القدس/المنـــار/ يُدرك رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو انه من الان فصاعدا لم يعد صاحب القرار الوحيد في رسم السياسة الاسرائيلية، وانه بات بحاجة الى "توقيع" الشريك الرئيس في ائتلافه الحكومي "بيني غانتس" الى جانب "توقيعه"، وهذا يعني حتمية "التلاقي" و "التوافق" بينهما لتسهيل تمرير خطوات مصيرية بالنسبة لمستقبل اسرائيل. لكن، السؤال الذي يطرح نفسه هنا وبعد 3 معارك انتخابية ساخنة بين الرجلين، وولادة عسيرة للائتلاف الحكومي: هل هناك فرصة لعمل مشترك بين الزعيمين في ما يتعلق بالقضايا المصيرية، وبشكل خاص ما يتعلق بالمبادرة الامريكية للسلام؟!
ترى دوائر اسرائيلية أن فرص التلاقي بين نتنياهو وغانتس في ترجمة بنود الصفقة الامريكية للسلام كبيرة جدا، وان التناغم بين الرجلين كان حاضرا عندما تولى غانتس رئاسة الاركان تحت حكم نتنياهو وان العلاقة بينهما علاقة قوية وهناك احترام متبادل بين الزعيمين وأن ذلك يمكنهم من تحقيق الكثير من المكاسب السياسية والامنية لاسرائيل في المرحلة القادمة خاصة ما يتعلق برسم خارطة المصالح الاسرائيلية في الضفة الغربية تحت المظلة الامريكية. وتقول الدوائر الاسرائيلية أن نتنياهو وغانتس متشابهان في رؤيتهما للتحديات التي تواجه اسرائيل وسبل مواجهتها والتعامل معها، وهي رؤية لا تقوم على المغامرة والتسرع ولهذا من المستبعد أن يكون هناك تصادم بينهما حول الطريقة الأفضل لتنفيذ ما جاء من بنود تخدم المصلحة الاسرائيلية في صفقة القرن.
البرنامج الخطير لحكومة "الرأسين" في اسرائيل
ومن بين الخطوات التي ستعمل اسرائيل على تسريعها لضمان تحقيق بنود السيادة:
(1) تسخين قنوات الحوار مع الدول العربية المعتدلة والتواصل معها سواء بشكل مباشر أو من خلال التأثير الامريكي في محاولة لضمان استمالة هذه الانظمة المعتدلة سواء استمالة علنية من خلال مواقف متوازنة اتجاه الخطوات الاسرائيلية المراد الاقدام عليها، أو من خلال الاكتفاء بالصمت او حتى الرفض الشكلي واللفظي. ونشير هنا الى أن نتنياهو وغانتس واشكنازي يتفقون على اهمية المحافظة على الكتل الاستيطانية الضخمة تحت السيادة الاسرائيلية، وضرورة القفز من فوق رؤوس الفلسطينيين في حال رفضهم للتسوية الامريكية، والتحاور مباشرة مع الانظمة العربية المعتدلة.
(2) استكمال الطاقم الامريكي الاسرائيلي ترسيم خرائط الضم وصولا الى الانتهاء من هذه الخطوة لرفعها الى المستوى السياسي في الادارتين الامريكية والاسرائيلية.
(3) استكمال الجيش والمؤسسة الامنية اعداد الخطط التنفيذية التي سيتم العمل على اساسها حال اتخاذ المستوى السياسي في اسرائيل القرار بفرض السيادة والضم، وذلك لعرض هذه الخطط للنقاش داخل الحكومة الاسرائيلية وبمشاركة مندوبين عن المؤسسة العسكرية والاستخبارية.
(4) عرض مشروع قرار على الكنيست بشأن فرض القانون الاسرائيلي او فرض السيادة الكاملة وهنا سيمنح أعضاء الائتلاف حرية التصويت. والخطير هنا ان هناك اغلبية داخل الكنيست لتمرير هذا القانون.
(5) غانتس واشكنازي يصران على أهمية الغطاء الامريكي للصفقة وأن يتم تمرير الصفقة بالكنيست كرزمة واحدة بكل بنودها بما فيها البند الذي يتعلق بدولة فلسطينية.
(6) تنفيذ صفقة القرن لن يتأثر بالمواقف الفلسطينية، فالجانب الفلسطيني بات اكثر ضعفا من اي وقت مضى بعد جائحة كورونا، وبقاء السلطة وصمودها بات معلقا بحجم الاسناد الذي تقدمه اسرائيل لها، أي ان عامل الاسناد الاقتصادي والمالي سيكون رافعة مهمة في التأثير على المواقف الفلسطينية في المرحلة المقبلة.
(7) الولايات المتحدة ستسمح لاسرائيل بالقيام بعملية فرض السيادة على نبضتين بما يشكل بما يشكل 30% من مساحة الضفة الغربية، على أن تكون النبضة الاولى بما مساحته 15% كخطوة اسرائيلية احادية الجانب في حال استمر رفض الفلسطينيين الخوض في المبادرة الأمريكية، أما النبضة الثانية فستكون مؤجلة.
يمكننا القول أن القرار النهائي بشأن الضم من عدمه مرتبط ارتباطا كبيرا بتقدير الموقف الأمني والعسكري الذي ستقدمه الاجهزة العسكرية والامنية الاسرائيلية، بالاضافة الى ما سيعرضه نتنياهو من حقائق سياسية يتم وضعها على طاولة المجلس الوزاري المصغر، فهناك حسابات مرتبطة بالتغيرات الداخلية الحاصلة في الولايات المتحدة وبشكل خاص داخل الحزب الديمقراطي وصعود اجنحة (تناكف) اسرائيل بشكل او باخر، واهمية استغلال ما تبقى من ولاية الرئيس الامريكي الاكثر اسنادا لاسرائيل والاستفادة من وجود الادارة الحالية للتوصل الى تسويات امنية تصب في صالح اسرائيل بعيدا عن التسويات السياسية. وهناك ايضا ما تفصح عنه العديد من تقارير الاجهزة الامنية الاسرائيلية التي تتحدث عن أن أنظمة عربية محيطة باسرائيل ستنهار او تتزعزع سيطرتها وتماسك الحكم فيها جراء ازمة كورونا وهو ما سيولد انعدام للاستقرار الامني بما يؤثر تلقائيا على اسرائيل، وقد يفرض عليها القيام بخطوات عسكرية تحت غطاء (تعزيز) الامن الاسرائيلي بما فيها عمليات اعادة انتشار وتعميق تواجدها الاستراتيجي في الضفة الغربية.