القدس/المنـار/ كىتب محرر الشؤون الاسرائيلية/ أثبت بنيامين نتنياهو قدرته على البقاء متربعا على عرش الحكم في اسرائيل وتفادي السقوط محتفظا بوحدة اليمين منذ العام 2009، ومحافظا على وحدة حزبه الليكود مسجلا اهدافا كثيرة في مرمى خصومه، رغم الملفات الجنائية والملاحقة القانونية، دلالة على التأييد الشعبي الذي يتمتع به وضعف خصومه، فهو حقق فوزا ملحوظا في المحطة الانتخابية الاخيرة، وهو الذي جر اسرائيل الى ثلاث معارك انتخابية.
بنيامين نتنياهو اتبع مسارين مدروسين بدقة أبقياه على دفة الحكم، الأول، الحفاظ على وحدة معسكر اليمين وعدم تفككه، وأغلق بذلك الطريق في وجه معسكر (أزرق أبيض ـ كحول لفان) لتشكيل ائتلاف بمكونات يهودية بعيدا عن دعم القائمة العربية المشتركة، أما المسار الثاني فهو الترصد للحلقة الأضعف في (كحول لفان) بيني غانتس والقيادي في قائمته غابي اشكنازي، وهما الاقل حقدا على نتنياهو من يائير لبيد وموشي يعلون اللذين رفضا بشدة دعوة الرئيس الاسرائيلي تشكيل حكومة طوارىء مع الليكود لمواجهة وباء كورونا، مقدمة لحكومة وحدة وطنية، وهذا الحقد ينطبق أيضا على افيغدور ليبرمان الذي تحالف مع القائمة العربية المشتركة، وبذكاء واضح وتخطيط مدروس نجح نتنياهو في مساريه وأسقط توجهات خصومه، بفتح قناة اتصال مباشرة مع بيني غانتس وغابي اشكنازي تحت غطاء فيروس كورونا، هذا الفيروس الذي شكل سلم الهبوط الامن لبيني غانتس بعد أن تشتبث بالبقاء على رأس شجرة الرفض دورتين انتخابيتين متتاليتين في نيسان وأيلول من العام المنصرم.
ان الخاسر الاكبر من نجاح نتنياهو في البقاء على رأس الحكم هو القائمة العربية المشتركة التي دعمت غانتس وأوصت به لدى رئيس الدولة دون أي مقابل أو ثمن حقيق، وانما كانت مجرد توصية غير مدفوعة الأجر، وكان من الافضل لها البقاء خارج المعركة، حتى لو كانت النتيجة ذهاب اسرائيل مرة اخرى نحو انتخابات رابعة، وعدم السقوط في فخ الاحزاب الصهيونية.. لكن القائمة العربية مشت بقدميها نحو السقوط، وهذا انعكس بشكل واضح على الكلمات والمواقف العصبية التي أطلقها أ‘ضاء القائمة من على منبر الكنيست في جلسة التصويت على انتخاب غانتس رئيسا للبرلمان، وهو انتخاب يأتي في اطار اللعبة السياسية بين نتنياهو وغانتس، حيث سيحصل نتنياهو قريبا على كتاب تكليف تشكيل الائتلاف.
لقد فشلت القائمة العربية فشلا ذريعا في الاستفادة من قوتها (المقاعدية) عندما استغلتها بطريقة رخيصة، وصراخ اعضائها سببه الخوف من الجمهور العربي الذي سيعاقب القائمة في الانتخابات القادمة، والباب الان مفتوح لتبادل الاتهامات بين مكونات القائمة خاصة من جانب من رفض منهم مغامرة عودة ـ الطيبي في وضع البيض في سلة غانتس الذي استخدم اعضاء الكنيست العرب مجرد جسر لا أكثر، وها هو نتنياهو يعود بائتلاف سيضم سبعين عضو كنيست قابل للزيادة، وهذا يعني حكومة مستقرة على تنفيذ الكثير من الاجراءات والخطوات التاريخية بالنسبة لاسرائيل.
هذا النجاح لنتنياهو في تشكيل حكومة بهذه القاعدة الواسعة بمشاركة مع غانتس واشكنازي يعني الكثير، ان له تداعيات خطيرة على القضية الفلسطينية، فنتنياهو وغانتس كلاهما مع تنفيذ صفقة القرن وفرض السيادة على الاغواء ومتمسكان بقوة بقانون القومية وضم المستوطنات، انه نجاح لعبت في تحقيقه القائمة العربية المشتركة دورا ـ طالما حذرنا منه في (المنـار) ـ وها هي سقطت في فخ الاحزاب الصهيونية، وعلى كل ان قادم الايام سيحمل معه الكثير من المفاجآت التي تصب في رغبة قادة الاقليم وتحديدا من يطلق عليهم (معسكر الاعتدال).
هذه التطورات المتسارعة في الساحة السياسية الاسرائيلية تؤكد ما ذهبت اليه (المنـار) في تحليلات سابقة..