2024-11-25 11:39 م

لماذا تطلب السعودية "استراحة المحارب" في اليمن؟

2020-04-09
قاسم عز الدين
الناطق باسم التحالف السعودي - الإماراتي تركي المالكي يُعلن وقف إطلاق النار من طرف واحد لمدة أسبوعين قابلين للتمديد، بحسب قوله. المالكي يتذرّع بتأييد "قرارات الحكومة الشرعية" بتاريخ 25 مارس/آذار الماضي لما أسماه "مواجهة تبعات انتشار كورونا وإرساء خطوات عملية لبناء الثقة بين الطرفين". 

في هذا الأمر، يشير المالكي إلى أن التحالف ليس طرفاً في الحرب على اليمن، وأنه يقوم لوجه الله والمجتمع الدولي بتبنّي القرارات التي تتخذها "الشرعية". 

ولأن حكومة هادي تجاهلت مبادرة صنعاء بوقف الحرب، ولا تتحاور مع "الانقلابيين" قبل تسليم سلاحهم والانصياع "للشرعية الدولية"، تجاهلتها السعودية والإمارات، واستمر التحالف بالتدمير الذي وصل إلى قتل الجياد العربية.

نائب وزير الدفاع خالد بن سلمان يشير إلى أمر مغاير في قوله إن الهدنة هي "فرصة حتى يُظهر الحوثيون أنهم ليسوا أداة بيد إيران"، وهو بذلك يتعمّد الإيحاء بأن السعودية تتجاوب مع حملة مكافحة كورونا التي يدعو إليها الأمين العام أنطونيو غويترش ومبعوثه غريفيش، بل الإيحاء بأن السعودية تحمي اليمنيين من الوباء، على نقيض الجيش واللجان إذا لم، بدليل أنها قصفت اليمن بالكمامات، بينما تتعرّض الدول الصناعية الكبرى، وفي طليعتها أميركا، إلى أزمة جفاف الكمامات.

في حقيقة الأمر، يحاول الأمين العام ومبعوثه استغلال فرصة الجائحة للمضي في طريق التهدئة في اليمن والانحناء أمام العاصفة الإنسانية التي تحمّل ترامب والسعودية والدول المصدّرة للسلاح مسؤولية المجازر وتعريض الشعب اليمني لأسوأ كارثة مأساوية في هذا العصر. 

وفي هذا السياق، تسعى قوى الضغط الإنسانية للإفادة من الجائحة التي تخنق ترامب والسعودية، وتهددهما بعاصفة دولية أشد ثقلاً إذا وصل الوباء إلى اليمن لا قدّر الله.

ترامب المتهم بالتسبب ببؤرة الوباء في أميركا، يحاول الدفاع عن نفسه في كيل التهم للصين ومنظمة الصحة العالمية، كما دأب في الإنكار، وفي النظر إلى كل ما يصيب أميركا والعالم غريباً عنها، فيتخيّل مواجهته بجدار الفصل العنصري أو بالعقوبات أو بأنه مؤامرة مختلقَة، كما تصدّى لآفة تغيّر المناخ.

 وفي ظل متغيرات المناخ السياسي الدولي، قد يعجز ترامب عن حماية ابن سلمان في تدمير اليمن والتسبب بانتشار الوباء، ولا سيما أن النواب الجمهوريين المؤيدين لترامب في الرئاسة يهدّدون السعودية بفضّ الحماية عنها، على خلفية إغراق الأسواق النفطية وإفلاس شركات النفط الصخري.

السعودية بدورها تتعرّض لانتشار الوباء، ما أدّى إلى التعبئة ومنع التجوّل في الرياض لمدة أسبوعين قابلين للتمديد، كما جاء في طلب وقف إطلاق النار.

 وفي هذه الحالة، تأمل السعودية هدنة لاستراحة المحارب، أملاً بأن يتيح وقف إطلاق النار التقاط الأنفاس. ففي المدّة الأخيرة، أشارت في مجزرة الجياد العربية إلى أنها ترد على المرابض الصاروخية في نادي الفروسية، ولا تستهدف التصعيد، متوخية تمهّل الجيش واللجان عن استهداف الأراضي السعودية التي لن تستطيع الرياض حمايتها قبل الارتباك البيّن تجاه مخاطر كورونا.

لكن السعودية تؤرّقها مسألة ميدانية أخرى هي استعادة محافظة الجوف والتهديد باستعادة محافظة مأرب، ما يؤدي إلى تحوّل ميداني لحسم العدوان. 

وفي هذا الإطار، تأمل السعودية أن تستغل وقف إطلاق النار لتعزيز القوات الموالية حول مدينة الحزم عاصمة المحافظة، وإسقاط "معسكر اللبنات" الاستراتيجي، اعتماداً على قوات السلفي صالح الشاجري في محافظة أبين والحؤول دون استعادة مأرب.

ما يؤرق السعودية، بموازاة الجوف ومأرب، انهيار حكومة هادي بسبب تفاقم الخلافات بين الوزراء الذين أصدروا وثيقة ضد رئيس الوزراء، والصراع الدامي بين قوات السعودية وقوات الإمارات في عدن وتعز وسقطرى، وعجز هذه الحكومة تحت الضغط الشعبي عن استمرار فتح "منفذ الوديعة" لتجنيد اليمنيين في الدفاع عن الأراضي السعودية.

أمام وقائع اختلال الموازين لمصلحة الجيش واللجان والقدرة على الإمساك بزمام المبادرة، يقدّم عضو المجلس السياسي الأعلى رؤية وطنية شاملة لوقف الحرب وفك الحصار وإعادة الإعمار، تضمن سلامة اليمن واستقلاله ووحدة أراضيه، فالجيش واللجان يتطلّعون إلى وقف العدوان وانسحاب القوات الأجنبية، وإلى حوار يمني - يمني، وعينهم على مأرب وتحقيق خطوات عملية "في بناء الثقة"، مثل صرف الرواتب وتبادل الأسرى ونقل المرضى ومواد الإغاثة. وفي هذا الإطار، هم لا يسمحون باستغلال الهدنة لتعزيز القوات السعودية في محافظة الجوف، ولا يصرفون مبادرات الحبر على ورق.

(الميادين)