2024-11-25 07:42 م

ضم الضفة: كيف يطوّع الأوروبيون قوانينهم لصالح اسرائيل؟!

2020-07-06
بقلم: ليلى نقولا
تعيش منطقة الشرق الأوسط والعالم على وقع الأنباء الواردة من فلسطين المحتلة، والتي تتحدّث عن قرار إسرائيلي مرتقب بضمّ أجزاء من الضفة الغربية وغور الأردن، تنفيذاً لما سمي اصطلاحاً "صفقة القرن"، التي تتبنّاها إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب.

وكان يفترض أن تبدأ "إسرائيل" عملية ضمّ أجزاء من الضفّة الغربية يوم الأربعاء 1 تموز/يوليو، لكن الولايات المتحدة الأميركية، وعلى الرغم من أن سفيرها في "إسرائيل" كان أكثر المتحمّسين لعملية الضمّ، لم تعطِ الموافقة النهائية على آليات تطبيق الخطة، خوفاً من أن تأتي العمليّة بردود فعل عكسية تؤثر سلباً في الانتخابات الأميركية (كان ترامب في الأساس مستعجلاً على الضمّ، لاستثمار الموضوع في الانتخابات، لكن ردود الفعل الدوليّة والفلسطينية المعترضة، والخوف من نتائج عكسية، دفعاه إلى التريّث).

ويبقى اللافت هو الموقف الأوروبي من القضية، فعلى الرغم من قيام الأوروبيين بالتعبير عن رفضهم للضمّ، واعتبار الموضوع مخالفاً للقانون الدولي، فإن العديد من الدول الأوروبية، ومنها ألمانيا التي تتولى رئاسة الاتحاد الأوروبي، رفضت فرض عقوبات على "إسرائيل". وقال البرلمان الألماني (البوندستاغ) إن "المباحثات حول عقوبات أحادية أو التهديد بعقوبات، لا يحمل أي أثر بنّاء في عملية السلام"، مع العلم أن الاتحاد الأوروبي كان في وقت سابق قد أقرّ حزمة من العقوبات الاقتصادية على روسيا بسبب ضمّ القرم، الذي اعتُبر عملاً مخالفاً للقانون الدولي.

فرض كلّ من الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة وكندا ودول أخرى، عقوبات اقتصادية على روسيا في العام 2014 بعد ضمّ القرم. وتمّ تشديد هذه العقوبات في فترات لاحقة، بعد أن حصلت انتخابات في القرم وسواها من الأعمال التي كرّست السيادة الروسية على شبه الجزيرة.

تنوّعت هذه العقوبات بين نوع يقيّد الوصول إلى الأسواق والخدمات المالية الغربية بالنسبة إلى مؤسسات روسية حكومية في قطاعات الصرافة والطاقة والدفاع، ونوع يفرض حظراً على الصادرات إلى روسيا والأجهزة المستخدمة في التنقيب عن النفط وإنتاجه. أما النوع الثالث، فيفرض حظراً على الصادرات الدفاعية والعسكرية إلى روسيا.

وهكذا، يكون الاتحاد الأوروبي قد طبّق ازدواجية المعايير، وخصوصاً في ظل مبدأ واضح وصريح في القانون الدولي، وهو "عدم جواز الاستيلاء على الأراضي بالقوة أو خلال الحرب". وقد أكّد مجلس الأمن هذا المبدأ في العديد من القرارات الدولية التي تعاملت مع الاحتلال الإسرائيلي منذ العام 1967.

إنَّ عدم الشّرعية القانونية لضمّ الضفة أو سواها من الأراضي الفلسطينيّة، ينطلق من مبادئ أساسية وواضحة في القانون الدولي، أهمها مبدأ "عدم جواز الاستيلاء على أراضي الغير"، وهو إحدى القواعد القطعيّة الّتي لا يُسمح فيها بأي استثناء، وقد أكدته القواعد القانونية، وقرارات محكمة العدل الدولية، وكذلك قرارات الأمم المتحدة المختلفة، إضافة إلى "حق الشعوب في تقرير مصيرها"، وهو من المبادئ الآمرة في القانون الدولي.

هكذا، وبما أنّ الاتحاد الأوروبي ينطلق من المبادئ الدولية نفسها لتجريم ضم روسيا إلى القرم، فقد كان من المفترض به اتخاذ سياسات متَّسقة تعتمد وحدة المعايير، كأن يقوم الأوروبيون - على الأقل - بفرض الإجراءات العقابية نفسها التي تمّ فرضها في القرم، ومنها منع المواطنين والشركات الأوروبية من الاستثمار أو السياحة أو تملّك عقارات... في المناطق التي يتمّ ضمّها في فلسطين.

لا شكّ في أنَّ التعامل الأوروبي اليوم مع ضمّ الضفة يتمّ بطرق ملتوية. والحديث عن عدم القدرة على فرض عقوبات خوفاً من الإضرار بالسلام، يؤكّد أنّ الأوروبيين يحاولون تطويع القانون الأوروبي والقانون الدولي لصالح حسابات سياسية مرتبطة بالصراع الدولي، وهي أبعد ما تكون عن احترام ذلك القانون.
(الميادين)