2024-11-27 12:36 م

جولات أوروبية وأفريقية متبادلة بين القاهرة واديس ابابا محورها «سد النهضة»...

2020-03-17
يشهد النزاع المصري - الإثيوبي حيال «سد النهضة»، تنافساً محموماً في الوقت الراهن، يتعلق بكسب تأييد دولي لموقف كل منهما، عبر ملاحقات دبلوماسية تشمل جولات مكثفة في العواصم المختلفة، عقب تعثر المفاوضات، التي جرت برعاية الولايات المتحدة والبنك الدولي.
ويبدأ وزير الخارجية المصري، سامح شكري، اليوم (الثلاثاء)، زيارة إلى بوروندي في مُستهل جولة أفريقية تشمل جنوب أفريقيا وتنزانيا ورواندا والكونغو الديمقراطية وجنوب السودان والنيجر، يقوم خلالها بتسليم رسالة من الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى قادة تلك الدول بشأن توقف المفاوضات ورؤية مصر للحل.
وسبقت الجولة الأفريقية أخرى عربية وأوروبية، على مدار الأسبوع الماضي. وفي المقابل دفعت أديس أبابا بوفود دبلوماسية رفيعة لأوروبا وأفريقيا للاطلاع على موقفها بشأن السد، وهو تحرك وصفه شكري بـ«ليس له وقع».
وتصاعد النزاع بين البلدين، إثر رفض إثيوبيا حضور اجتماع في واشنطن، نهاية فبراير (شباط) الماضي، كان مخصصاً لإبرام اتفاق نهائي، مع مصر والسودان، بخصوص قواعد ملء وتشغيل السد، الذي تبنيه أديس أبابا منذ 2011. وتتحسب القاهرة لتأثيره على حصتها من المياه.
الموقف الإثيوبي من اتفاق واشنطن، تزامن مع لغة دبلوماسية أعنف لمسؤوليها بدأت بإعلانها ملء خزان السد في يوليو (تموز) المقبل، أي بعد نحو 4 أشهر فقط. وردت مصر بتكثيف تحركاتها الدبلوماسية، لحشد دعم دولي لموقفها الرافض أي إجراء «أحادي» يؤدي لأضرار على حصتها المائية، بدأ بإصدار قرار من جامعة الدول العربية بدعم موقفها، أعقبته زيارة لشكري لـ7 دول عربية، فضلاً عن فرنسا وبلجيكا، والأخيرة التقى فيها قادة الاتحاد الأوروبي.
ويؤكد الموقف المصري أهمية التوصل إلى حل يحافظ على مصالح جميع الأطراف، من خلال الضغط على إثيوبيا لتوقيع الاتفاق الأميركي، وإثنائها عن أي إجراء أحادي، ستكون له تداعيات أمنية خطيرة، وفقاً لسامح شكري.
وأكد أن بلاده تعول على موقف عربي يحمي أمنها. كما لفت وزير الخارجية المصري، في تصريحات تلفزيونية مساء السبت، إلى وجود تفهم من قبل دول الاتحاد الأوروبي لخطورة التعنت الإثيوبي في المفاوضات، وتداعيات ما يسفر عنه من توتر في منطقة القرن الأفريقي، مؤكداً أن «موقف مصر عادل، وشعب مصر يستحق الوصول إلى نتائج تحمي مصالحه المائية».

وأشار شكري إلى أن جولته الأوروبية شهدت تقديراً للمرونة التي أدتها مصر منذ بداية المفاوضات، في المقابل لمس «عدم وجود أي وقع» للتحركات الإثيوبية المقابلة في أوروبا.
ولا توجد أي اتصالات بين إثيوبيا ومصر منذ تعثر مفاوضات واشنطن، وفقاً لشكري، الذي أكد التواصل الدائم مع «الشركاء العرب والولايات المتحدة باعتبارها راعية المفاوضات»، واعتبر أن «هناك نشاطاً لافتاً لدى إثيوبيا في الساحة الإعلامية بأطروحات تحمل كثيراً من المغالطات ولا تدعو إلى التهدئة».
وتستهدف الجولات المصرية «حشد موقف عالمي يناصر القضية المصرية التي تعد دفاعاً عن حق في الحياة»، كما يشير السفير جمال بيومي، مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق، الذي أكد لـ«الشرق الأوسط» أن «بلاده مستمرة في تحركها السياسي، مستعينة بما أقره القانون الدولي، لإجبار إثيوبيا على الالتزام بتعهداتها السابقة بعدم الإضرار بالأمن المائي المصري».
وضمن التحركات المصرية، قام وفد من وزارة الخارجية برئاسة السفير ياسر عثمان مساعد وزير الخارجية للشؤون العربية، ومشاركة السفير ياسر سرور نائب مساعد وزير الخارجية لشؤون مياه النيل، بزيارة الجزائر وتونس وموريتانيا. لتسليم رسائل الرئيس السيسي إلى قادة البلدان الثلاثة بشأن مفاوضات سد النهضة.
شعبياً، نظمت الجالية المصرية بالولايات المتحدة وقفة أمام البيت الأبيض؛ لحث الإدارة الأميركية على بذل مزيد من الجهود لحماية حقوق مصر المائية. كما انتقلت الوقفة إلى مقر البنك الدولي. وقد قدموا للجهتين «تقييماً شاملاً» لتأثيرات سد النهضة الإثيوبي على مصر، أوضحوا خلالها أن مناخ مصر شديد الجفاف (95 في المائة منها صحراء)، وتستمد 97 في المائة من مياهها من نهر النيل، وليست لديها أي مصادر أخرى للمياه، مؤكدين أن نهر النيل مسألة حياة ووجود لأكثر من 110 ملايين مواطن.
وسبقت الوقفة حملة إلكترونية للتوقيع على مذكرة لحث الإدارة الأميركية على بذل مزيد من الجهود لدعم حقوق مصر المائية، وصلت إلى نحو 19 ألف مشارك من المصريين بالخارج والداخل.
وتقول إثيوبيا إن بناء السد، الذي يتكلف نحو 4 مليارات دولار، والذي اكتمل بأكثر من 70 في المائة، ضروري من أجل تزويدها بالكهرباء. وفي مواجهة التحركات المصرية، بدأت أديس أبابا خلال الأيام الماضية، نشاطاً دبلوماسياً، لتوضيح موقفها من المفاوضات.
وأجرت الرئيسة سهلورق زودي زيارة إلى نيروبي لإجراء محادثات مع الرئيس الكيني أوهورو كينياتا، أطلعته على سير المفاوضات مع مصر بشأن سد النهضة. وأثنت على تبرعات الجالية الإثيوبية في كينيا لبناء السد ودعتهم إلى تعزيز مساهمتهم.
كذلك التقت زودي الرئيس الأوغندي يوري موسيفيني، الذي أكد أهمية ضمان الاستخدام العادل والمستدام لمياه نهر النيل، وضرورة عقد قمة أفريقية عاجلة لدول حوض النيل حتى يتمكن رؤساء الدول من إجراء نقاشات صريحة حول قضايا النيل.
وبدأت إثيوبيا خلال الأيام الماضية، إرسال وفود رفيعة المستوى إلى دول مختلفة لإطلاعها على موقفها بشأن سد النهضة، حيث زار وفد برئاسة الرئيس السابق مولاتو تيشومي أوروبا للقاء كبار مسؤولي الاتحاد الأوروبي والدول الأعضاء، وفقاً لوكالة الأنباء الإثيوبية. كما تخطط لإرسال وفد رفيع المستوى إلى الولايات المتحدة ودول أخرى للقيام بمهمة مماثلة.
(الشرق الاوسط)