الازمة السياسية في اسرائيل تزداد تعقيدا مع اقتراب موعد تسليم كتاب التكليف، والسيناريوهات عديدة، لكن، كما نشرت (المنـار) قبل اسبوع تقريبا يبقى خيار التلاقي بين الليكود وازرق ابيض هو الاقرب للتنفيذ، وهو سيناريو يفرضه على الحزبين الكبيرين فيروس كورونا، وهذا ما سيطرحه الرئيس الاسرائيلي على نتنياهو وغانتس الاسبوع القادم.
وما يجري هذه الايام من اتصالات واحاديث عن شراء ذمم و (بيع وعود) واتصالات الساعات الاخيرة هي حرب اعصاب فرضتها تعقيدات الازمة السياسية، التي قد تدفع بالشارع الاسرائيلي الى انتخابات رابعة في حال عدم تشكيل حكومة وحدة وطنية.
غالبية الاحزاب التي خاضت الانتخابات الاخيرة، لم تطرح برامج واضحة، لكنها التقت على هدف واحد وهو اسقاط بنيامين نتنياهو زعيم الليكود، ومن هذه الاحزاب القائمة العربية المشتركة، التي ضمت في صفوفها اربع كتل سياسية.
بمعنى أوضح أن هذه الاحزاب، وجدت في حزب (ازرق ابيض) ضالتها، لكنه، لم يحصل على العدد الكافي الذي يفتح له طريق تشكيل الائتلاف، وبقي الصراع قائما والازمة السياسية دون حل، فكانت الاتصالات بين هذا الحزب والقائمة المشتركة على قاعدة اسقاط نتنياهو.
القائمة المشتركة منحها الفلسطينيون في اسرائيل التأييد على أمل أن تنجح في اسقاط القوانين العنصرية، وفي مقدمتها قانون القومية، الذي يتمسك به غانتس وحزبه، والسؤال الذي يطرح نفسه وبوضوح، كيف سيحقق العرب في الداخل تطلعاتهم، اذا لم تنتزع القائمة المشتركة ثمن الغطاء الذي ستوفره لحزب ازرق ابيض، وكل الدلائل والشواهد تؤكد أن القائمة لن تحصل على ثمن جدي، يتحقق قبل منحها هذا الغطاء وتحقيقه صعب للغاية، فلا يعقل ان يمنح غانتس القائمة ثمنا حقيقيا، فهو لن يتراجع عن دعمه لقانون القومية العنصري، ولن يرفض أو يعارض صفقة القرن، ولن يتخلى عن فرض السيادة على الاغوار.
فماذا تنتظر القائمة المشتركة من بيني غانتس، وهل ما تريده هو الجلوس معه، والظهور في وسائل الاعلام وما الفائدة من اسقاط نتنياهو من عدمه، ما دامت القائمة، ستدعم غانتس بدون ثمن، خاصة وأن قادة أزرق ابيض ومنهم يئير لبيد اكد ان حزبه لن يتنازل او يتخلى عن مواقفه من القضايا التي اشرنا اليها، فلماذا اذن تزج القائمة نفسها في صراع نتنياهو غانتس والاثنان يتمسكان بنفس المواقف الرافضة لتطلعات فلسطينيي الداخل.
ان غانتس يدرك تماما ان الذهاب الى انتخابات رابعة يعني تفكك حزبه وخسارته مؤكدة، وبالتالي هو يستميت لاستمالة القائمة المشتركة عبر تفاهمات لا تقدم ولا تؤخر، وليس معقولا ان يمنح القائمة مواقف تحقق تطلعات الناخبين الذين اكدوا وحدتهم ودعموا المشتركة، ان ما يجري من لقاءات بين الجانبين لعبة خطيرة، وكمين للقائمة المشتركة، ان عنوان جدية غانتس، واثبات ذلك على الارض هو أن يصدر عن حزبه بيان يرفض فيه على سبيل المثال قانون القومية العنصري. وهذا لن يحدث، فلماذا اذن تتهافت القائمة لدعم غانتس دون ثمن، وكما يقول المثل الفلسطيني (فخار يكسر بعضه) والقائمة المشتركة يبدو أنها نسيت او تناست انها ستفقد الكثير في حال لم تنتزع ثمنا حقيقيا من غانتس، وبالنسبة لهم نتنياهو وغانتس سيان، واذا ما اقدمت القائمة المشتركة التي صرح احد اعضائها انه قد يشارك في الائتلاف الحكومي في حال نجح غانتس في تركيبه، فانها ستتراجع كثيرا في حال تم ترحيل الازمة السياسية الى انتخابات رابعة وهذا ليس مستبعدا.
من المؤكد أن حزب ليبرمان وحزب غانتس سيفقدان الكثير الكثير اذا ما ذهب الشارع الاسرائيلي الى انتخابات رابعة، فلماذا تسعى القائمة المشتركة لانقاذهما دون ثمن حقيقي باهظ!!
اما ان ترفع القائمة شعار اسقاط نتنياهو فقط فهذا لا يكفي، فالاثنان ازرق ابيض والليكود عنصريان ووجهان لعملة واحدة، فلماذا يتناسى النواب العرب ذلك.. ولماذا يتناسون ان الحزبين المذكورين متمسكان بقانون القومية، وتطبيق صفقة القرن وفرض السيادة على الاغوار، فما هو الثمن الذي تتوخاه القائمة المشتركة، ام ان الغطاء هو بثمن مجاني، من أجل اسقاط نتنياهو، ونسأل، ما هو الفرق بين نتنياهو وغانتس فلتستمر الازمة السياسية في اسرائيل، وليذهب الجميع الى انتخابات رابعة.. عندها لن تخسر القائمة، لكن، اذا منح النواب العرب الغطاء لحزب ازرق ابيض، فان عقابهم سيكون حتميا في صناديق الاقتراع وامكانية فتحها واردة جدا، مع أن ما تشهده اسرائيل من صراع حقيقي مع وباء كورونا، سيفرض على غانتس ونتنياهو تشكيل الائتلاف، وعندها، ماذا تكون القائمة المشتركة قد جنت بعد التطبيل والتهليل للقاءات مع حزب غانتس؟!