2024-11-27 10:47 م

واشنطن بوست: بن سلمان تهديد لمصالح الولايات المتحدة

2020-10-03
كتب المعلق في صحيفة “واشنطن بوست” جيسون رضائيان مقالا في ملف الذكرى الثانية لقتل الصحافي جمال خاشقجي، قائلا إن الولايات المتحدة ضيعت فرصة تاريخية لإعادة تشكيل علاقاتها مع السعودية، وإن ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، يشكل تهديدا للأمن القومي الأمريكي.

وأضاف: “كل ما كان على الرئيس دونالد ترامب فعله هو تحميل ولي العهد السعودي مسؤولية القتل البشع للمساهم في صحيفة واشنطن بوست جمال خاشقجي قبل عامين. ولكن ترامب تردد بعمل هذا وسيدفع الشعب السعودي الثمن الباهظ لتردده”.

وتابع أن “تقليل اعتماد الولايات المتحدة على السعودية كان أولوية استراتيجية لصناع السياسة الخارجية في أمريكا منذ هجمات 9/11 لكن تراجع شهية الأمريكيين للنفط من الشرق الأوسط جعل من استمرار العلاقة محلا للتساؤل. وفي الحقيقة لا يوجد اليوم مورد أو مصدر طبيعي أو استراتيجي نريده من السعودية لا يمكننا الحصول عليه في مكان آخر. لكن الطبيعة التعاقدية التي تبناها ترامب أظهرت أنه غير مهتم بتقليل التأثير السعودي في البيت الأبيض (تذكروا مجسم الكرة الأرضية المتوهج في الرياض)”.

ومنحت الجريمة البشعة لقتل خاشقجي والطريقة الفاشلة للتستر عليها فرصة للولايات المتحدة لإعادة النظر في التحالف مع السعودية وبرؤية جديدة. ولم يقلل ترامب من أهمية الجريمة، ولكننا نعرف الآن أنه كان يحاول التخريب عليها.

فقد صدمت عملية الإغراء الفاسدة لمعارض سعودي يعيش في أمريكا ولدولة ثالثة، العالم. فقد كان خاشقجي صحافيا يحظى باحترام ولديه علاقات قوية مع الإعلام ودوائر صنع السياسة. ومع ظهور التفاصيل المرعبة عن مسؤولية المسؤولين السعوديين ومحاولتهم إنكار عملية الاغتيال والتعمية عليها بطريقة تثير السخرية، اتخذت القضية منعطفا آخر مما أثار سؤالا مهما: “هل السعودية يمكن أن تكون حليفا يعتمد عليه؟”.

فمع تراجع صحة الملك سلمان، يمكن لابنه محمد تسلم العرش. ولو تم تجاهل جرائمه التي لا يمكن العفو عنها، فستندم الإدارات الأمريكية المقبلة على أنها لم تعاقبه وتركته يفلت من العقاب.

وهناك حملة دولية مستمرة للعدالة في قضية خاشقحي، مما أضعف موقف الأمير المتنمر حول العالم. وأثرت الجهود بشكل فعلي على جهود محمد بن سلمان لتببيض تاريخ المملكة من سوء استخدام القوة التي سبقته وأنهت كل نقاش حول كونه مصلحا يمكن الوثوق به.

وفي خارج الإدارة الأمريكية هناك عدد من الرموز السياسية التي تؤمن بأهمية تحقيق العدالة، حتى بين الذين يساعدون ترامب مثل السناتور ليندزي غراهام الذي قال: “الجريمة البشعة ليست التغيير المطلوب الذي يأمله الواحد عندما يتعلق الأمر بالسلوك السعودي”.

وكان غراهام يتحدث بعد قرار السعودية الشهر الماضي سجن عدد من المتهمين بجريمة قتل خاشقجي. وأضاف: “أؤمن بقوة أن نقدي لهذه المحاكمات يوافق عليه عدد من أعضاء مجلس الشيوخ من الحزبين”.

لكن ترامب لم يتعلم شيئا من الحادثة المأساوية. فقد مثّل مقتل خاشقجي معضلة أخلاقية للمؤسسة الأمريكية كانت ستقود إلى إعادة تشكيل السياسة الأمريكية تجاه الشرق الأوسط والتي تحتاج لإعادة تشكيل.

وفي كتابه الجديد “غضب” ناقش بوب وودورد أن ترامب نظر للطريقة التي تعامل فيها مع الغضب العام على جريمة قتل خاشقجي بأنها كانت ناجحة لأنه استطاع مساعدة محمد بن سلمان على الهروب من العدالة: “لقد حميت مؤخرته” قال ترامب لوودورد و”كنت قادرا على إقناع الكونغرس بتركه وشأنه، وكنت قادرا على إيقافهم”. و”هو (محمد بن سلمان) ينفي بشدة أنه فعلها” وواصل ترامب بالقول: “بوب، لقد أنفقوا 400 مليار دولار في فترة قصيرة”.

ولا يعرف كم أنفق السعوديون بالضبط، ولكن النقطة هنا هي أن المال يهم ترامب أكثر من الحياة الإنسانية. ومعظم ما أنفقه السعوديون كان على السلاح وتزويد منبوذ دولي بسلاح متقدم. صحيح أن العلاقات الأمريكية الخارجية قامت في العادة على العقود، ولكن لم يقم رئيس أمريكي بالحديث صراحة عنها.

وتقول سارة لي ويتسون، رئيسة المجموعة الجديدة التي استلهمت أفكار خاشقجي “الديمقراطية في العالم العربي الآن” (دون) “نشكر ترامب لفرضه صراحته علينا، وهذه شفافية وعري لم يوجد من قبل”.

وعندما ظهر محمد بن سلمان على المسرح، رحب به الكثيرون وبوعوده للإصلاح لكنهم تجاهلوا حرب اليمن الكارثية التي بدأها، وانتهاكات حقوق الإنسان التي حدثت تحت سمعه وبصره. ونعرف الآن أن المزاعم بالإصلاح لم تكن صحيحة، وعلى الولايات المتحدة تصحيح المسار.

وختم الكاتب بالقول: “علينا الدفع لمحاسبة محمد بن سلمان. ليس لأنه الطريق الصحيح والأخلاقي لعمل هذا، بل من أجل التحرر من الاعتماد والتورط المستمر مع ديكتاتور يدفعه التعطش الأعمى والعنيف للسلطة، ويظل تهديدا لمصالحنا وأمننا القومي”.