2024-11-25 09:50 م

الملك عبدالله واسرار اللعبة السياسية

2020-07-07
“وطن – كتب محرر الشؤون السياسية” –  برز في الآونة الأخيرة تساؤل حول من يدق المسمار الأخير في نعش الاقتصاد الأردني، لتبقى الإجابة عليه معلقة في أعناق أصحاب القرار الذين يحكمون قبضتهم على التفاصيل، ويضعون أصابعهم على عصب الاقتصاد المؤلم، وسط قلة حيلة وعجز يصيب كبار أصحاب رؤوس الأموال الذي يعضون على وطنهم بالنواجذ.

في الأردن اليوم يختلط الحابل بالنابل على الصعد كافة، ويتشابك السياسي بالاقتصادي وتتعانق الصراعات في غرفة مغلقة ومظلمة لكنها مكشوفة تماماً على المتابع، رغم قصور المعلومات التي ترشح من ضجيج الصراع الدائر في الطابق العلوي.

لا أحد يدرك حجم الخطر على الدولة الأردنية، لكنهم يدركون تماماً حجم الخطر الواقع على مصالحهم، فبات الطريق مسدودا أمام التكهن بمستقبل الأردن، والأزمة تتناسل أزمات، وتتفاقم المشكلات الاقتصادية، وسط اشتعال الحرائق في الإقليم، وعدم قدرة من يشتغلون بالسياسة على فهم ما يريده الملك وسط هذه الغابة من المواقف والاحداث المتلاحقة، فالخارج يتصرف به الملك وفق خطط يدرك تماماً ماهيتها ونتائجها، لكن الداخل يبدو أكثر قتامة على المتابع وسط انشغال الملك بالمشهد الخارجي أكثر من المشهد الداخلي.

يملك العاهل الاردني أسرار اللعبة السياسية الخارجية، ويتصرف بالمطلق في السياسة الداخلية ويبقى السياسيون الأردنيون يتنبؤون فقط بالسيناريوهات التي يتوقع أن يسلكها القصر وسط ترقب وانتظار، فالأردنيون منشغلون بسيناريوهات القادم من الأيام تجاه المشهد السياسي، يفككون ويركبون بحذر دون يقين بنتائج لعبة لا يملكون مفاتيحها.

ولعل الخطير في الأردن هو انشغال الناس بالسياسي والحشد لدعمه، فيما يتفاقم الوضع للاقتصادي والذي يقع بين فكي كماشة قاسية، الاول يتمثل في اثقال كاهله بالضرائب والشراكات، فيما يتمثل الفك الثاني بالتضييق عليه لصالح فئة بعينها لخلق قوة اقتصادية تقترب الآن من مهمة امتلاك الأردن وأصوله، وسط صرخات شارع لم يعد يثق بإجراءات حكومية  في ظل اقتصاد متهالك وحياة معيشية صعبة وانعدام الثقة في حكومات متعاقبة لم تقدم شيئا ملموسا لرفع سوية حياة المواطنين سوى حملات تشكيك واغتيال لشخصيات الدولة والتشكيك بهم وهروب الاستثمار الى غير رجعة.

في الاردن الذي يسعى عاهله الى جلب الاستثمارات تنفصل بوصلة الحكومة لتخدم بقصد او غير قصد الفئة التي تسعى لامتلاك الاردن، فتقدم الحكومة قوانين متخلفة لتشجيع الاستثمار، فيكتشف المستثمر ان هنالك مافيا خطيرة تسيطر على الواقع الاستثماري وتحاول ان تخلق معه شراكات لتسيطر وتمتلك وهنا يظهر اس الفساد.

شركات كبرى في طريقها الى التصفية، والخروج من السوق الاردني، وهذا يؤكد ان فك الكماشة الاقسى يضغط بقوة دون رحمة على المستثمر الاردني والخارجي، ولعل المثال الصارخ على ذلك هو ما حدث لرجل الاعمال الاردني زياد المناصير، وما يحدث الان للعديد من المستثمرين، خاصة بعد ان تم اضعاف الاخير حتى وصل لمرحلة الموت السريري والدفع به الى الاستسلام، والخروج من البلاد بخفي حنين تم التضييق عليه من خلال الترخيص لاستثمارات جديدة منافسة لاستثماراته ما جعله يفقد التوازن المالي وتغرق مجموعته بالديون لصالح البنك العربي الذي حجز على أمواله، ويعلن عن دخول رجل المال صبيح المصري ممثلا بالبنك العربي بنسبة 60 في المئة في مجموعة المناصير ما يعني نزول أسهمها وسيطرة المصري عليها وبالتالي خروجه من الاردن نهائيا.

اليوم تفرغ الساحة الاقتصادية من امثال زياد المناصير الذي وصل حجم اعمال مجموعته الى 2 مليار دينار الحاضنة لأكثر من 10000 عامل وشراكات واسعة اسهمت في خلق حراك اقتصادي نوعي ليحل محله البنك العربي واذرعه، فينكفئ الاقتصاد ويرتهن لرأسمال غير معني باستقرار الاردن بقدر ما هو معني بما يحقق من ارباح.

لقد بات اقتصاد الاردن مرتهن لقوى تمتلك القرار السياسي وتؤثر بشكل مباشر في تسيير دفة الحكم والسيطرة على قراراته وهذا ما يخيف الاردنيين ويقتل طموحهم في دولة مستقلة اقتصاديا وغير مرهونة.

يدرك الجميع من هو اللاعب الرئيس في هذه المعركة الدونكيشوتية، ويدركون ان الخصم الذي يحرك طواحين الهواء ليس الهواء نفسه، وان من يحرك فزاعات المزارع ليس المزارع نفسه.