرك نحو مخرج محتمل حتى تنهار علينا. فما تم تداوله بكتاب باللغة الإنجليزية على انه عودة التنسيق الأمني وانتصار السلطة والانجاز التاريخي واعترافها ورضوخها للاتفاقات المشتركة لم يكن الا رد المنسق الأمني الإسرائيلي على رسالة حسين الشيخ بعد أكثر من شهر لكتاب الأخير. حيث جاء كتاب المنسّق الإسرائيلي ليؤكّد على “انّ إسرائيل ستستمر بجباية الضرائب على حسب الاتفاقيات الثنائية بين الطرفين التي لا تزال سارية على الأطراف. وأنّ رفض الجانب الفلسطيني اخذ مستحقات الجباية المترتب على دفع الفلسطينيين لضريبة المقاصة ليس مشكلة الجانب الإسرائيلي، لأنه -على حسب المنسق الإسرائيلي -“وللأسف” ان عدم اخذ أموال الضرائب المستحقة كان قرارا فلسطينيا. “
تساءلت لوهلة عن فحوى الرسالة التي تم بعثها من قبل الجانب الفلسطيني وبدأت بالتخمين حتى جاءني الوزير الشيخ بالجواب اليقين من خلال مقابلة أجراها معه تلفزيون فلسطين، أكّد فيها على انه – الشيخ – كان قد بعث سائلا المنسق ما يلي: “هل ما زالت الحكومة الاسرائيلية ملتزمة بالاتفاقيات الموقعة بين منظمة التحرير وإسرائيل”؟
سؤال الشيخ للمنسق كان في تاريخ