2024-11-25 09:32 م

رام الله عاجزة عن دفع الرواتب

2020-06-05
ريم رشيد
اختارت السلطة الفلسطينية الطريق الصعب مع إسرائيل، رافضة تسلّم أموال المقاصة رغم أن الأخيرة تتحدث عن تحويلها إليها كاملة. معركة جديدة تحت عنوان وقف التنسيق، لا يعرف كيف ستنتهي مع أن التجربة بيّنت أن السلطة سترضخ في النهاية. وإلى ذلك، بدأت خطة تقشف وأعلنت أزمة رواتب

غزة | يسود التوتر الشارع الفلسطيني بعد إعلان عضوَي «اللجنة المركزية لحركة فتح»، عزام الأحمد وحسين الشيخ، رفض السلطة تسلّم أموال الضرائب التي تجنيها إسرائيل نيابة عنها (المقاصة)، وذلك «تنفيذاً لقرار القيادة الفلسطينية أنها في حل من الاتفاقات والتفاهمات كافة مع حكومة إسرائيل»، كرد على خطة الضم الإسرائيلية المدعومة أميركياً للضفة المحتلة، وهو رد يشمل وقف التنسيق المدني والأمني، وبدت ظواهره قبل أيام في وقف التحويلات الطبية لمرضى قطاع غزة للعلاج في فلسطين المحتلة.

تقول مصادر مطلعة في الحكومة الفلسطينية لـصحيفة «الأخبار» اللبنانية إنه تقرر بناء على ما سبق «خطة تقشف تنص على ترشيد مصاريف السلطة ورواتب الموظفين والتعيينات والترقيات حتى إشعار آخر»، مشيرة إلى أن وزارة المالية ليس لديها حتى الآن موعد لصرف الرواتب عن الشهر الماضي الذي كان مقرراً الأربعاء الماضي، لكنها قد تضطر إلى الاستدانة من البنوك للوفاء برواتب الموظفين». وكان الأحمد قد لمح الثلاثاء الماضي إلى أن «من الممكن ألا ينتظم صرف الرواتب ويتكرر ما حدث عندما فازت حماس بالانتخابات (فرضت عقوبات آنذاك) أو بداية تأسيس السلطة... كان الموظفون يتقاضون رواتبهم مرة كل ثلاثة أو أربعة أشهر».
لكن المتحدث باسم الحكومة في رام الله، إبراهيم ملحم، قال إن وزير المالية، شكري بشارة، سيخرج في مؤتمر مطلع الأسبوع المقبل للحديث عن موعد والنسبة الممكنة لصرف الرواتب، فيما ينقل المختص الاقتصادي أمين أبو عيشة عن مصادر أخرى أن الرواتب ربما تتأخر لأسابيع. وبلغت فاتورة الموظفين العموميين (160 ألفاً موزعين بين غزة والضفة) 4.951 مليار شيكل (100 دولار = 345 شيكل) عام 2018، وهو ما نسبته 46% من إجمالي النفقات. وفي ظل هذه النسبة العالية، يرجح خبراء اقتصاديون أن السلطة على أبواب أزمة وأن كل السيناريوات مفتوحة لأن حالة المجتمع الدولي تغيرت عما كانت عليه، فيما يتوقع آخرون ألا تطول هذه الأزمة لأن هناك تحركات من روسيا وبعض دول الاتحاد الأوروبي، أبرزها فرنسا وإسبانيا، لحث إسرائيل على تأجيل أو إلغاء قرار الضم.
وبينما تحدثت وسائل إعلام عبرية عن سماح تل أبيب بتحويل المقاصة دون انتقاص مبالغ منها كانت تدفع رواتب للأسرى، تؤكد مصادر فلسطينية أن «أموال المقاصة لم تحوّل هذا الشهر بسبب وقف التنسيق بين السلطة والجانب الإسرائيلي» وأن «الحكومة تدرس خيارات أخرى؛ منها تحويل المقاصة مباشرة عبر البنك الدولي إلى المالية الفلسطينية»، قائلة لـ«الأخبار»، إن «الأمر مسألة وقت لا أكثر، من أجل التحرر من تحكم الاحتلال في الجانب المالي». يشار إلى أن العدو يقتطع شهرياً 42 مليون شيكل (12 مليون دولار) بذريعة أنها رواتب الشهداء والأسرى، فيما تبلغ قيمة المقاصة نحو 750 مليون شيكل شهرياً (208 ملايين دولار هي 70% من إيرادات السلطة)، وبهذا هي تغطي 70% من فاتورة الرواتب البالغة 600 مليون شيكل (166 مليون دولار)، والنسبة المتبقية يكملها الإيراد الضريبي الداخلي. كما تعتمد السلطة على مساعدات عربية خاصة من السعودية والجزائر، وأخرى أجنبية.
وعن الرواتب، قالت مصادر أخرى في «المالية» إن الوزارة ستدفع بما يتوفر في الخزينة، إذ من المتوقع العودة إلى نظام 60% من قيمة الراتب. لكن اقتصاديين فلسطينيين استبعدوا أن تحدّ الإجراءات التقشفية التي تتبعها رام الله من الأزمة، فيما قال إعلاميون إسرائيليون إن السلطة تدرس تخفيضات في ميزانية غزة ومن ضمنها المستشفيات والمدارس والرواتب، الأمر الذي قد يؤدي إلى تصعيد في جنوب فلسطين.
وقبل قرار رفض تسلّم المقاصة، تعاني رام الله أزمة مالية كبيرة، إذ وفقاً لبيانات وزارة المالية وصل الدين إلى 236 مليون شيكل خلال كانون الثاني/ يناير الماضي على أساس شهري، فيما بلغ إجمالي الدين العام حتى نهاية يناير الماضي 9.89 مليارات شيكل، فضلاً عن فاتورة مستحقات الموظفين في غزة التي خُصمت على مدار عامين ولا يعرف حجمها أو مصيرها، علماً بأن رواتب الموظفين تمثل العبء الأكبر على السلطة، وتزداد سنوياً دون هيكلية خاصة لتنظيمها أو تقليلها. وتسببت الخصومات الإسرائيلية في حرمان السلطة نحو 45 مليون شيكل شهرياً (12 مليون دولار)، كما سجل تخفيض في الدعم العربي والمساعدات الدولية وشح في الإيرادات بسبب الحصار والانقسام منذ 14 عاماً.
وكانت مصادر إعلامية إسرائيلية قد ذكرت أن تل أبيب قررت تحويل 500 مليون شيكل من أموال المقاصة إلى السلطة خلال أيام بعدما تم حل قضية رواتب الأسرى والشهداء (دون توضيح الآلية)، وهو ما نفته مصادر في الحكومة الفلسطينية. تعليقاً على المشهد، يقول المحلل هاني المصري إنه إذا بقيت العوامل التي تؤثر في الوضع الفلسطيني كما عليه الآن، وإذا تفاقمت أكثر، فإن انهيار السلطة لا يبقى مجرد احتمال، بل يصبح مرجحاً، وهو محتمل كون الخطة الأميركية ــــ الإسرائيلية تريد حكماً ذاتياً خاضعاً للسيادة الإسرائيلية دون دور سياسي.
(الاخبار اللبنانية)