2024-11-27 09:41 م

«الثورة التائهة» .. كتاب عن مثلث صراع العسكر والإخوان وميدان التحرير

عبد العظيم حماد

2013-02-02
القاهرة/ في كتاب «الثورة التائهة» لرئيس التحرير الاسبق لصحيفة الاهرام ما يشبه الشهادة على المرحلة الانتقالية بعد أن تمكنت الاحتجاجات الشعبية الحاشدة من خلع الرئيس حسني مبارك قبل عامين اذ يسجل من موقعه جانبا من تفاعلات سياسية كانت الصحافة مسرحا لها قائلا: إن هذه التفاعلات أدخلت البلاد «في حقبة التيه السياسي» الذي يرى أن وصول الإخوان المسلمين الى البرلمان أو الرئاسة جزءٌ منه.

ويقول عبد العظيم حماد: إن «ثورة 25 يناير... لم تقم فقط من أجل تعديل دستور ولا من أجل طريقة انتخاب رئيس وتحديد فترة رئاسته... قامت من أجل تجديد مصر -مجتمعا ودولة- تجديدا كاملا وشاملا» عبر تأسيس دولة مؤسسات ديمقراطية حديثة تنظم العلاقات السياسية والاقتصادية والاجتماعية وتستوعب قيم العصر.

ويضيف في كتابه الذي حمل عنوانا فرعيا هو (صراع الخوذة واللحية والميدان.. رؤية شاهد عيان) أن دور الدولة الحديثة أكبر من استخدام السلطة «لادخال المواطنين الجنة وابعادهم عن النار في الاخرة» وانما توفير الحياة الكريمة للمواطن وحماية أمنه في الداخل وضمان قوة الوطن بحماية حدوده.

ويستبعد أن يكون للجيش دور سياسي مستندا لقول قائد عسكري سابق: ان الجيش المصري «ليس انقلابيا لانه يعلم أن احترام الشرعية ضرورة قصوى من ضرورات الامن القومي» ويستشهد بتمرد قوات الامن المركزي عام 1986 ووقوع البلاد في قبضة وزير الدفاع انذاك المشير محمد عبد الحليم أبو غزالة الذي التزم بحماية الشرعية ولم يقم بانقلاب للاستيلاء على الحكم.

والكتاب الذي أصدره (مركز المحروسة) في القاهرة يقع في 194 صفحة متوسطة القطع ويهديه المؤلف لكثيرين منهم رمزا الثورة في مصر وتونس (خالد سعيد ومحمد بوعزيزي).. «والى شهداء الثورة في مصر وتونس وليبيا وسوريا واليمن والبحرين».

ويقول حماد الذي كان قريبا من دوائر صنع القرار بحكم رئاسته تحرير (الاهرام) في تلك الفترة: إن «الثورة الشعبية.. بطليعتها الشابة وانضمام 18 مليون مواطن اليها في جميع المحافظات جاءت لتكسر القطبية الثنائية.. بين النظام الاوليجاركي الحاكم (نظام الاقلية) وبين جماعة الإخوان المسلمين وسائر تنويعات الاسلام السياسي» موضحا أن أسباب النجاح توفرت للثورة في بداياتها ولكنها أصبحت تائهة.

ويلخص «هذا التيه» في ما انتهت اليه الامور الى الان - اذ يرى أن الثورة لم تفرض قيمها أو تشرع في اقامتها ولم تحقق الاهداف التي رفعتها طوال 18 يوما من الحشود الجماهيرية الغاضبة ذات التوجه الوطني والانساني فلم ترفع مطالب طائفية ولم تفرق بين الرجل والمرأة «وانتهت بتسلم جماعة تقليدية زمام الاغلبية الشعبية والسلطة» مضيفا أن هذا الصعود جزءٌ من التيه أيضا اذ لا سبيل أمام السلطة الجديدة «على أحسن الفروض» الا منهج التجربة والخطأ.

ويرصد ما يعتبره مفارقة بين مفجري الثورة وحاصدي ثمارها.. فجماعة الاخوان التي عانى أعضاؤها السجن والمطاردة «لم تكن هي القوة التي زلزلت أركان نظام مبارك فهي كانت تعمل ضده أحيانا وتنسق معه أحيانا... أما الذين زلزلوا أركان النظام ومهدوا للثورة فهم القوى الحديثة» ومنها حركة استقلال القضاء وحركة 9 مارس لاستقلال الجامعات ومنظمات حقوق الانسان وحركة (كفاية) التي دعت منذ نهاية عام 2004 لعدم التجديد لمبارك وعدم توريث الحكم لابنه جمال.

ويتساءل «كيف تسربت الثورة» من أيدي هذه القوى الاجتماعية والفكرية لتسلم مصيرها الى المجلس العسكري وجماعة الاخوان «والقوة الاجنبية صاحبة الكلمة في شؤون مصر» دون أن يسمي هذه القوة الاجنبية.