2024-11-25 01:55 م

هل تعرقل سياسات بايدن المنتظرة مسار التطبيع في الشرق الأوسط؟!

2020-10-23
نشر مركز بيجن ــ السادات للدراسات الاستراتيجية مقالا للكاتب رافايل بينليفى يوضح فيه كيف ستؤزم سياسات بايدن المنتظرة فى الشرق الأوسط من مساعى الولايات المتحدة لتطبيع العلاقات بين الدول العربية وإسرائيل... نعرض منه ما يلى:

التغير الجيوسياسى الذى حدث ببطء فى الشرق الأوسط نتج عنه التوصل إلى اتفاق إبراهام بعدما تواءمت المصالح بين دول الخليج وإسرائيل. شكل التهديد الإيرانى أهم المصالح التى نجحت الإدارة الأمريكية فى استغلالها وجعلها تحفيزا للفاعلين للاعتراف الرسمى وتطبيع العلاقات، والموقف الأمريكى فى دفع الفواعل لتوقيع اتفاق سلام يعتبر نفس المنهج الذى استخدمته فى اتفاقيتى السلام بين مصر وإسرائيل والأردن وإسرائيل.
لعبت إدارة ترامب هذا الدور بمهارة استثنائية فى عام 2020، وأصبح هناك تكهنات حول إمكانية التطبيع بين إسرائيل والسعودية. دعم واشنطن القوى لاحتياجات الرياض الأمنية، والموقف الواضح ضد سعى إيران للهيمنة الإقليمية، ودعم الإجراءات السعودية فى اليمن هى التى من الممكن أن تسمح بحدوث تحول رسمى فى موقف المملكة من إسرائيل.
لكن سياسات المرشح الرئاسى الديمقراطى جو بايدن للشرق الأوسط ستقوض تماما أى إمكانية لتطبيع العلاقات بين إسرائيل والمملكة العربية السعودية، هذا لأن بايدن ومستشاريه صرحوا أنهم يعتزمون عكس جميع السياسات التى سمحت بالتوصل إلى اتفاقيات إبراهام. فبايدن فى سياسته فى الشرق الأوسط يعتزم الضغط على السعودية لتعديل سياساتها فى اليمن، والضغط عليها للالتزام بسياسات حقوق الإنسان بالداخل، وتخلى الولايات المتحدة عن سياساتها فى الضغط على إيران ومتابعة المفاوضات المباشرة مثلما كان الحال مع خطة العمل المشتركة فى 2015.
إذا نظرنا إلى برنامج بايدن ككل، فإن إدارة بايدن ترغب فى الأساس بأن تقول لمحمد بن سلمان «انظر، لن نبيع لك أى صواريخ أخرى لعملياتك ضد وكلاء إيران فى اليمن.. نحن نتخلى عن سياسة الضغط الأقصى ضد إيران وبل أيضا سنتبع علاقة متصالحة مع أكبر خصم لك وأخطر تهديد جيوسياسى.. كما أننا لسنا سعداء بثقافتك السياسية وسجل حقوق الإنسان ونتوقع رؤية التغييرات إذا كنت ترغب فى الحفاظ على دعمنا.. لكن مهلا، هل تمانع فى اتخاذ الخطوة الدرامية والتاريخية لتطبيع العلاقات مع إسرائيل؟».
مقترحات سياسة فريق بايدن التى من شأنها أن تقوض أى احتمال للتطبيع لم تنتهِ عند هذا الحد. التحول الهيكلى الذى دفع إسرائيل ودول الخليج نحو الانفتاح الدبلوماسى لم يكن كافيا بمفرده بالنسبة لدولة الإمارات لاتخاذ الخطوة النهائية للاعتراف الرسمى. فى الواقع، منذ عام 2002، أعربت المملكة العربية السعودية، ثم جامعة الدول العربية لاحقا، عن استعدادها (نظريا) للاعتراف بإسرائيل بإعلان مبادرة السلام العربية... كانت المشكلة أن مطالب المبادرة من إسرائيل غير مقبولة تماما، مثل الانسحاب الإسرائيلى إلى حدود ما قبل عام 1967 وتنفيذ «حق العودة» الفلسطينى، وهو التعبير العربى اللطيف عن التخريب الديمغرافى لإسرائيل. لن تقبل أى حكومة إسرائيلية مثل هذه الشروط، وهو ما منع الوصول لأى اتفاقيات سلام.
كانت التغييرات الأخيرة فى سياسة الولايات المتحدة تجاه القضية الإسرائيلية الفلسطينية هى التى غيرت اللعبة. بدلا من تقديم مطالب غير معقولة ولا أساس لها من الصحة إلى إسرائيل للحصول على تنازلات إقليمية، أظهرت إدارة ترامب استعدادها لمواكبة الخطط الإسرائيلية لتأكيد السيادة على أجزاء من وادى الأردن. هذا وضع بطاقة جديدة تماما على الطاولة. كان التهديد الحقيقى بالضم هو الذى فتح الباب للتطبيع. كانت دول الخليج مهتمة بالتطبيع لمصالحها الخاصة لكنها كانت بحاجة إلى حافز آخر لاتخاذ الخطوة التالية. بمجرد أن طرح الضم على الطاولة، أصبح هناك تنازل يمكن أن تقدمه إسرائيل، لأن تأجيل تأكيد السيادة لفترة غير محددة أمر يمكن حتى لليمين الإسرائيلى التعايش معه. يمكن لدولة الإمارات بعد ذلك أن تثبت أنها حققت نجاحا ملموسا باتخاذ الخطوة الأخيرة.
لكن بايدن ومستشاريه يعتزمون عكس ذلك ورفض بشدة أى احتمال لبسط السيادة الإسرائيلية على أراض إضافية... من المبادئ الأساسية فى المفاوضات لكسر الجمود هو إضافة أبعاد جديدة يمكن المساومة عليها بعد ذلك. ولكن من خلال الرفض الاستباقى حتى لفكرة بسط إسرائيل لسيادتها على أقاليم محورية فى المستقبل، فإن بايدن سوف يزيل من أبعاد التفاوض ويعمق حالة الجمود.
فى نوفمبر، سيقرر الأمريكيون من سينتخبون رئيسا لهم، وستعمل إسرائيل مع أى شخص يضعه الشعب الأمريكى فى البيت الأبيض. قد يأمل المرء بإدراك أيا من يتخذ القرارات فى واشنطن دروس اتفاقية إبراهام وما السياسات التى يصلح اتباعها فى الشرق الأوسط... إذا رغب بايدن فى تعزيز العملية التاريخية التى بدأت مع ترامب، فعليه الاحتفاظ بقدر أكبر من الاستمرارية مع السياسات الأمريكية الحالية فى المنطقة. سيكون هذا لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل وشركائهم العرب.

إعداد: ابتهال أحمد عبدالغنى/ الشروق نيوز