2024-11-27 06:38 ص

هل وصلت توترات السعودية والإمارات في عدن إلى طريق مسدود؟

2020-03-24
“توتر ينذر باندلاع معارك بين الجانبين حال بقاء الأمور دون حلحلة”.. بهذه الكلمات وصفت المصادر الأمنية اليمنية العلاقة بين القوات اليمنية التابعة للتحالف العربي الذي تقوده السعودية، وتلك التابعة لقوات المجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم من دولة الإمارات العربية المتحدة، في مدينة عدن الجنوبية.

ويعبر عن تلك الحالة ما شهده مطار المدينة وميناؤها البحري من تطورات في أعقاب منع قوات موالية للإمارات لأخرى سعودية من دخول الميناء في 2 مارس/آذار، وتكرار المشهد ذاته بالمطار في يوم 14 من الشهر ذاته، ومنع قوات مدعومة إماراتيا لانعقاد اجتماع لفريق حكومي في القصر الرئاسي بالمدينة التي تتخذها الحكومة اليمنية المعترف بها دوليا عاصمة مؤقتة. 
وتثير هذه التطورات تساؤلات مراقبي الشأن اليمني عن ما وراء المشهد، وما إذا الخلافات تغذيها النزعة الانفصالية للمجلس الانتقالي الجنوبي، أم أنها تأتي مدفوعة بتجدد الخلافات بين الرياض وأبوظبي.

أصابع أبوظبي

في مطلع نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، رعت المملكة العربية السعودية اتفاقا في الرياض بين طرفي النزاع في عدن (الحكومة والمجلس الانتقالي) ينص على عودة الحكومة وتفعيل سلطات الدولة اليمنية، وإعادة تنظيم كافة القوات تحت قيادة وزارة الدفاع وحددت شهرين مهلة زمنية للتنفيذ.

ورغم أن اتفاق الرياض جاء ليضع حدا لقتال عنيف بين قوات الحكومة اليمنية ومسلحي المجلس الانتقالي الجنوبي، انتهى بطرد القوات الحكومية من عدن في مطلع أغسطس/آب الماضي، إلا أن معظم بنوده لم تنفذ وسط اتهامات من جانب أطراف بالحكومة اليمنية للإمارات بتدبير انقلاب عليها لصالح المجلس الانتقالي الجنوبي.

ورغم إعلان وزير الدولة الإماراتي للشؤون الخارجية “أنور قرقاش” دعم بلاده لجهود السعودية في تطبيق اتفاق الرياض، فإن صحيفة “العرب” الإماراتية المقربة من السلطة اتهمت السعودية بالخروج عن الحياد في إدارة النزاع الداخلي بين اليمنيين.

وذكرت الصحيفة في عددها الصادر، الجمعة 13 مارس/آذار، أن “ارتباك التحالف العربي في معالجة الملف اليمني امتد إلى العلاقة الصعبة والمعقّدة بين المجلس الانتقالي الجنوبي وحكومة عبدربه منصور هادي، التي رهنت قرارها لذراع  إخواني قوي داخلها”، وحذرت من أن “الانهيار صار يهدد التحالف أكثر من أي وقت مضى”.

وفي هذا الإطار، يرى رئيس تجمع القوى المدنية الجنوبية “عبدالكريم السعدي” أن المجلس الانتقالي الجنوبي هو “أداة الإمارات العابثة بأمن بعض أجزاء المناطق المحررة واستقرارها”، وفقا لما أورده موقع “عربي 21”.

مزايدات انفصالية

يبدو إذن أن أبوظبي تواصل ممارسة التلاعب السياسي بوكلائها السياسيين في اليمن، وتغذي النزعة الانفصالية للمجلس الانتقالي من أجل إجهاض اتفاق الرياض بشكل فعلي ولكن دون الدخول في صدام مباشر مع السعودية.

ويدعم هذه القراءة اتهام المجلس الانتقالي الجنوبي لـ “التحالف العربي” بمنع قيادات به من العودة إلى عدن من الأردن، في 12 مارس/آذار، عبر رفض منح الطائرة التي كانت تقلهم إلى المدينة تصريحا للهبوط، وتحذيره، في بيان، من عواقب ذلك “وانعكاساته داخليا على جميع الأصعدة، بما في ذلك جهود إحلال السلام”.

وردا على هذه الخطوة، لوح المجلس الانتقالي الجنوبي بـ “تصعيد عسكري وشعبي على قرار منع قيادات المجلس من العودة إلى عدن”، حيث دعا ما أسماها “القوات الجنوبية” وشعب الجنوب إلى “ضبط النفس”، مؤكدا أن قيادة الانتقالي “في انعقاد دائم في انتظار استيفاء الخطوات التوضيحية مع قيادة التحالف العربي”.

ويرى محللون أن المجلس الانتقالي لن يكون قادرا على إطلاق مثل هذه التهديدات، ما لم يحصل على ضوء أخضر من الإمارات، التي تعدّ ثاني دولة من حيث المشاركة والأهمية في التحالف العربي، لكن استمرار رفض “الانتقالي” لتنفيذ الشق الأمني والعسكري من اتفاق الرياض، وعدم سماحه بعودة الحكومة كاملة لعدن، وإصراره على تفسير الاتفاق وفق أهوائه، يضع السعودية في موقف محرج، يدفعها لممارس نوعا من الضغط على المجلس الجنوبي لإجباره على إعادة حساباته، وهو ما حدث باحتجاز قياداته في العاصمة الأردنية ومنع سفرهم إلى عدن. 

وبينما غضت الإمارات الطرف على قيام السعودية باحتجاز قيادات المجلس الانتقالي في عدن، فإن تصدت لجهود الرياض لاستبدال القوات الموالية لها في محيط مطار عدن، في رسالة إلى السعودية مفادها أن أبوظبي لا تزال قادرة على الدفاع عن أجندتها الخاصة في الجنوب.

وفي ضوء ذلك، يرجح محللون أن الإمارات يمكنها القبول بصيغة عودة الحكومة اليمنية إلى عدن، بشرط إعادة تشكيل الحكومة المركزية تناصفيا بين الشماليين والجنوبيين (الموالين لها)، وفق اتفاق الرياض، ولكن أيضا مع ضمان استمرار هيمنتها العسكرية على الأرض في عدن وغير من مناطق الجنوب اليمني من جانب آخر. 

غير أن مناوشات المطار والميناء بعدن تخبرنا أن السعودية والحكومة الموالية لـ”هادي” في اليمن يرفضان هذه الصيغة، وأن الأيام المقبلة وحدها ستحسم مصير تضارب المصالح الواضح بين الإمارات والسعودية في جنوب اليمن.