قال المحلل الإسرائيلي للشؤون العربية "يوني بن مناحيم"، إنَّ تصريحات رئيس المخابرات السعودية السابق، الأمير بندر بن سلطان آل سعود، التي هاجم فيها القيادة الفلسطينية جرى تجهيزها بعنايةٍ وتَحْمِل في طيَّاتها أهدافًا تسعى القيادة السعودية إلى تحقيقها.
وشنَّ بن سلطان هجومًا غير مسبوق على القيادة الفلسطينية، خلال ثلاث حلقات متلفزة بثتها قناة "العربية" السعودية أيام الاثنين والثلاثاء والأربعاء، وقال خلالها "من الصعب الوثوق بالقيادة الفلسطينية، بعد نكران الجميل من قبلهم"، متهمًا الفلسطينيين بـ "التهرب من حل قضيتهم".
وقال "بن مناحيم" في تحليله المنشور الخميس على موقع "نيوز1" العبري، إنَّ السعودية حرصت منذ توقيع اتفاقيات التطبيع بين "إسرائيل" وكل من الإمارات والبحرين على عدم التعليق رسميا على الموضوع، وتتجاهل الصحافة السعودية ذلك رغم أنه من الواضح في العالم العربي أنه بدون "الضوء الأخضر" السعودي ، لن تمضي الإمارات والبحرين في هذه الخطوة، على اعتبار أن السعودية هي زعيمة الخليج والمعسكر السني.
وأضاف :"الآن، بدأ السعوديون في إرخاء الحبل ببطء في كل ما يتعلق بتشكيل الرأي العام العربي حول قضية التطبيع مع إسرائيل. الأمير بندر بن سلطان ليس الأول، فقد نشر الأمير التركي الفيصل، رئيس المخابرات السعودية الأسبق، مقالاً في 21 أغسطس كتب فيه أن "ترميم البيت الفلسطيني أساس حل المشكلة الفلسطينية" وأن "أية دولة عربية ترغب في الانضمام إلى الإمارات العربية المتحدة في عملية التطبيع مع إسرائيل عليها أن تأخذ في الاعتبار أن عليها في المقابل دفع ثمن باهظ ".
لماذا وقع الاختيار على الأمير بندر؟
يقول المحلل الإسرائيلي، إنَّ الأمير بندر لا يشغل حاليًا أي منصب رسمي، ويتمتع بخبرة سياسية وأمنية واسعة اكتسبها خلال عمله رئيسًا للمخابرات السعودية وسفيرًا لبلاده لدى واشنطن، وهو شخصية معروفة ومرموقة جدًا بالسعودية وبالعالم العربي.
وعلى مدى سنوات كان بندر بن سلطان مقربًا لملوك السعودية المختلفين، وعلى عكس أمراء آخرين لم يرتبط اسمه بقضايا فساد، وتشغل ابنته ريما منصب سفيرة الرياض لدى واشنطن، فيما يعمل ابنه خالد سفيرًا في لندن.
وكانت المرة الأخيرة التي ظهر فيها بوسائل الإعلام في 25 فبراير 2018، عندما ألقى محاضرة عن الأمن والسياسة في مركز الدراسات والشؤون الإعلامية الذي يتبع القصر الملكي السعودي مباشرة وكان يرأسه سعود القطحاني المتورط في مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي في إسطنبول.
وقال "بن مناحيم":يبدو أن الهجوم الإعلامي الذي شنه الأمير بندر بن سلطان تم التخطيط له جيدا بشكل مسبق وخصص لتحقيق الأهداف التالية للعائلة المالكة السعودية:-
-ترسيخ عملية التطبيع بين إسرائيل والدول العربية في الوعي السعودي والعربي والفلسطيني، وتقديمها في إطار الكفاح ضد الخطر الإيراني وحركة الإخوان المسلمين التي تعمل على زعزعة استقرار الأنظمة العربية المعتدلة.
-تمرير رسالة مفادها أن التطبيع مع إسرائيل ليس "خيانة للقضية الفلسطينية"، بل مصلحة عربية تزيد من فرص السلام في الشرق الأوسط.
-شرح تصور الأمن القومي ومصالح السعودية ودول الخليج تجاه إيران وتركيا، والترويج للتطبيع مع إسرائيل كجزء منه.
-كشف التعنت الفلسطيني وفشل القيادات الفلسطينية على مدى أجيال في معالجة المشكلة الفلسطينية.
-توجيه رسالة إلى إدارة ترامب مفادها أن السعودية تفي بالتزامها بدفع خطة "صفقة القرن" والتطبيع مع إسرائيل ضمن حدودها، وإرسال رسالة إلى الإدارة المقبلة مفادها أن الأمير بندر بن سلطان هو شخصية يثق بها القصر الملكي وقد يلعب دورا مهما في الحكومة السعودية مستقبلاً".
وتابع "بن مناحيم":الآراء في القصر الملكي السعودي منقسمة حول توقيت التطبيع مع إسرائيل. يحمل الملك سلمان وجهة النظر التقليدية والمحافظة بأن التطبيع بين السعودية وإسرائيل لن يكون ممكنا إلا بعد قيام دولة فلسطينية بينما نجله محمد بن سلمان الذي يعد "الرجل الأقوى" والملك المقبل، يرى أنه يجب الآن الذهاب لاتفاق تطبيع علني ومفتوح مع إسرائيل".
مع ذلك- والكلام للمحلل الإسرائيلي "يدرك القصر الملكي جيدا أهمية الحفاظ على زخم التطبيع مع إسرائيل والحاجة لإضافة المزيد من الدول للعملية وعدم ترك الإمارات والبحرين وحدهما، وبدا أنه يريد التقدم تدريجيا نحو التطبيع مع إسرائيل، لذلك فإن سلسلة المقابلات التلفزيونية للأمير بندر بن سلطان هي "دفعة مهمة" للتطبيع تبشر باستمرار الدعم السعودي للعملية".
وختم "بن مناحيم" تحليله بالقول :"ألقى الأمير بندر بن سلطان كرة اللوم على القيادة الفلسطينية، وهو تطور مهم للغاية أن تدعم شخصية مهمة جدا في العالم العربي مثله الرواية الإسرائيلية بأن القيادات الفلسطينية متنازعة فيما بينها، ورافضة لأي حل وسط، وتحاول تحقيق إنجازات خيالية لا تصمد أمام اختبار الواقع الشرق أوسطي على حساب معاناة الشعب الفلسطيني".