2024-11-30 12:45 م

تغيير قواعد الاشتباك قد يشعل حربا مؤلمة بين حزب الله واسرائيل

2020-07-24
القدس/المنــار/ 14 عاما مضت على حرب تموز 2006 أو كما تعرف اسرائيليا بـ (حرب لبنان الثانية) التي دارت بين الجيش الاسرائيلي وحزب الله، وتعرضت خلالها اسرائيل سواء على الجبهة المتقدمة في الصفوف الامامية للمواجهة أو في الجبهة الداخلية داخل العمق الاسرائيلي الى إنتكاسات وسقطات عسكرية أكدت من جهة ضعف الجهوزية العسكرية لاذرع الجيش الاسرائيلي المختلفة، وبشكل خاص وحدات سلاح المشاة سواء من الخدمة الدائمة او وحدات الاحتياط وضعف التنسيق بين الاذرع العسكرية المختلفة في ميدان المعركة، وفي الوقت نفسه هشاشة العمق الاسرائيلي وحالة الارتباك التي سيطرت على الجبهة الداخلية الاسرائيلية وضعف التعاون والتنسيق بين المؤسسة العسكرية ومؤسسات الطوارىء والانقاذ المدنية،  وهو ما ظهر جلياً عندما تمكن حزب الله من نقل المعركة الى العمق الاسرائيلي من خلال رشقات صاروخية تواصلت على امتداد 34 يوما عدد أيام المعارك الحربية التي بدأت في 12 تموز وانتهت في 14 آب من العام 2006. ومنذ انتهاء حرب تموز بدأت اسرائيل حملة واسعة لترميم مواطن ضعفها ورفع المستوى القتالي لوحداتها العسكرية من خلال برامج تدريبية مكثفة والتركيز على الوحدات المختارة واستحداث فرقة كوماندوز تتدرب بشكل دائم على سيناريوهات المواجهة الميدانية مع الاخطار القادمة من  الشمال (حزب الله) ومن الجنوب (المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة)، كما عملت المؤسسة العسكرية على تطوير برامج تدريبية لوحدات الاحتياط لضمان الحفاظ على المستوى القتالي للجنود. 


تدريبات صارمة مستمرة على سيناريوهات محتملة لمواجهة حزب الله

بدأ الجيش الاسرائيلي منذ إنتهاء حرب لبنان الثانية في استخلاص الدروس من المواجهة التي خاضها مع حزب الله، وانشغل رؤساء الاركان المتعاقبون على ترميم جهوزية المؤسسة العسكرية وبشكل خاص القدرات القتالية للوحدات المختارة، و "اجتهد" رؤساء الاركان من جابي أشكنازي مرورا ببيني غانتس وجادي ايزنكوت ووصولا الى رئيس الاركان الحالي افيف كوخافي على وضع خطط تدريبية لمواجهة الاخطار التي تهدد اسرائيل وبالتأكيد يتربع حزب الله في موقع متقدم على قائمة تلك الأخطار. 
القتال "وراء خطوط العدو" وتطوير القدرات الفردية لجنود الجيش الاسرائيلي يعتبر العمود الفقري لعمليات التدريب على المواجهة مع حزب الله، ويخشى الجيش من مصائد قاتلة وانفاق متفجرة في مواجهة من المرجح أن تكون اخطر بكثير من المواجهة السابقة، مواجهة يأمل الجيش الاسرائيلي أن ينهيها لصالحه سريعا لادراكه أن إطالة المعركة لن يكون في صالح العمق الاسرائيلي، خاصة مع التقارير التي تتحدث عن تعاظم قوة حزب الله الصاروخية وقدرته على استهداف العمق الاسرائيلي بشكل مكثف ولمدة زمنية طويلة. 

تتم عمليات التدريب بشكل يومي داخل "نماذج مطابقة" لقرى لبنانية، بعض هذه النماذج اقيمت في جبال الكرمل، بالاضافة الى مناورات تتم على مدار العام  في اليونان وقبرص في مناطق تضاريسية شبيهة بجنوب لبنان. وفي العام 2019 قرر الجيش الاسرائيلي مضاعفة تدريبات وحداته العسكرية المختلفة لمعرفة الوحدات التي سيتم اشراكها في اية مواجهة مقبلة مع حزب الله، حيث يتم اخضاع تلك الوحدات لأكثر من خمس مراحل تدريبية عليها عبورها بالكامل للوصول الى مستوى الجهوزية المطلوبة، يتم خلالها تدريب الجنود على تكتيكات قتالية مختلفة من بينها الاشتباك داخل شبكة من الانفاق والمخابىء وأيضا استخدام وسائل تكنولوجية متطورة سيكون على عناصر الجيش استخدامها في ساحة القتال الحقيقية عندما تحين ساعة المواجهة. تقييم الوحدات المشاركة في التدريبات والدرجات والعلامات الممنوحة لها تحدد مواطن الضعف وكيفية العمل على تحسينها واغلاق اية فجوات وثغرات في قدراتها القتالية؟! 
وتقول دوائر اسرائيلية متابعة أن الجهات المعنية بوضع الخطط وبرامج التدريب وملائمتها للتحديات الأمنية القائمة والمتوقع بروزها، تحاول دائما "التسلل" الى "عقل العدو" عبر توقع "المفاجآت" التي قد يلجأ الى استخدامها في أرض المعركة، في محاولة لمصادرة "عامل المفاجأة" من "العدو" في لحظة الاشتباك في الميدان، وهذا الأمر ينطبق أيضا على شكل آخر من الحرب تدور على مدار العام ميدانها الشبكة العنكبوتية في همجمات سيبرانية متبادلة بين اسرائيل وحزب الله وهي حرب لا تقل شراسة وخطورة عن الحرب والمواجهة التقليدية.

مُراكمة الخبرات وتحصين العمق الاسرائيلي

هشاشة العمق الاسرائيلي دفعت الجيش الاسرائيلي الى وضع برامج مكثفة لتطوير العلاقة بين الجيش  وكل من مؤسسات الطوارىء المدنية والسلطات المحلية لضمان اعلى مستوى من التنسيق والتواصل في زمن الطوارىء، وتتولى قيادة الجبهة الداخلية في الجيش هذه المهمة وتعمل على مراكمة الخبرات والتجارب من خلال الدخول في معترك التعامل مع الازمات التي تمر بها اسرائيل، ففي ازمة كورونا الراهنة عملت قيادة الجبهة الداخلية على تشغيل ما يقارب 19 مركز حجر في تماس مباشر مع المواطن الاسرائيلي، وتنسيق على اعلى المستويات مع المؤسسات الحكومية المعنية بالشأن الصحي ومع المؤسسات الخدماتية والسلطات المحلية. وحرص الجيش الاسرائيلي على "مرافقة" عمله الميداني بعمل "اعلامي دعائي" يستهدف من خلاله المواطن الاسرائيلي لتسليط الضوء على ما يقدمه من مجهود في زمن الطوارىء، وحاول الجيش كسب ود شرائح في المجتمع اليهودي في اسرائيل تعتبر "شرائح صعبة"  كشرائح اليهود المتزمنين الذين لديهم تحفظات كبيرة بالنسبة للتعامل مع المؤسسة العسكرية الاسرائيلية.  ويتعامل الجيش الاسرائيلي مع أزمة كورونا بنفس السيناريوهات والأدوات التي وضعها للتعامل على اساسها واستخدامها في زمن الحروب والأخطار العسكرية، وأهم هذه الاخطار كما هو معروف المواجهة الحتمية مع حزب الله.

الجهوزية القتالية وفيروس كورونا

اتساع دائرة تفشي وباء كورونا داخل المجتمع الاسرائيلي وايضا داخل الوحدات العسكرية المختلفة تسبب في تشويش انتظام المناورات والتدريبات العسكرية، وادخل تغييرات على برامجها وحجم المشاركين فيها، وفرض على المؤسسة العسكرية اتخاذ اجراءات وقائية خوفا من تفشي واسع للوباء يؤثر على الجهوزية القتالية للجيش الاسرائيلي، وهي اجراءات فرضت في بعض الاحيان اطالة مدة مكوث الجنود في القواعد العسكرية في محاولة لمنع الاختلاط للحيلولة دون اصابتهم بالوباء.

مواجهة قادمة تحددها احداث في ساحات اطراف ثالثة

الاستعدادات التي نراها في الجانبين (اسرائيل وحزب الله) لمواجهة يراها البعض حتمية، قد يتحدد موعدها وتوقيتها في ساحات اطراف ثالثة (سوريا وايران)، وقد تسرع بوقوعها أحداث عسكرية تتسبب في قلب الطاولة وانهاء حالة الفعل ورد الفعل التي تميز المشهد العسكري بين حزب الله واسرائيل منذ انتهاء حرب لبنان الثانية لينزلق الجانبان نحو مواجهة عسكرية جديدة ستكون هذه المرة أشد ضراوة من سابقتها. لكن المؤكد أن كلا الطرفين لا يرغبان في مواجهة عسكرية يدركان جيدا فداحة ثمنها.