القدس/المنـار/ الحكومة الاسرائيلية المرتقبة بمكوناتها الاساسية "اللكيود وكحول لفان" هي حكومة قرارات مصيرية بالنسبة لاسرائيل ومستقبلها سياسات وبرامج والأمنية في مقدمتها، خاصة في هذا التوقيت الحساس لأسباب عديدة الداخلية والخارجية.
كيف ستؤثر التشكيلة الائتلافية على الساحة الفلسطينية التي تعاني من انقسام مرير.. وانعدام استراتيجية مواجهة مدروسة لخطوات اسرائيلية كانت تنتظر التوافق على تشكيل الائتلاف وليس مستبعدا أن تكون هناك تفاهمات سرية بين نتنياهو وغانتس تتعلق بالمسار السياسي مع الجانب الفلسطيني هي التي سهلت جسر فجوة الخلاقات بينهما، وفي مقدمتها الدفع باتجاه تصفية القضية الفلسطينية من خلال تكثيف البناء الاستيطاني وضم الاراضي وفرض السيادة على اجزاء واسعة من الاراضي الفلسطينية، وكلاهما مع هذه السياسة.
الحكومة الاسرائيلية المرتقبة تؤكد تحول الشارع الاسرائيلي نحو اليمين المتطرف، حتى من هم في المعارضة "افيغدور ليبرمان وموشي يعلون" ليسوا اقل تطرفا ممن هم داخل الائتلاف، وتجمعهم جميعا سياسيات مشتركة، والخلافات بينهم شخصية لا أكثر.
لقد تضمن اتفاق تشكيل الائتلاف بنودا واضحة في مقدمتها الضم وفرض السيادة، وتم تحديد موعد بداية شهر آب القادو لتنفيذ خطوات اتفق بشأنها مع الرئيس الأمريكي، تشكل جزءا من بنود الصفقة المسماة بصفقة القرن التي بدأ تطبيقها منذ فترة طويلة دون ردود فلسطينية مؤثرة..ودون مغادرة مربع التلقي.. وحتى رد الفعل ما يزال هشا وضعيف التأثير، الرد الفلسطيني الرسمي لم يتعد الرفض اللفظي للصفقة وبنودها الخطيرة التي دخلت دائرة التنفيذ وبقوة، ولم يصل بعد الى اعتماد الخيارات المتاحة، اما الرد الشعبي فقد ارتبط بوجهة النظر الرسمية لاعتبارات أكدت التطورات عدم سلامتها، وجهة نظر لم تفتح الأبواب لشمولية الرد الجماهيري بموافقة دائرة صنع القرار واسنادها.
الائتلاف الحكومي الاسرائيلي سوف يتجه لتصعيد الحرب ضد الفلسطينيين، حقوقا وثوابت، ائتلاف بقاعدة عريضة يعني بوضوح أن اسرائيل بعيدة كل البعد عن مسار السلام، بل لقد خرجت منه تماما، حرب تشتد بدعم الادارة الامريكية وبترتيب معها، وضوء اخضر منها أطلقته في لقاءات دونالد ترامب مع نتنياهو وغانتس في البيت الابيض، وهي اللقاءات التي شكلت أحد أسباب التوافق بين الاثنين على المضي في تشكيل الحكومة، على أسس وتفاهمات متفق عليها مسبقا، وهنا تكمن خطورة كبيرة، تستدعي تغيير نهج وسياسات لدى القيادة الفلسطينية وعدم الاكتفاء بالتصريحات والمؤتمرات المؤكدة على قرارات لم تنفذ وبقيت حبيسة الادراج لاجترارها مع كل اجتماع على هذا المستوى وذاك وتحت تسميات شتى.
هذه المرحلة جد خطيرة، والتسلح بلقاءات مع قناصل ومبعوثين وارسال برقيات ورسائل وتسفير موفدين، عوامل تحمل في طياتها العجز الذي يتيح للاعداء ترجمة خططهم في المواعيد التي حدودها، وهناك حقيقة تفرض على الجانب الفلسطيني التحرك سريعا بأدوات غير معهودة، تنفض عنها غبار مواقف أساءت وأضرت استثمرها الطرف الاخر تنفيذا لبرامج مدروسة، المرحلة القادمة مرحلة كسر عظم تفرض تغيير الأساليب والأدوات والردود، وقبل كل شيء تخفيف أو فك القيود عن الشارع بعيدا عن التذرع باعتبارات في مقدمتها "حتى لا نخسر دعم المجتمع الدولي" الذي لم يقدم للفلسطينيين شيئا على امتداد سنوات طويلة من القهر والاحتلال، ويقف عاجزا امام الحرب الامريكية الاسرائيلية التي تشن بقوة وشراسة على الشعب الفلسطيني.. مرحلة تفرض على الفلسطينيين أن يظهروا لهذا المجتمع الدولي حجم وقوة الرد الشعبي الفلسطيني، رد كان يفترض أن يتجلى لحظة اعلان ترامب لموقفه العدائي لشعبنا الفلسطيني.
هذه المرحلة تتطلب اعادة تقييم السياسات والمواقف، وقبول النصائح غير الملغومة، وقطع خيوط الاختراق والامتدادات حتى من داخل دائرة صنع القرار، والتوقف عن قبول اراء ومواقف "الموشوشين" وعديمي الفهم، وقليلي الخبرة خاصة بالشأن الاسرائيلي، والكف عن رفع الجدران المانعة والمعرقلة لاصحاب الكفاءات والخبرة والقدرة على طرح الاراء السليمة المدروسة، من ذوي السيرة الحسنة الذين يتمتعون بالصدقية، والبعد عن المنافع الذاتية وعدم صدهم عن لقاء ولي الأمر.
المرحلة القادمة تحمل في طياتها اكثر القرارات والخطوات الاسرائيلية خطورة، لذلك، من الضرورة قطع اختراقات الانظمة والحذر من وكلائها، ومن ناقلي الرسائل الكاذية الترهيبية والترغيبية أحيانا وأكاذيب القنوات السرية، فلا مجال ولا مكان في هذه المرحلة للتبريرات والاعذار، ولماذا لا يجري تفعيل قرارات متخذة في المؤسسات الدستورية والمجالس التشريعية صاحبة القرار.
وعند اتخاذ اية مواقف لمواجهة خطورة المرحلة لا بد من الاخذ في الحسبان ان كافة الدول في هذا العالم وتلك المؤثرة مشغولة بتداعيات فيروس كورونا وكيفية التعافي منه صحيا واقتصاديا، وبالتالي لن يستمع الى شكوانا، كيف "تفزع" لنا وهي ما قبل كورونا لم تفعل شيئا.
فليتوقف المغرمون بتصدر وسائل الاعلام عن سيل "تصديع" رؤوسنا بأخبار ارسال البرقيات ولقاء الدبلوماسيين ونشر المذكرات، فلم يعد هناك سوق لهذه المواهب وهذا الادمان.
وبالنسبة للموقف العربي، هناك ساحات تتصدى للارهاب واخرى محاصرة، لذلك هي أعجز من أن تنجدنا وتقدم لنا ما يدعم الرد الذي سيتفق عليه، والمفترض أن يكون مختلفا عن الموقف المتخذ حاليا والذي تتمسك به القيادة خطأ بعد أن سقطت تبريراته ودواعي الأخذ به، دون ان تتجاهل القيادة الفلسطينية أن دول "الاعتدال" وفي مقدمتها أنظمة الردة في الخليج، تصطلع بأدوار كبيرة في صفقة التآمر على شعبنا وتمويل خطوات الضم والتهويد وفرض السيادة، وهنا القيادة مدعوة الى كشف تحركات هذه الأنظمة وبعضها يحاصر شعبنا ويحارب هذه القيادة.
ونتساءل، بكل الصراحة والوضوح،،
الى متى ستبقى القيادة الفلسطينية أسيرة الانتظار، لا تفارق دائرته، والى متى تستمر في فتح اذانها للوشوشات والنصائح الملغومة، وهل سترفض من الان فصاعدا مقولة: الانتظار حتى تنتهي الانتخابات، لعل قادم جديد يصعد عتبات البيت الأبيض، ولننتظر حتى نعرف خير ائتلاف نتنياهو وغانتس من شره.. وهل هناك خير من هذا الائتلاف..
ترى، هل تصد الأبواب وتغلق في وجوه "رسل السوء المبرمجين الكاذبين".
نأمل ذلك... ونأمل أولا باستراتيجية واضحة صادقة جادة، قادرة على مواجهة شر ما هو قادم وآت فالاستراتيجية المدروسة الصادقة المؤمنة بالرد الجماهيري الواسع والشامل قادرة على افشال تمرير المخططات الامريكية الاسرائيلية من ضم وتهويد وفرض سيادة.