2024-11-24 02:01 م

ربما يتركون الشمال ويرحلون.. "الوهم" يقتل الصهاينة بلا سلاح

2020-07-30
لا تزال تداعيات حادثة اطلاق النار نحو اهداف مجهولة على الحدود اللبنانية مع الاراضي الفلسطينية تسيطر على الاجواء السياسية في لبنان والكيان الاسرائيلي والمنطقة برمتها، وعلى الرغم من أن الجانبين لا يرغب باندلاع حرب نظراً لتعقيدات المرحلة السياسية والاقتصادية التي يمر بها الطرفان، إلا أنه لا يمكن لأحد أن ينفي عدم حصولها.

يوم الاثنين الماضي اتضح مدى التخبط الاسرائيلي بعد ان حارب ظلال المقاومين في مزارع شبعا، وكشف الحادث عن فشل المنظومة السياسية والعسكرية الاسرائيلية وأظهر مدى عمق الهوّة ما بين المسؤولين الاسرائيليين وبين المسؤولين والمؤسسات الحكومية وما بين السلطة والاسرائيليين، حيث بدأت اسرائيل تفقد مصداقيتها لدى جمهورها وأصبح ما ينطق به "حزب الله" وما يصدره له المصداقية الأكبر لديهم.

عندما شعرت القيادات الاسرائيلية بأن مصداقيتها أصبحت في الحضيض، سارع رئيس الاستخبارات السابق، ورئيس معهد أبحاث الأمن القومي اللواء عاموس يادلين، لنجدة مصداقية الجيش التي تصدّعت في أعقاب بيان حزب الله، فتوجه الى الجمهور الاسرائيليّ قائلاً: "أنا لا أجرؤ على التفكير في أن المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي يصدر بياناً مفصّلاً كهذا ويكون غير صحيح". وأظهر خلفية تأكيده لهذا المفهوم بالقول إن "مصداقية الجيش الإسرائيلي مهمة جداً لمواطني إسرائيل". ولإدراكه بأن حزب الله أكثر موثوقية لدى الجمهور الاسرائيلي من الجيش توجه اليهم بالقول: "أنا أنصح بالوثوق بالمتحدث باسم الجيش، وليس بحزب الله".

غموض "حزب الله" وصمته شل الاسرائيليين وجعلهم يتخبطون دون ان يطلق رصاصة واحدة، حتى ان الشمال شل بالمطلق ولا يزال كذلك فالخطر لا يزال قائماً بعد بيان "حزب الله" الاخير عقب الحادثة والذي توعد من خلاله بالثأر لدماء الشهيد علي كامل محسن ورفاقه، والاسرائيلي أصبح متقينا بأن الرد قائم لذلك من الطبيعي ان يبقى في حالة استنفار وقلق وخوف، قد تطول بعد سياسة الحزب الجديدة والتي تتبنى منهجية "حرب الاعصاب" ولا نستبعد أن ينهار الشمال وتعود اراضي شبعا في المستقبل القريب دون اطلاق رصاصة واحدة.

بعد بيان الحزب تراجع العدو عن روايته الأولى بخصوص "تصفية مجموعة من حزب الله"، ومن هذه النقطة بدأ يظهر التخبّط العالي الذي عاشته وسائل إعلامه، مُستنداً إلى تخبّط موجود أصلاً لدى جيش العدو. فقد اعتبرت قناة "كان" العبرية أنّ "توتراً في الجيش الإسرائيلي قد يكون أدّى إلى إطلاق نار متبادل بين الجنود، ولم تحصل أيّ عملية من قبل حزب الله"! وبدورها شكّكت القناة الـ12 بكلّ الرواية الأمنية لجيش العدو، وتساءلت: "ما هذه الرواية؟". كذلك، نشرت صحيفة "يديعوت أحرونوت" أنّه "إذا كان صحيحاً ما قاله الجيش الإسرائيلي، فلينشر فيديوات، وإلا ما أعلنه سيكون عملية احتيالية"، بينما ربط معلّق الشؤون الأمنية في "هآرتس"، يوسي ميلمَن، الحدث بأداء جيش العدو في الأيام الماضية، إضافة الى أداء وسائل الإعلام الإسرائيلية، واعتبر أنّ "أداء الجيش الاسرائيلي مُقلق. هو يخفّف من (وجوده في) المواقع، ويقفل الطرقات، ويضع قوات كبيرة في حالة تأهب، خوفاً من ردّ حزب الله عند الحدود اللبنانية على القتل غير المقصود لـ(عنصر من حزب الله) في سوريا. ليس هكذا يتصرّف الجيش القوي في الشرق الأوسط. من المهمّ منع وقوع إصابات في صفوف الجنود، لكنّ الجيش الإسرائيلي بثّ الهلع بدعم من وسائل الإعلام. حزب الله ربح بالضغط على الوعي". وفي ختام الحدث، نقلت قناة «كان» العبرية عن رئيس حكومة العدو بنيامين نتنياهو، قوله إنّ "الحدث على الحدود لم ينتهِ بعد (...) وأطلبُ من وزارء الحكومة عدم الإدلاء بأيّ تصريح حول الحادث".

جن جنون الاسرائيليين لدرجة انهم بدأوا يهددون باغتيال الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله وانهم يعرفون مكانه، في محاولة للقيام بحرب نفسية مضادة تجاه الحزب وللتخفيف من حدة الفشل الاستخباراتي والامني والعسكري الذي تعرضوا له، وفي الوقت نفسه لاعطاء بارقة امل للاسرائيليين، حيث كشفت صحيفة عبرية النقاب عن أن جهاز المخابرات العسكرية الإسرائيلية "أمان" يعرف أين قبو الأمين العام لحزب الله اللبناني، حسن نصر الله.

وزعمت صحيفة "معاريف"، مساء الثلاثاء، بأن جهاز "أمان" العسكري يعرف أين قبو نصر الله، إلا أن إسرائيل نفسها لا تمتلك الإجابة عن السؤال الأكثر أهمية، وهو "ماذا بعد".

يبدو أنّ الجيش الإسرائيلي وقع في حفرةٍ ضخمة، ما سينعكس بشكل كبير على صورته، تحديداً مع جمهوره. ساعات من التخبّط عاشها جيش العدو بعد الحادثة الاخيرة، في محصلة ما قبل الرد التي لا تزال مستمرة، استنفار متواصل لجيش العدو على طول الحدود الشمالية مع لبنان والجولان المحتل. تدرك إسرائيل أكثر من غيرها الأثمان التي تدفعها في ضوء ذلك من هيبتها وصورتها الردعية: قطع طرقات المنطقة الشمالية، ووضع حواجز لمنع تنقل الآليات العسكرية عليها خوفاً من أن يصطادها مقاومو حزب الله، في موقف انكفائيّ مع ما فيه من معان على المستوى العسكري؛ إخلاء مواقع لتقليص الاهداف التي قد يستهدفها حزب الله، والاختباء في ما تبقى منها منعاً لظهور أي من الجنود والضباط على أهداف أسلحة حزب الله الرشاشة والصاروخية، إدراكاً من قيادة الجيش بعجزه عن ردع حزب الله عن جبي ثمن دموي

في الختام؛ الواضح أن حزب الله نجح في توظيف صمته لإرباك العدو في فهم نياته العملانية، وانعكس ذلك على المستويات السياسية والامنية والاعلامية. ونجح أيضاً في تحويل بيانه الرسمي عن أن الرد آت حتماً الى حدث مؤسِّس لما سيتلوه من تداعيات في ضوء حسم حالة الغموض البنّاء الذي تعمده وانعكس على أداء جيش العدو وقياداته. وتحوّل إعلان البيان أيضاً، الى محطة بدَّدت كل رهانات الرسائل المباشرة وغير المباشرة التي سبقته.

أصدق ما قاله الصهاينة خلال اليومين الماضيين جاء على لسان وزير حرب العدو الأسبق، أفيغدور ليبرمان: "لقد أثبت (الأمين العام لحزب الله السيّد حسن نصر الله)، مع الأسف، أنّ الكلمة عنده كلمة، والعين بالعين، والسنّ بالسنّ. قُتل عنصر واحد من حزب الله في دمشق، والآن الشمال كلّه مشلول".

(الوقت الاخباري)