في الانتخابات الرئاسية الأمريكية السابقة، التي أجريت عام 2016، كانت استطلاعات الرأي تشير إلى فوز هيلارى كلينتون في الانتخابات، بل أن كثيرين في مقدمتهم الديمقراطيون، تعاملوا على أساس أن فوزها أمر شبه مؤكد، وبنوا هذا الاعتقاد بشكل كبير على أرقام استطلاعات الرأى التى تجرى على مدار الأشهر التى تسبق التصويت، وتزداد وتيرتها قبل أسابيع منه. وكانت الأغلبية الكاسحة من هذه الاستطلاعات سواء على صعيد الولايات أو المستوى الوطنى ترجح وبقوة فوز كلينتون وهزيمة ترامب.
لذلك كانت نتيجة الانتخابات صادمة، صحيح لم يفز ترامب بعدد الأصوات الشعبية، إنما رجح كفته عدد المندوبين فى المجمع الانتخابي، لكن الحقيقة لم تكن أبدا مثلما تم تصويرها في الاستطلاعات وكان التقارب كبيرا بينه وبين هيلاري في عدد من الولايات الرئيسية. ومع تكرار الأمر بشكل كبير فى السباق الراهن، حيث تمنح أغلب الاستطلاعات المرشح الديمقراطى جو بايدن التقدم، أصبح السؤال الذى يشغل بال الكثيرين، ماذا لو كانت الاستطلاعات مخطئة أيضا هذه المرة؟
وتقول صحيفة التايمز البريطانية أنها أنتجت أداة لاستكشاف عدة نتائج محتملة تتراوح ما بين اكتساح كبير لبايدن إلى تكرار ما حدث فى عام 2016.
صحيح أن الاستطلاعات لم تكن صحيحة تماما فى عام 2016، لكن ليس بالشكل الذى يعتقده الكثيرون. ففى الأسابيع الثلاثة الأخيرة من الحملة، بالغت الاستطلاعات الوطنية من تفوق كلينتون بفارق 3.1% وفقا لتحليل لموقف فايف ثرتى إيت. ولم يكن ذلك مثاليا، خاصة وأن السباق كان متقاربا، لكنه خطأ معيار كبير بالمعايير التاريخية. فى عام 2012، كان متوسط الخطأ أكبر، 3.3 نقاط، لكن أقل أهمية لأن الاستطلاعات كانت تقلل من تقدير باراك أوباما.
وهو ما كان يعنى أن ما أعتقد كثيرون أنه سباقا متقاربا مع رومنى يحظى فيه أوباما بأفضلية بسيطة، تحول إلى تفوق واضح لأوباما منحه ولاية ثانية. وكان أحد الأسباب التى جعلت استطلاعات 2016 تبدو مخطئة تماما بعد الانتخابات هو استطلاعات الولايات التى يحدث فيها السباق الحقيقى حيث كان متوسط الخطأ بها أكبر من الاستطلاعات الوطنية 5.2 نقطة مقارنة بـ 3.7% فى عام 2012 و3.9 نقطة فى 2008.
فى انتخابات 2016، قللت استطلاعات الولايات من ترامب فى بعض الأماكن بكميات غير مناسبة من الناخبين البيض والناخبين الذين لم يذهبوا إلى الجامعة، كما أنها لم تحدد الأصوات المتأرجحة نحو كلينتون فى الأجزاء الأكثر تنوعا من الولايات المتحدة، أو الولايات التى بها عدد كبير من الناخبين الذين ذهبوا إلى الجامعة.. ولم يدرك القائمون على الاستطلاعات أن ترامب سيحمس الناخبين فى المناطق القروية والجمهورية بشكل عام للخروج والتصويت بشكل أكبر مما فعل سابقوه.
وهناك إمكانية أخرى تتحدث عنه التايمز، وهى اتساع الفجوة بين نتيجة المجمع الانتخابى ونتيجة التصويت الشعبى. فأحد الأسباب التى جعلت القائمون على الاستطلاعات يميلون إلى التقليل من فرص ترامب فى الفوز فى عام 2016 كانت أنهم لم يفهموا بشكل كبير أن شخص يمكن أن يحظى بهذا الانتصار فى المجمع الانتخابى بينما يخسر التصويت الشعبى. وكانت تلك المرة الخامسة فقط التى يخسر فيها المرشح الفائز التصويت الشعبى، وكانت أول ثلاث مرات فى القرن التاسع عشر والرابعة فى انتخابات 2000 عندما خسر جورج بوش الابن بالتصويت الشعبى أمام أل جور.
وهذا العام من الواضع أن تحالف ناخبى ترامب يمكن أن يقدموا له الانتصار مجددا، وفى الواقع لا يعتقد أحد أنه يمكن أن يفوز بالتصويت الشعبى. ورغم أنه من الصعب أن يفوز ترامب بالمجمع الانتخابى لو خسر بأصوات الشعب أمام بايدن بفارق 7 نقاط، فإن هامش خطأ الاستطلاعات بثلاث نقاط فقط يمكن أن يجعل هذه النتيجة ممكنة.