2024-11-25 10:23 م

كورونا يغير التحالفات: دعم صيني روسي لجنوب أوروبا مقابل انحسار الدور الأمريكي

2020-03-28
وفاء العرفاوي
يستمر العالم في فرض إجراءات مشددة يوما بعد يوم لمواجهة هذا التحول الدولي الطارئ بعد إنتشار فيروس «كورونا»

في أغلب الدول. التغيرات لم تقتصر على الجوانب الإقتصادية والإجتماعية والسياسية في العالم بل القت بظلالها على النظام الدولي برمته وهددت مستقبل تحالفاته التقليدية في ظل هذه التحولات وتداعياتها الخطيرة على الصورة النمطية المعتادة لإصطفافات العالم .
وخلال الأزمة الأخيرة اتخذت دول أوروبا اجراءات وقيود مشددة لمجابهة انتشار فيروس «كورونا» المستجد. ومن بين هذه الدول الولايات المتحدة الأمريكية التي بادرت إلى إغلاق حدودها وتعليق الرحلات الجوية القادمة إليها من كل أنجاء أوروبا وهو ما أثار حفيظة بعض دول القارة العجوز معتبرة أنه قرار «أناني» من واشنطن. ولئن تعيش أوروبا هذه الفترة أحلك مراحل انتشار الوباء ، فإن إيطاليا دخلت رسميا مرحلة الخطر حيث تجاوز عدد الوفيات فيها عدد الوفيات في بؤرة انتشار الفيروس الأولى وهو إقليم «هوبي» بالصين.
هذا الوضع الكارثي في ايطاليا وفي العالم رافقه إتهامات صينية أمريكية متبادلة حول هذا الفيروس المستجد ، فالصين بدأت باتهام صريح وجهته للجيش الأمريكي بالوقوف وراء إدخال «كورونا» إلى أراضيها وهو ما نفته إدارة البيت الأبيض التي تستمر في إتهام الصين بإلحاق ضرر كبير بالعالم. الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وخلال كل ظهور إعلامي له يصر على تسمية «كورونا» بالفيروس «الصيني» ، أما وزير خارجيته مايك بومبيو يؤكد في تصريحاته المستمر اتهامات ترامب لبكين ليسمي بدوره هذا الوباء بفيروس «ووهان» نسبة الى مدينة ووهان الصينية التي ظهر فيها المرض منذ شهر نوفمبر 2019.
ويوم أمس قال وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو، إن «الحزب الشيوعي الصيني الحاكم لا يزال يحرم العالم من المعلومات التي يحتاجها للحيلولة دون حدوث إصابات أخرى في فيروس «كورونا».
وكرر بومبيو، في مقابلة مع برنامج واشنطن ووتش الإذاعي، اتهامات سابقة بأن «تأخر الصين في مشاركة المعلومات حول الفيروس سبب مخاطر للناس في أنحاء العالم، قائلا إن هذا «عرّض حقا حياة الآلاف للخطر».
هذا الصدام الصيني الأمريكي ليس بجديد إذ يشهد العالم منذ سنوات حرب زعامة إقتصادية بين البلدين ، فأمريكا تحاول الحفاظ على صدارتها للعالم أمام تغول نفوذ المارد الصيني . ويرى مراقبون أن ما يحصل في العالم اليوم زاد من حدة هذه الحرب فالعالم ما بعد «كورونا لن يكون كما قبله.
الصين التي تعاملت مع فيروس «كورونا» بانضباط أدهش العالم ،بدأت في تصدير تجربتها وإجراءاتها التي اتخذتها للحد من انتشار الفيروس إلى كل من إيطاليا وإيران. وهي أكثر الدول التي شهدت الأوضاع فيها تفجرا غير مسبوق ،وذلك في غياب الدور الأمريكي باعتبار أن الولايات المتحدة الأمريكية صنفت خلال العقود الفارطة ك»حامي العالم» . المعونات الصينية التي قدمتها سلطات الصين لكل من إيطاليا وإيران تزامنت أيضا مع مساعدات روسية لروما ما يزيد فرص تعزيز تحالفات روسية صينية جديدة في مرحلة ما بعد وباء «كورونا». كما اعتبره مراقبون استباقا روسيا صينية لمرحلة مابعد هذا الطارئ الصحي الذي سيكون أداة تغيير للعالم وللتحالفات ونظام العولمة أيضا.
«نورماندي» صيني يتهدد نفوذ أمريكا
من جهته قال الكاتب السوري عبد القادر خليفة لـ«المغرب» أنه «من وجهة النظر الأطلسية، وبالذات الأمريكية لا يمكن وصف الخطوة الصينية الروسية تجاه إيطاليا المنكوبة إلا بإنزال ( نورماندي ) يهدد واشنطن في عقر دارها الأوروبي .وهي خطوة تهدد مشروع التمدد الأطلسي الذي تتابع و استمر على قدم و ساق في دول شرق أوروبا و على قرب استراتيجي من موسكو منذ انهيار الاتحاد السوفييتي حتى ما قبل ظهور الفيروس المجهري» وفق تعبيره
وتابع محدثنا :»واشنطن لم يعجبها انفتاح روما على المشروع الصيني حزام واحد طريق واحد ، وتريد أن تبقى كل الطرق مؤدية إليها وحدها ، بدأت تتسرب من بين أيديها بركات وتركات القارة العجوز ، فيما بكين وموسكو تبثان روحا جديدة في أجساد آلاف الأوربيين كما قال الرئيس الصربي ألكسندر فوتشيتش .
الفيلسوف الياباني فرنسيس فوكوياما لم يتخيل في كل نظرياته حول نهاية العالم أن مصير الغرب سيكون تحت وطأة فيروس، وأن قوانين صعود واندثار الإمبراطوريات والقوميات ستكون جميعها خارج صيرورة أحداث يبدؤها فيروس ، حتى ابن خلدون الذي تحدث عن تطور و انهيار الإمبراطوريات غفل عن التطور البيولوجي للفيروسات وأثر ذلك في عصبيات وأخلاق الأمم والشعوب ».
وقال الكاتب السوري « كيف سيكون موقف حلف الناتو تجاه أعضائه بعد اليوم ، أو بالأحرى كيف ستنظر دول الناتو لحلفها المقدس ؟ . هناك من ذهب أبعد من ذلك بعد تعليق اجتماعات لمجلس الأمن الدولي ، و فشل ( الأسرة الدولية ) في دورها قد لا تكون تداعياته أقل من التداعيات التي أطاحت بعصبة الأمم».
وأضاف :«في الداخل الأمريكي وصف الرئيس ترامب نفسه بالرئيس في زمن الحرب ، تسريبات عن خطط طرحت لضربة ضد إيران قبل الانسحاب من العراق ، هل كان وزير الدفاع الروسي شويغو في دمشق لهذا السبب ؟ . وهل تبقى واشنطن خارج المتغيرات في أوروبا؟ ماذا لو هبطت طائرات اليوشن الروسية في مدريد ووصل القطار الطبي الصيني إلى حدود البيرينيه ، وأشــرفت أوراسيا من سواحل غرب أوروبا على السواحل الشرقية للولايات المتحدة ؟ عندئذ سنشهد الكثير من الأحداث الدراماتيكية العابرة للقارات، والعابرة للتحالفات» على حد تعبيره.
صحيفة المغرب