2024-11-24 11:41 م

مقابر ترهونة الجماعية.. هل تطال التحقيقات بن زايد؟

2020-06-28
لم يتوقع المجتمع الدولي، أن تقهقر قوات الجنرال الليبي "خليفة حفتر"، سيفتح الباب على مصراعيه للكشف عن سلسلة من المقابر الجماعية، في مدينة ترهونة غربي البلاد.

ودفعت المقابر المكتشفة حديثا، مجلس حقوق الإنسان في الأمم المتحدة، إلى إرسال "بعثة تحقيق" الى ليبيا؛ لتوثيق التجاوزات التي ارتكبت في هذا البلد منذ سنوات.

ووفق بيان صادر عن المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية "فاتو بنسودا"، فإنها "لن تتردد في توسيع تحقيقاتها وملاحقاتها القضائية المحتملة لتشمل أي جرائم جديدة بعد العثور على المقابر المذكورة".

مقابر جماعية

ووفقا للبيانات الرسمية، تم الحصول على 11 مقبرة جماعية، بها رفات المئات من الرجال والنساء والأطفال، غالبيتهم من مناهضي "حفتر"، في مدينة ترهونة، التي وقعت الشهر الجاري في يد قوات حكومة "الوفاق" (معترف بها دوليا).

وتعود أغلب الجثث لمدنيين خطفوا من منازلهم على أساس الهوية من مناطق الاشتباكات بجنوب العاصمة طرابلس، خاصة من مدن الزاوية، وسوق الجمعة، ومصراتة.

ومن بين الضحايا أقارب لمنتسبين إلى عملية "بركان الغضب" التي أطلقتها قوات "الوفاق" لتحرير مدن الغرب الليبي من ميليشيات "حفتر".

وتضم مقابر ترهونة الجماعية، أسرى مدنيين كانوا بحوزة قوات "حفتر"، ويجري التعرف على هوياتهم، وتاريخ وفاتهم، إضافة إلى أسر وعائلات بأكملها، في مناطق شهدت مقاومة لقوات "حفتر".

كذلك عثرت فرق البحث عن المفقودين على أكثر من 100 جثة داخل ثلاجة الموتى بمستشفى ترهونة العام، ويجري التعرف على هويات أصحابها.

وتفيد تقارير مبدئية، بأن عشرات الضحايا دفنوا وهم أحياء، وأن آخرين جرى إحراقهم، وأن العديد من الجثث التي وجدت كانت مقيدة اليدين ومعصوبة الأعين وتمت تصفيتها بأعيرة نارية في الرأس، بحسب وزير الداخلية في حكومة "الوفاق" (مقرها طرابلس) "فتحي باشاغا".

وتواجه فرق العمل صعوبة في انتشال العديد من الجثث، بسبب وجود ألغام حولها، بحسب رئيس الهيئة العامة للبحث والتعرف على المفقودين، الدكتور "كمال أبوبكر".

من الجاني؟

وتدور أغلب الاتهامات حول تورط ميليشيات "الكاني" التابعة لقوات اللواء التاسع بجيش "حفتر".

وتنتسب ميليشيا "الكاني" لإحدى عائلات ترهونة الموالية لـ"حفتر"، وهي متهمة بارتكاب أعمال قتل واسعة بالمدينة، تحت إشراف "محمد الكاني" (46 عاما) وهو رئيس المجلس العسكري لترهونة، وينتمي للتيار السلفي المدخلي.

ولم يكن لعائلة "الكاني" حضور بارز في ترهونة عند سقوط نظام "معمر القذافي" في 2011، لكن ما قلب حياتهم رأسا على عقب، مقتل شقيقهم "علي"، على يد عصابة إجرامية، فقام إخوته بقتل جميع أفراد العصابة، وجميع أسرهم بمن فيهم الأطفال والنساء، بحسب وسائل إعلام ليبية.

ويشرف على تلك الميلشيا 6 إخوة هم (عبدالخالق ومحمد ومعمر وعبدالرحيم ومحسن وعبدالعظيم)، إلى جانب مطلوبين آخرين، هم وفق بيان النائب العام في طرابلس، كلا من "محمد الشقاقي، سالم شنيبة، حسن جاب الله، وسيم الجروشي".

وحظيت ميليشيات "الكاني" بتسليح ثقيل بعد تمكنهم من طرد جميع الميلشيات من المدينة، وتشكيل قوة عسكرية، بعد الاستيلاء على مقر كتيبة "الأوفياء" بترهونة، وضم قوات النخبة في نظام "القذافي".

وسرعان ما تضخم نفوذ ميليشيا "الكاني"، وزاد حجم تسليحها، بعد تحالفها مع "حفتر"، وتحولت إلى أكبر تهديد للعاصمة طرابلس، حيث صارت نواة للواء السابع ثم اللواء التاسع الذي هاجم طرابلس خلال عامي 2018، 2019.

تسريب صوتي

ويعزز الفرضية القائمة بضم الإمارات إلى قائمة المتورطين في مقابر "ترهونة"، التسريب الصوتي الذي جميع بين سفير الإمارات السابق في ليبيا "عارض النايض"، وقائد ميليشيا الكاني "محمد الكاني".

ويتضمن التسجيل المسرب الذي بثته قنوات ليبية، قبل أيام، إشادة بدور الإمارات في دعم هجوم "حفتر" على طرابلس، وضرورة تشكيل حكومة جديدة قبل وصول الدعم التركي لطرابلس.

ويقول "النايض"، وفق التسريب، إنه "لا مشكلة بقتل أبناء مدينة بني وليد المخطوفين"، في إشارة إلى منحه الضوء الأخضر لـ"الكاني" لارتكاب مجازر جماعية.

وتوفر قوات "حفتر" المدعومة من الإمارات ومصر حماية ومأوى لعناصر "الكاني" بكامل عتادهم في مدينة أجدابيا (شرق).

ويزيد من تورط أبوظبي، الكشف عن إرسال الإمارات أكثر من 5 آلاف طن من الإمدادات العسكرية لدعم قوات "حفتر" منذ يناير/كانون الثاني الماضي، بحسب "الجارديان" البريطانية.

واحتوت تلك الشحنات على مدفعية ثقيلة وأسلحة وأجهزة تكنولوجيا الاتصالات وقطع غيار وذخائر أخرى.

تحقيق دولي

ويفتح التحقيق الدولي في جرائم ترهونة الباب أمام محاكمة دولية لـ"حفتر" وداعميه.

وتقول المدعية العامة للمحكمة الجنائية الدولية "فاتو بنسودا"، إن هناك أدلة مبدئية على ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في ترهونة.

وقد تتوسع تحقيقات "بنسودا" لتشمل جرائم جديدة، ما يجعل الباب مفتوحا أمام ضم متهمين جدد للقضية، التي أثارت ضجة حول العالم.

وتطالب "الوفاق" بمحاسبة ميليشيات "الكاني" على جرائمهم البشعة، وتقديم القادة السياسيين والعسكريين الذين وفروا لهم الغطاء، إلى العدالة.

ويرى عضو اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان في ليبيا، "أحمد حمزة"، أن جانبا من الاتهامات لقوات "حفتر" بالتسبب في هذه المقابر صحيح، مؤكدا لـ"DWعربية"، أن الطرف الذي كان يسيطر على المدينة هو من يتحمل المسؤولية.

ومن المتوقع إقدام حكومة طرابلس على ملاحقة مرتكبي هذه الجرائم، ورفع دعاوى محلية ودولية ضد المتورطين وداعميهم، ما يعني أن تلك الدعاوى قد تطال أبوظبي وولي عهدها "محمد بن زايد"، باعتباره الداعم الرئيس لميليشيات "حفتر".

وقد يعجل تحريك هذا الملف لدى الجهات الدولية بإعلان "حفتر" مطلوبا دوليا، على غرار قائد الإعدامات "محمود الورفلي"، الذي يحظى بحماية من حكومة الشرق الليبي، رغم أنه مطلوب لدى الجنائية الدولية.

وقبل أيام، جدد الناطق باسم المحكمة الجنائية الدولية "فادي العبدالله"، مطالبة المحكمة بتسليم "الورفلي"، ما اعتبر إشارة على عزم المحكمة، تحريك قضايا على صلة بـ"حفتر".
(الخليج الجديد)