2024-11-24 02:49 م

ما الذي ينتظر التحالف السعودي الإماراتي بعد رحيل ترامب؟

2020-11-10
سمح الرئيس الامريكي دونالد ترامب منذ وصوله إلى الحكم مطلع عام 2017 للمحور الإماراتي السعودي بالتدخل في شؤون دول المنطقة، غير أن نتائج الانتخابات الأمريكية الأخيرة قلبت الأمور رأساً على عقب، بعدما تمكن المرشح الديمقراطي جو بايدن من الوصول إلى البيت الأبيض.

وجاء فوز بايدن برئاسة الولايات المتحدة بعد ماراثون انتخابي إمتد خمسة أيام، وكانت فيه دول العالم تحبس أنفاسها انتظاراً لما ستسفر عنه هذه الانتخابات، وقد انتهى الأمر بهزيمة ترامب الذي كان يمثل سنداً رئيسياً لأبوظبي والرياض في البيت الأبيض.

ويمثل رحيل ترامب ضربة قاصمة للمحور السعودي الإماراتي الذي بسط نفوذه وفرض أجنداته شديدة الخصوصية خلال ولاية ترامب، ما وصل بالمنطقة عموماً إلى حافة الانفجار.

فبعد ستة أشهر فقط من وصوله إلى الحكم ضربت السعودية والإمارات، ومن خلفهما مصر والبحرين، حصاراً محكماً على قطر بحجة دعمها للإرهاب، وفرضوا عليها شروطاً تسحق سيادتها مقابل رفع الحصار، وهو ما رفضته الدوحة شكلاً وموضوعاً، ومضت في تفكيك التداعيات عبر القنوات الدبلوماسية والعلاقات الدولية.

وخلال حكم ترامب زادت الإمارات والسعودية من تدخلاتهما في اليمن وليبيا، وامتدت يداهما إلى السودان، بل وإلى الشمال السوري، حيث المسلحون الأكراد الذين يقاتلون تركيا.

ومنذ العام 2017 وحتى لحظة إعلان سقوط ترامب في الانتخابات، حصلت الرياض وأبوظبي على مبيعات عسكرية غير مسبوقة، حيث تجاوز الرئيس الأمريكي الكونغرس أكثر من مرة لتمرير صفقات أسلحة للبلدين.

وفشل ترامب، أو لم يسع بجدية، لرفع الحصار المفروض على دولة قطر منذ أكثر من ثلاث سنوات رغم تحالفه القوي مع أبوظبي والرياض، في حين نجح  بتمرير صفقات تطبيع مع دولة الاحتلال دون أي مراعاة للحقوق التاريخية للفلسطينيين.

ونجح ترامب إلى حد كبير في تمويت جريمة اغتيال الصحفي السعودي جمال خاشقجي داخل قنصلية بلاده بإسطنبول نهاية 2018، وقد نقل الصحفي بوب وورد، في كتابه الجديد "الغضب"، قول ترامب له في أحد اللقاءات إنه أنقذ ولي العهد السعودي محمد بن سلمان من تداعيات هذه الجريمة.

وقبل شهرين من الانتخابات بدأ ترامب حملة تطبيع غير مسبوقة شملت الإمارات والبحرين والسودان، متجاهلاً قرارات الشرعية الدولية الخاصة بفلسطين، كما أنه غضّ الطرف تماماً عن عمليات الاستيطان الواسعة التي تنفذها سلطة الاحتلال في الأراضي المحتلة.

كما كان لترامب دور مهم في دعم الأنظمة المستبدة التي تحظى بدعم الرياض وأبوظبي في المنطقة، وعززت سياسته الانتهاكات الواسعة لحقوق الإنسان في الإمارات والسعودية ومصر والبحرين، فضلاً عن جرائم الحرب التي ارتكبها اللواء المتقاعد خليفة حفتر في ليبيا.

مدير مركز مينا للدراسات في واشنطن، خالد الجابر، يرى أن الجميع تنفس الصعداء في منطقة الشرق الأوسط بعد وصول  بايدن إلى البيت الأبيض، مشيراً إلى أن الجميع كان يعيش على شفا بركان طوال السنوات الأربع الماضية.

وفي تصريح صحافي قال الجابر إن ترامب جعل التوترات حاضرة طوال الوقت؛ لأنه تحالف مع أنظمة ديكتاتورية بناء على مصالح خاصة، وليس بناء على قيم أو مؤسساتية.

كما أنه (ترامب) شوّه صورة القيم الأمريكية التقليدية القائمة على احترام حقوق الإنسان، فضلاً عن أنه لم يتحالف فقط مع الأنظمة الشمولية في الشرق الأوسط، بل تجاوز ذلك للتحالف مع دول أخرى مثل روسيا لدعم شموليات الشرق الأوسط، بحسب الجابر.

وقد ساعد ترامب الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، الحليف القوي للرياض وأبوظبي، في تعزيز سلطته القمعية ومنحه مزيداً من القوة لسحق كل محاولات إحياء الحياة السياسية في مصر، عبر قتل واعتقال ومطاردة جميع التيارات السياسية بمختلف أيديولوجياتها.

في المقابل، زاد السيسي من الحصار المفروض على قطاع غزة الفلسطيني، وبحجة محاربة الإرهاب أخلى عدداً من مدن وقرى شمال سيناء الحدودية مع القطاع، فضلاً عن إغلاقه معبر رفح الحدودي بشكل شبه مستمر.

ومقابل مئات المليارات التي حصلت عليها واشنطن في عهد ترامب، تمكّن الأمير محمد بن سلمان والشيخ محمد بن زايد وعبد الفتاح السيسي، من فرض رؤيتهم على كل ما يجري بالمنطقة، بعدما أصبح القتل أو السجن مصيراً لكل من يحاول الاعتراض.

واستناداً لمبدأ المصلحة الخاصة ساعد ترامب ولي العهد السعودي في القفز على حكم البلاد على حساب ابن عمه ولي العهد السابق الأمير محمد بن نايف، ونجح محمد بن زايد في تقسيم اليمن وليبيا بشكل أكبر، ووضع يده على موانئهما المهمة عبر مليشيات مسلحة تابعة له.

كما تمكن عبد الفتاح السيسي، برعاية ترامب، من الإطاحة بكل منافسيه السياسيين سواء بالسجن مثل الفريق سامي عنان، أو المستشار هشام جنينة، أو بالإبعاد كما هو الحال مع الفريق أحمد شفيق، ونجح في إجراءات تعديلات دستورية تبقيه في الحكم حتى العام 2034.

لكن رياح الانتخابات الأمريكية الأخيرة جاءت بما لا تشتهيه سفن العواصم الثلاث التي بنت خططها المستقبلية على أساس استمرار ترامب في الحكم حتى العام 2024، وأصبح وجود جو بادين في البيت الأبيض يمثل خطراً كبيراً على هذه الخطط، بحسب مراقبين.

ومن المتوقع أن يغير رحيل ترامب شكل اللعبة في المنطقة، وسيعيد ترتيب الأوراق، كما يقول مدير مركز مينا للدراسات، مضيفاً: "الآن سنتعاطى مع رئيس جديد مختلف كلياً عن ترامب".

ومن وجهة نظر الجابر فإن ساكن البيت الأبيض الجديد يحمل أجندات تعود به إلى تفعيل دور المؤسسات والاتفاقيات الدولية، كما أن تعاطيه مع الشرق الأوسط والخليج سيتغير جذرياً.

ويعتقد الجابر أننا لن نرى الدعم العشوائي لما تقوم به أنظمة خليجية بعينها (الرياض وأبوظبي)، وأنه ستكون هناك إملاءات أمريكية للتعامل مع هذه الدول، ما يعني أن الأزمة الخليجية قد تشهد انفراجة قريبة وكبيرة، حسب رأيه.

وأغلب الظن أن منطقة الخليج ستشهد نهجاً جديداً؛ حيث من المحتمل أن يعيد بايدن التفاوض مع إيران بشأن ملفها النووي، وهو ما لا تريده الرياض ولا أبوظبي ولا "تل أبيب"، وقد تصدوا له بقوة خلال السنوات الأربع الماضية، كما يقول الجابر.

كما أن الملف اليمني قد يشهد تطوراً في عهد بايدن، الذي سيتحرك غالباً من أجل إيجاد حل سياسي مشترك بين الحوثيين والسعودية، بحسب الجابر، الذي يرى أن الرئيس الأمريكي الجديد سيعمد إلى تبريد الأزمات وإعادة بناء التحالفات الإقليمية والدولية بناء على القيم الأمريكية المعروفة، التي ستوقف أجندات الدول التي كانت تتحرك خارج حدودها بضوء أخضر من ترامب.

وستكون مسألة حقوق الإنسان في رأس أولويات بادين، يضيف الجابر، ومن ثم ربما يجري إطلاق سراح كثير من سجناء الرأي والنشطاء في عدد من البلدان التي كانت تنتهك هذه الحقوق بعلم من ترامب.

ومن المحتمل أن يعطي وجود بايدن في الحكم دفعة للمنظمات الحقوقية داخل وخارج الولايات المتحدة لفرض مزيد من الضغط على الأنظمة المستبدة التي كان ترامب يمثل حجر عثرة في طريق الضغط عليها.

وخلص الجابر إلى أنه "لو لم يحدث شيء من ذلك كله فإن رحيل ترامب الذي استنزف المنطقة وفرض التطبيع عبر الابتزاز دون إيجاد حل للدولة الفلسطينية هو مكسب كبير بحد ذاته".

وفي حين هنأت أبوظبي بادين بفوزه في الانتخابات بشكل سريع، فإن الصمت السعودي الرسمي تجاه فوز المرشح الديمقراطي أثار تساؤلات المغردين عبر مواقع التواصل الاجتماعي، خاصة أن بايدن انتقد السلطات في الرياض خلال المناظرات الرئاسية وحملاته الانتخابية، وتحديداً في ما يتعلق بقضية الصحفي السعودي جمال خاشقجي.

والأحد (8 نوفمبر)، أعلن عضو في الكونغرس الأمريكي عن الحزب الديمقراطي، أن بلاده ستوقف تمويل الحرب التي تقودها السعودية في اليمن منذ نحو 6 سنوات.

وقال رو خانا، في تغريدة على "تويتر": إننا "سنوقف تمويل الحرب السعودية في اليمن".

وكانت حملة جو بايدن قد أعلنت، وقت ترشحه، أنه "سيُنهي دعم الولايات المتحدة لحرب السعودية في اليمن إذا انتُخب رئيساً".

وأوضح بيان نُشر على صفحة بايدن الانتخابية: "سنعيد تقييم علاقتنا بالسعودية، وننهي الدعم الأمريكي لحرب السعودية في اليمن، ونتأكد من أن الولايات المتحدة لا تتنكر لقيمها من أجل بيع الأسلحة أو شراء النفط".

المصدر: الخليج اون لاين