2024-11-24 11:35 م

6 خبراء فيروسات وعلماء أوبئة يكشفون تفاصيل جديدة

2020-04-11
كتب سامي خليفة في "المدن": ينقسم العلماء حول أصول فيروس كورونا المستجد، وكيف نشأ أول مرة. ومع تعدد الآراء والنظريات، ناقشت شبكة "سي. إن. إن" الأميركية هذا الموضوع، محط الجدل في العالم، مع ستة خبراء في الفيروسات وعلم الأوبئة، هذه تفاصيل ما أدلوا به.
فرضية الحادث المخبري
يقول الدكتور سيمون أنطوني، الأستاذ في كلية الدراسات العليا للصحة العامة بجامعة كولومبيا، والعضو الرئيسي في برنامج "بريديكت"، وهو برنامج عالمي مموّل اتحادياً، يحقق في الفيروسات الحيوانية التي قد تسبب أوبئة، أن النظرية التي تزعم أن تفشي الفيروس بدأ داخل سوق للحياة البرية في ووهان، هي الأكثر منطقية حتى الآن.

 

ويتعارض ما يقوله أنطوني، حسب الشبكة الأميركية، مع ما تبناه باحثان صينيّان من نظرية في أوائل شهر شباط المنصرم، سّوق لها مذيع شبكة "فوكس نيوز" الأميركية، تاكر كارلسون في أواخر الشهر الماضي، تؤكد أن الفيروس نشأ في مختبرين للبحوث بالقرب من سوق ووهان، كانا يحتويان على خفافيش.

 

استبعد معظم الخبراء الذين قابلتهم الشبكة الأميركية رواية تاكر، قائلين إنها غير مدعومة بأدلة علمية. لكن الدكتور ريتشارد إبرايت، أستاذ علم الأحياء الكيميائية وخبير الأسلحة البيولوجية في جامعة "روتجرز"، شدد في رسالة عبر البريد الإلكتروني لشبكة "سي. إن. إن" على أن احتمال دخول الفيروس إلى البشر من خلال حادث مخبري لا يمكن استبعاده.
من الخفافيش
كما سبق وأشرنا، يتفق الباحثون على أن الفيروس التاجي قفز من حيوان إلى إنسان، وهي ظاهرة تُعرف علمياً باسم "الانتشار الحيواني". وفي أوائل شباط المنصرم، نشر باحثون صينيون مقالةً في مجلة "نيتشر" العلمية، أكدوا فيه أن تسلسل مجموع التركيب الجيني المأخوذ من سبعة مرضى، يتطابق بنسبة 96 في المئة مع فيروس كورونا لدى الخفافيش.
وفي وقت لاحق من شهر شباط، كتب 27 من علماء الصحة العامة، من جميع أنحاء الولايات المتحدة والعالم، رسالة في مجلة "ذا لانسيت" العلمية تدين نظريات المؤامرة. وقد استشهد الخبراء بأدلة علمية تدعم النظرية التي خلصت إلى أن هذا الفيروس التاجي نشأ في الحياة البرية، مثل العديد من مسببات الأمراض الناشئة الأخرى.

 

يتحدث أحد هؤلاء العلماء، المدعو بيتر دازاك، وهو عالم فيروسات بارز يعمل في الصين منذ 10 سنوات، كما أنه يرأس منظمة "إيكو هيلث إليانز" الأميركية، وهي منظمة صحية غير ربحية تتتبع انتشار الأمراض الحيوانية المنشأ، مع الشبكة الأميركية قائلاً: "نحن واثقون جداً بأن أصل فيروس كوفيد-19 هو في الخفافيش. نحن فقط لا نعرف أنواع الخفافيش التي نقلته، ولا نعرف عدد الفيروسات الأخرى التي تحملها الخفافيش، والتي يمكن أن تظهر في المستقبل".
الحيوان الوسيط
إلى جانب ما ذُكر آنفاً، هناك نقاش أخر يحير العلماء حول ما إذا انتقل الفيروس مباشرةً من الخفافيش إلى الإنسان، أو ما إذا كان هناك حيوان "وسيط" بينهما.

 

يعتقد بيتر دازاك أن الخفافيش نقلت الفيروس إلى حيوان آخر، تم جلبه إلى سوق ووهان  للمأكولات البحرية على قيد الحياة، وقد بقي هذا الحيوان على مقربةٍ من الناس في واحدة من أفضل الحاضنات للعدوى الفيروسية.

يشرح ذلك دازاك قائلاً: "عندما تذهب للمرة الأولى إلى الصين وتزور سوق ووهان، ستشعر بالصدمة وأنت تشاهد هذا التنوع الهائل من الحيوانات التي تعيش في أقفاص فوق بعضها البعض وتُرمى أحشائها على الأرض. وبينما تمشي نحو الأكشاك، ستدوس لا محالةٍ على البراز والدم. لا شك أن هذه أماكن مثالية لانتشار الفيروسات، حيث يعمل الناس هناك ويلعب الأطفال وتعيش بعض العائلات".

 

من جهته، يقول البروفيسور أندرو كانينغهام من جمعية علم الحيوان في لندن، إن الأسواق الرطبة هي المرشح الرئيس للتسبب في انتقال فيروسات من الحيوانات البرية، وأنها أصبحت أكثر شيوعاً على مدار الثلاثين عاماً الماضية. وأضاف "إذا أحضرت حيوانات أمسكتها في البرية وجمعتها بأعداد كبيرة، فإنها تُصاب بالتوتر، ومن ثم يمكنها أن تصبح مصانع للفيروسات. وما يزيد الطين بلة أنها على اتصال وثيق مع البشر في الأسواق، في ظروف غير صحية نسبياً".

 

لكن مقالة في مجلة "ذا لانسيت" العلمية ألقت بعض الشكوك حول هذه النظرية. فقد أشارت المجلة أنه من بين 41 مريضاً مصاباً بـكورونا تم اختبارهم، أكد 14 شخصاً على الأقل أنهم لم يذهبوا إلى هذه الأسواق قط. وكان من بينهم أول مريض معروف ظهرت عليه أعراض المرض في كانون الأول 2019.


جدل حول نظرية السوق الرطبة
من جهة أخرى، يزعم فنسنت راكانيلو، أستاذ علم الأحياء الدقيقة بجامعة كولومبيا، أن أحد المزارعين أُصيب بالفيروس ونقله إلى ووهان. إذ قال في حديث مع "سي إن إن" ما يلي: "يُعدّ فيروس كورونا فيروساً معوياً يتم التخلص منه في براز الخفافيش، ويقوم المزارعون في عدد من البلدان باستخدام هذا البراز لتخصيب حقولهم".

 

في المقابل، يرد الدكتور سيمون أنطوني على شكوك راكانيلو حول نظرية السوق الرطبة بالقول "في وقت مبكر من تفشي المرض كان الجميع يتحدث عن الشيء الذي خرج من السوق الرطبة. والآن أعتقد أن البيانات تستدعي التساؤل حول ما إذا كان هذا صحيحاً حقاً أم لا".

 

يشير أنطوني بأنه حتى يومنا هذا لم يتم تسوية لغز تفشي فيروس سارس عام 2003. فلسنوات عديدة، كان يُعتقد على نطاق واسع أن فيروس سارس قفز من حيوان إلى مضيف وسيط أصاب شخصاً في سوق للمواد الغذائية في الصين. لكن دراسة في عام 2013 مدعومة بمتابعة في عام 2017، أشارت إلى أن الفيروس التاجي لعام 2003 قد قفز مباشرة من الخفافيش إلى الإنسان.

 

وتعليقاً على هذه النظريات، يقول الدكتور ريتشارد إبرايت إنه لا يعتقد أن تسلسل جينوم الفيروس يظهر أي "توقيعات للتلاعب البشري"، مع ذلك فهو لا يستبعد أن يكون أحد العاملين في المختبر بالقرب من سوق ووهان قد أُصيب بالفيروس من طريق الخطأ.

قيود على العلماء
أصدر معهد ووهان للفيروسات بياناً في 19 شباط المنصرم، رفض فيه بشدة أي اقتراح بأن الفيروس نشأ من مختبره. وقال البيان إن النظرية القائلة بأن الفيروس تسرب من المختبر، كانت واحدة من الشائعات الكاذبة التي ألحقت ضرراً كبيراً بالباحثين في الخطوط الأمامية، وأعاقت البحوث العلمية العاجلة بشكل خطير.

 

يؤكد العلماء الذي تواصلت معهم الشبكة الأميركية أنه لا يوجد ما يدعم نظرية تسرب الفيروس من معهد ووهان. وفي الوقت نفسه، تؤدي التوترات بين الولايات المتحدة والصين حول أصول الفيروس، التي تفاقمت بسبب اتهامات التضليل من الجانبين، حسب ما يقول العلماء، إلى إبطاء عمل الباحثين عن أصل الفيروس، بسبب القيود المفروضة على السفر التي شلت العالم.

 

ويعلق بيتر دازاك، صائد الفيروسات الذي يعمل في الصين خاتماً "إذا كان هناك ما يُسمى بالمضيف الوسيط، وهو حيوان دخل إليه فيروس الخفاش ثم انتقل الفيروس منه إلى الناس، فقد يظل الفيروس في ذلك المضيف. يجب أن أُحّذر بأن هناك المئات والآلاف من هذه الحيوانات والمزارع، ربما لا يزال الفيروس موجوداً فيها. لذلك حتى إذا تخلصنا من تفشي المرض، فلا يزال هناك احتمال أن يعود هذا الفيروس للظهور مرة أخرى ونحتاج إلى اكتشاف الحيوان المضيف بسرعة".

 

المصدر: المدن