2024-11-24 07:47 م

إرهاب أمريكي جديد… ما السر وراء قانون قيصر؟

2020-05-29
بقلم: الدكتور خيام الزعبي 
أسلوب جديد من الحرب تفرضه الإدارة الأمريكية ضد كل من يخالفها أو يواجه مشاريعها في المنطقة، وهذا الأسلوب دخل على خط موجة العقوبات الاقتصادية التي بدأت تظهر ملامحها في الإقليم، فأصدرت قانون قيصر على الشعب السوري والذي يفرض عقوبات طويلة الأمد على مختلف الجوانب الاقتصادية وخلق طرق بديلة لتحقيق أهداف أمريكا وأدواتها في المنطقة. إن الهدف من قانون قيصر الأمريكي هو تهيئة الأرضية المناسبة لتغيير الجغرافية السياسية السورية و محاصرة سورية وحرمانها من موارد إضافية في استخدام الطريقين الدوليين m4,m5 الذين يرطبان الأردن ودول الخليج العربي بالبحر الأبيض المتوسط ، حيث فرض هذا القانون على جميع الدول والشركات التي تتعامل مع سورية عقوبات اقتصادية وخاصة الشركات الأردنية والشركات في دول الخليج، مما يؤدي إلى إجبار هذه الشركات أو دولها بالامتناع عن التعامل التجاري والاقتصادي مع سورية، مع عدم استخدام هذين الطريقين الدوليين، بما يؤدي إلى حرمان سورية من موارد إضافية، كانت قائمة قبل عام 2011. ومن جهة أخرى استثنى هذا القانون منطقة الإدارة الذاتية في عين العرب، وهي منطقة للإدارة الذاتية الكردية وذلك من أجل تعزيز الحوارات التي تقام من تحت الطاولة بإشراف أمريكي والتي تتلخص في جعلها دولة اتحادية، أي إقامة فدراليات في سورية، وبمعنى آخر إن الولايات المتحدة تسعى إلى فدرلة سورية كما هو سعيها وتخطيطها لفدرلة بقية دول المنطقة العربية في العراق وفي اليمن وفي ليبيا وفي وقت لاحق السودان. إن اعتماد قانون قيصر يشير إلى مدى إحباط الولايات المتحدة من فشل خطتها التي نفذتها تحت اسم Timber sycamore، والتي سعت عن طريقها إلى تمويل وتسليح جماعات إرهابية مختلفة في سورية لتقوم بالوكالة بتفتيت وتقسيم سورية، وبالتالي تكريس هيمنة أمريكا على سورية، بما يخدم أمن إسرائيل الإرهابية. هنا لا بد من التذكير بأن مشروع قانون القيصر هو نسخة سورية للطبعة العراقية التي سمّيت بـ"قانون تحرير العراق" عام 1998، والذي استند فيه إلى "منطقة الملاذ الآمن"، بالقرار الذي اتخذته واشنطن عام 1991، بالترافق مع تشديد الحصار على العراق والذي امتد أكثر من 12 عاماً تمهيداً لإطاحة نظامه واحتلال البلاد بالكامل وتركها لفوضى خلاقة ما تزال تأثيراتها وتداعياتها قائمة ومستمرة حتى يومنا الراهن. لنكن أكثر صراحة ووضوحاً إن هذه العقوبات الأمريكية هي إجراءات اقتصادية أحادية الجانب من خارج إرادة المجتمع الدولي يمثل سلوكا منافيا للشرعية الدولية، ويجعل منها واحدة من أكثر مظاهر الإرهاب الاقتصادي، وإن الحكومة السورية تستطيع مواجهة قانون قيصر والمخطط الأمريكي بأكمله من خلال علاقاتها مع الدول الصديقة مثل روسيا والصين وبعض دول آسيا وأفريقيا ودول الجوار كالعراق والأردن ولبنان، كما يمكن إطلاق شعار الاعتماد على الذات الذي يؤسس للاعتماد على الإمكانيات السورية، ومن جهة أخرى تدعيم المواجهة والمقاومة الاقتصادية، عبر استراتيجيات تنقسم بين ما هو ضروري وعاجل، وهو توفير كل مصادر الطاقة لاستمرار عجلة الإنتاج وتوفير البدائل من بضائع في الأسواق، وتحريك الاقتصاد، بالتزامن مع محاولات ضبط أسعار الصرف ومواجهة التذبذب بسعر صرف الدولار، والاستمرار في التخطيط ودراسة وتنفيذ إعادة الاعمار. ما يثير السخرية، إن الإدارة الأمريكية تزعم إن هذه العقوبات تأتي بحسب وصفها، لمصلحة الشعب السوري وحماية المدنيين، وهم يدركون تماما إن هذا القانون يستهدف كل الشعب السوري وستنعكس نتائجه على حياة كل السوريين وخاصة الطبقات الأكثر فقراً منهم وهو ما يناقض بشكل كلي أهداف القانون المعلنة بأنه لحماية المدنيين السوريين بينما هو في الحقيقة يستهدف تدمير كل مقومات حياتهم. كما أن الإدارة الأمريكية تعتقد إنها قادرة على خداع الرأي العام الدولي والعربي، لكن إرادة الشر والعدوان الأمريكي تبقى مكشوفة لدى الشعوب، عبر حروبه المتعددة التي تستهدف الإنسان في كل بقعة من بقاع الأرض. وباختصار شديد، إن سورية هي العقبة الحقيقة أمام الأطماع الأمريكية في المنطقة وهي الثقل .. لنحافظ على سورية وعلى جيشها حتى نحافظ على استقرار وأمن المنطقة بأكملها. Khaym1979@yahoo.com