2024-11-30 06:42 م

القرارات القيادية عظيمة..لكن، كيف الطريق الى التنفيذ، ومتى؟!

2020-05-22
القدس/المنـار/ كتب المحرر السياسي/ في الاجتماع القيادي الاخير الذي عقد في مقر الرئاسة برام الله أعلن الرئيس محمود عباس أن "منظمة التحرير ودولة فلسطين في حل من جميع الاتفاقات والتفاهمات مع الحكومتين الامريكية والاسرائيلية ومن جميع الالتزامات بما فيها الامنية، وتحميل اسرائيل جميع المسؤوليات والالتزامات أمام المجتمع الدولي كقوة احتلال في أرض دولة فلسطين المحتلة، وبكل ما يترتب على ذلك من اثار وتبعات وتداعيات".
هذا القرار يأتي في أعقاب الاعلان من جانب تل أبيب وواشنطن عن ضم اراض فلسطينية كأحد بنود صفقة القرن، ومثل هذا القرار كان قد طالب المجلس الوطني والمجلس المركزي باتخاذه في مراحل واحداث سابقة، وبشكل خاص عندما اعترف سيد صفقة القرن بالقدس بشطريها عاصمة لاسرائيل ونقل سفارته اليها.. وايضا عند الاعلان عن هذه الصفقة رسميا بحضور ترامب ونتنياهو من ساحة البيت الابيض بواشنطن.
الآن، ماذا عن التنفيذ؟ وهل هناك مزيدا من الانتظار دون اجراءات عملية، ترجمة لهذه القرارات المتخذة، فالصفقة سيئة الصيت بوشر بتنفيذها قبل فترة ليست بالقصيرة، وشاهدنا الردود الباهتة على الصعيدين العربي والدولي، كانت تصريحات فارغة، لا تسمن ولا تغني من جوع ولا تمنح دفئا، والمتتبع بين ثناياها يخرج نتيجة واحدة وهي أن مطلقي هذه التصريحات هم أقرب الى مساندة نتنياهو ـ ترامب، ولا فعل حقيقيا لصالح الجانب الفلسطيني.
حتى الرد الفلسطيني على انطلاق صفقة القرن كان أقل من المتوقع، وسرعان ما توقف الحديث عن ردود عملية جدية، الى أن القى نتنياهو امام الكنيست الاسس التي سيقوم عليها مسار الائتلاف وفي مقدمتها ضم اراض فلسطينية وفرض السيادة الاسرائيلية عليها، وتاه الكثيرون بين تسريبات الاعلام الامريكي والاسرائيلي وابر التخدير العربية من مواقف ولقاءات فارغة كاذبة.. ونصائح الداعين الى الانتظار.. لعل وعسى تأتي الرحمة ويجيء الفرج من واشنطن، وهناك من اعتقد أن زيارة وزير خارجية الولايات المتحدة الى اسرائيل في ظل اجتياح كورونا واجراءات الحماية من شروره، هي اعلاما لاسرائيل بأن تجمد مسألة الضم، مع أن الهدف من الزيارة أبعد من ذلك بكثير، ولا علاقة له لا من قريب ولا بعيد بصفقة القرن وعمليات الضم والسيطرة وانما هي زيارة للتنسيق بشأن التنافس الصيني الروسي من جهة وأمريكا من جهة اخرى بخصوص المشاريع الاستثمارية، في ظل تداعيات كورونا.. وبومبيو لا تربطه بالصفقة شيئا، بل هي اختصاص ترامب وصهره كوشنير.
ان القرارات المتخذة في الاجتماع القيادي الاخير، تشكل ترجمة لرغبات الشارع، ولكن، السؤال الذي يطرح نفسه، هل هناك استراتيجية مدروسة تخرج هذه القرارات الى حيز التنفيذ والتأثير؟
ماذا عن تهيئة الشارع ليأخذ دوره، في ظل هذه الظروف؟ فهو وحده الذي يملك الرد المؤثر المؤلم والمجدي على صلف وتعنت وجرائم امريكا واسرائبل.
قبل أشهر قليلة، التقيت صحفيين كبار من مؤسسات اعلامية مؤثرة، وقالوا باستغراب ودهشة، اعتقدنا أن الجماهير الفلسطينية ستخرج عن بكرة ابيها الى الميادين والشوارع ردا على اعتراف امريكا بالقدس عاصمة لاسرائيل ونقل سفارتها اليها، وردا على طرح صفقة القرن، وكنا على أهبة الاستعداد لتصدير هذه المشاهد الى انحاء العالم، لكن هذا لم يحدث؟! مع أن المسيرات والاحتجاجات تندرج في اطار المقاومة الشعبية السلمية التي تنادي بها وتؤكد عليها القيادة الفلسطينية.
كنا نتمنى أن ينعقد هذا الاجتماع لحظة الاعلان عن صفقة القرن بمشاركة كل التيارات والفصائل، والانقسام المشين يكون قد انتهى لتحل محله مصالحة حقيقية جادة، كيف سنواجه الانتهاكات والبرامج الاسرائيلية والساحة منقسمة على نفسها، لا تلاقي بين حماس وفتح، والصراع يتعمق داخل التنفيذية، والخلافة تتفاقم داخل المركزية، والعبث الاقليمي والدولي يضرب في الساحة الفلسطينية والصراحة في الردود وطرح المواقف وكشفها معدومة.
اذا.. كيف الطريق للرد على عملية الضم قبل أن تكون أمرا واقعا على الارض، فهذا التشرذم وهذا الصراع أحد أهم العوامل التي شجعت امريكا واسرائيل على طرح الصفقات وتمرير المخططات، هذه الاخطار التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني وقضيته أليست كافية لجسر الهوة بين المتصارعين ودفعهم الى التلاقي على قاعدة منع تصفية قضية فلسطين.. فمتى سيكون هذا التلاقي، ما دام الانقسام يتجذر والصراعات تتزايد والاقصاء والتفرد سيد الموقف في ساحة تئن تحت التحديات والتهديدات والانتهاكات.
من هنا، نتساءل، هل هناك استراتيجية تكفل تنفيذ القرارات المتخذة؟ التنفيذ الجدي ليس بحاجة الى لجان ومناشدات، وانما بحاجة الى ساحة متماسكة وشعب موحد.. وهذا ما نفتقر اليه، ومن حق الكثيرين التساؤل من منطلق الحرص والحذر والقلق.
جاء في القرارات المتخذة، ان منظمة التحرير ودولة فلسطين المحتلة في حل من التفاهمات مع امريكا.. مواقف امريكا لم تتغير منذ عقود طويلة.. داعمة لاسرائيل ومعادية للشعب الفلسطيني، ورغم ذلك ابقت القيادة الفلسطينية "كل البيض في السلة الامريكية" وتبني علاقاتها مع العديد من الدول على قاعدة ارضاء الولايات المتحدة وعدم اغضابها، وللاسف نخشى أن يبقى هذا البيض مكانه.
وبالنسبة للدول الاوروبية التي تناشدها قرارات الاجتماع القيادي فهي تسير في الفلك الامريكي ومجروحة الان بفعل كورونا وامامها سنوات طويلة لتعيد اتزانها، ولن تنشعل في قضيتنا، ولن تقوم بأي عمل جاد، عقابا لاسرائيل، فهي أعجز من أن تقف في وجه امريكا وحتى اسرائيل، لكنها، مبدعة في اصدار بيانات التخذير والنفاق، وللاسف نحن نبني على ذلك.
وللتذكير، لقد عقدت دول الاتحاد الاوروبي اجتماعا لها قبل كورونا في بروكسل و "هللت" القيادة متفائلة باصدار بيان ضد صفقة القرن، لكن، لم يحدث وصمتت، وكل ما صدر عنها كلمة "لننتظر"؟!
لقد خلا بيان الاجتماع القيادي من أية اشارة بالنسبة للدول العربية، فهل موقفها مضمون وفي "الجيبة".. غالبيتها مشاركة في المخطط الامريكي الصهيوني، وتنتظر دور تمرير وتسويق الصفقة، تحت ذريعة ان في الصفقة ايجابيات، وطالبت القياتدة باستئناف التفاوض على قاعدة أسس هذه الصفقة.
الدول العربية اتفقت على تدمير سوريا وليبيا واليمن، وما تزال وهو اتفاق قذر هدفه في النهاية فتح الطريق أمام تصفية القضية الفلسطينية، وما تزال تنفذ مخططات لتدمير الساحات العربية، وهي سياسة تنتهجها أنظمة الردة في الخليج السعودية والامارات وقطر وان اختلفت اشكال واساليب التنفيذ، فلا رهان على هذه الدول التي اسقطت القضية الفلسطينية من على جدول اهتمامها، وفي طريقها لاشهار علاقاتها مع اسرائيل ولولوج ابواب التطبيع معها، واذا ارادت "رفع العيار" تعلن انها مع اي موقف تتخذه القيادة.. ونسأل ماذا لو اتخذت القيادة قرار المواجهة مع الاحتلال وبرامجه.. لن تتحرك لتقديم دعم، وانما ستسارع الى تشديد الحصار، ونصب أرجل طاولات التفاوض ودفع القيادة اليها، لتوقيع صك الاستسلام.
يتشف من قرارات الاجتماع القيادي في رام الله، انها رسائل لجهات عدة، بانتظار الرد عليها، وهذه احدى سلبيات مثل هذه القرارات، فمثل هذه الرسالة عديمة النفع والجدوى، اية رسائل هذه وبنود صفقة القرن تطبق على الارض، ان الردود لن تتعدى الدعوة لاستئناف المفاوضات على اساس صفقة القرن والتحذير من تداعيات ترجمة هذه القرارات وصولا الى التهديد باقصاء القيادة، والتشديد على أن المقاولين والوكلاء جاهزون، فنعود الى نقطة الصفر.!!
واستنادا الى وضوح الصورة فان الرد العملي على عملية الضم، رغم تأخره هو أن تطلق القيادة الفلسطينية يد الجماهير الفلسطينية للخروج الى الشارع، فهذا ما يؤلم الاعداء ويجبرهم على التراجع، أليست القيادة هي من تبنت خيار المقاومة السلمية، فلماذا اذن لا تقوم بتفعليه!! هذه الجماهير ايضا اذا تحركت هي التي ستجبر المتخاصمين على التلاقي ونبذ المنافع الذاتية والالتقاء على استراتيجية سليمة واضحة ومشروع نضالي متفق عليه، مع ضرورة معالجة العديد من الثغرات التي تهدد بسقوط البيت الفلسطيني، ثغرات تسببت في احداث تذمر في الشارع وهذا يفرض التخلي عن سياسة التعاطي معه بعد أن ثبت فشلها وخطورتها.