2024-11-24 06:29 م

أكثر من 300 ألف إصابة بـ«كورونا» في البرازيل؟

2020-04-16
يبدو أن البرازيل مقبلة على اضطراب يتعلّق بالتعامل الرسمي مع تفشي «كورونا». ففي حين تستمر الأزمة الحكومية بين وزير الصحة من جهة، والرئيس جايير بولسونارو، من جهة أخرى، على خلفية الإجراءات المتخذة لمواجهة الفيروس، وتوجّه الأخير إلى إقالة الأول، تُشير المؤشرات إلى قرب انهيار النظام الصحي في أكثر من ولاية

لا تزال الحكومة البرازيلية تشهد منسوباً عالياً من التوتر بسبب الانقسام الذي خلّفه فيروس «كورونا» فيها. ففي حين يرغب الرئيس البرازيلي اليميني، جايير بولسونارو، ومؤيدوه، في وقف إجراءات العزل والحجر المنزلي الذي فرضته مدن كبرى على سكانها، لاعتباره أنه سيؤدي إلى خسائر فادحة في اقتصاد البلاد، يبرز رأي آخر معارض بقيادة وزير الصحة البرازيلي، هنريك مانديتا، يُصّر على استمرار فرض الإجراءات، تخوّفاً من تسلل المرض بين أعداد كبيرة من السكان.

التبايبن بين بولسونارو ومانديتا، كان محط أنظار الصحافة البرازيلية على مدى الأسابيع الماضية، أبرزها صحيفة «أو غلوبو»، التي نقلت عن مصادر حكومية قولها إنّ «شخصاً آخر سيتولّى منصب مانديتا، إلا أنّ وزير الصحة مصمّم على استمراره فى المنصب رغم أنف الرئيس»، ليخرج أمس «مسؤولان مطّلعان» عبر وسائل إعلام محلية ويؤكدان الخبر بالكشف أنّ «مانديتا قال لفريقه إنّ بولسونارو سيُقيله على الأرجح هذا الأسبوع»، الأمر الذي يشير إلى احتمال حدوث اضطراب يتعلّق بالتعامل مع أزمة تفشي فيروس «كورونا». وقد نُقل عن مانديتا إبلاغه مُساعديه أنّه يُخطط للبقاء في العمل حتى يختار بولسونارو بديلاً منه».
يأتي ذلك، بعدما أكد نائب الرئيس البرازيلي، هاميلتون موراو، أول من أمس، أنّ مانديتا «تجاوز الخط الأحمر» بتصريحاته. وكان وزير الصحية البرازيلي قد دعا يوم الأحد الماضي، الحكومة لاتخاذ موقف موحد.

انهيار «قريب» لأنظمة الصحة
مع تزايد تجاهل البرازيليين تحذيرات مسؤولي الصحة الذين يدعونهم للبقاء في المنزل، بتشجيع من رئيس جمهوريتهم الذي شبّه الخوف من «كوفيد 19» بـ«الهستيريا»، تزداد سوءاً التوقعات حول تفشّي الوباء في البرازيل، أكثر البلدان تضرراً في أميركا اللاتينية، والتي تنتظر ذروة المرض في مطلع شهر أيار/ مايو المقبل.
وحتى الآن، سجّلت البرازيل، التي يبلغ تعداد سكانها 210 ملايين نسمة، 1736 وفاة جرّاء الفيروس، بحسب آخر حصيلة معلنة. لكن ولاية ساو باولو وحدها تتوقع 111 ألف وفاة على مدى ستة أشهر، وهو ما يعادل تقريباً إجمالي عدد الوفيات العالمية حتى تاريخه. يُضاف إلى ذلك، توقع الخبراء انهيار الأنظمة الصحية في عدد كبير من الولايات البرازيلية، إذا لم يتم تكثيف إجراءات التباعد الاجتماعي، ومنها ساو باولو وريو دي جانيرو (تأتي في المرتبة الثانية للأكثر تضرراً)، وأمازوناس، وهي منطقة ضخمة فيها عدد كبير من مجتمعات السكان الأصليين التي لها تاريخ مأسوي مع الأمراض الجديدة.
ففي ساو باولو، خمسة مستشفيات على الأقل يشغل أكثر من 70% من أسرّة العناية المركّزة فيها مرضى مصابون بـ«كوفيد 19»، وهي نسبة ترتفع سريعاً. وفي ريو دي جانيرو، كان حاكم الولاية ويلسون ويتزل، قد أعلن أنّها ستنفد من أجهزة التنفس الاصطناعي بحلول 28 نيسان/ أبريل الجاري. أما في أمازوناس، فالنظام الصحي بات فعلاً على وشك الانهيار، ولا يوجد سوى في عاصمتها ماناوس وحدة للعناية المركّزة تخدم أسرّتها البالغ عددها 50 سريراً، علماً بأنّ مساحة الولاية أكبر بأكثر من أربع مرات من مساحة ألمانيا.
وأفادت وسائل الإعلام البرازيلية بأنّه يتعين على المرضى الجدد الانتظار حتى يموت شخص ما ليتم قبولهم. من هنا، كان لزاماً على الحكومة الإسراع في اتخاذ الإجراءات اللازمة، إذ هرعت إلى بناء مستشفيات ميدانية لتعزيز القدرة على استيعاب مزيد من حالات «كورونا». وهي تقوم بشكل عاجل باستيراد أجهزة التنفس والإمدادات الطبية، وتنشر أكثر من 1000 ممرض و80 طبيباً لتعزيز قدرات الأطقم الطبية. والسبت الماضي، قال المسؤول في وزارة الصحة، جواو غاباردو، إن «منحنى العدوى في ماناوس قريب جداً من خط قدرة النظام الصحي... لذلك نحن نحاول نقل هذا الخط لزيادة القدرة على استقبال مزيد من المرضى»، مضيفاً إنّ الحصول على الإمدادات والمعدات الحيوية مثل الكمامات وأجهزة التنفس «يزداد صعوبة، إذ يفرض الموردون الدوليون أسعاراً تصل أحياناً إلى أربعة أضعاف السعر المعتاد».

300 ألف مصاب
إضافةً إلى الأزمة الصحية، أعلن باحثون من مجموعة «كوفيد 19 برازيل» أنّ عدد الإصابات بفيروس «كورونا» في البرازيل هو أكبر بـ 15 مرة من الأرقام الرسمية، مقدّرين أنّ أكثر من 300 ألف شخص أُصيبوا بالمرض، متخوّفين من خسارة الكثير من الأرواح في الأسابيع المقبلة. ويعود سبب هذا الفارق الكبير إلى معدّل فحوص الكشف عن الإصابات، وهو أقلّ بكثير من المعدلات في دول أخرى متضررة. ففي البرازيل، يبلغ هذا المعدّل 296 شخصاً من أصل كل مليون شخص.
وفي هذا السياق، نقلت وكالة «فرانس برس» عن العضو في «كوفد 19 برازيل»، ورئيس مختبر المعلومات الصحية في جامعة ساو باولو، دومينغوس ألفيس، قوله إن «البرازيل في وضع سيئ جداً ولن نتمكن من ضبط المشكلة إلا من خلال إجراء الفحوص على نطاق واسع». واعتبر أنّ الأرقام الرسمية تُظهر ما كان عليه الوباء «قبل أسبوع أو أسبوعين»، مشيراً إلى أنّ أرقام المجموعة تُساعد في «تحذير السكان من الحجم الحقيقي للوباء، لأنّ البعض يميل إلى تخفيف اليقظة».
من جهته، أقر رئيس معهد «بوتانتان» ديماس كوفاس، الذي ينسّق الفحوص في ولاية ساو باولو ــــ البؤرة الرئيسية للمرض في البرازيل ــــ بأنّ الأرقام الرسمية منخفضة. وصرّح الأسبوع الماضي في مؤتمر صحافي: «ما يحصل ليس إلا البداية، نحن بعيدون عن الذروة وسندرك في الأسبوعين المقبلين ما إذا كنا نتسلّق جبل إيفرست أو مجرّد تلة». ومن أجل الحصول على أعداد أقرب إلى الواقع، يعوّل كوفاس على 1.3 مليون اختبار مستورد من كوريا الجنوبية، بينها 725 ألفاً وصلت أول من أمس.


الاخبار اللبنانية