2024-11-27 07:44 م

الوطن العربي بعد مائة سنة من “استقلال دوله”: الاميركيون في كل مكان… واردوغان يستعيد “السلطنة”!

2020-03-11
طلال سلمان

التاريخ لا يرحم: يُسقط التزوير عنه عند اعتابه ليتابع مساره الطبيعي..

والجغرافيا اصلب من أن تُخفى حقائقها الثابتة، بالسهول والتضاريس الجبلية، والسواحل التي يجللها النورس.

أما الاوطان فينشئها اهلها، ويحمونها في وجه الاجتياحات الاجنبية، ويعيدون بناءها ويحفظونها لأبنائهم والاحفاد لتكون إرثهم المقدس، جيلاً بعد جيل.

وحدها السلطنات، شرقية وغربية تلغي الاوطان وتدمجها كولايات لتصبح من املاك “السلطان”، حدودها السيف والمدفع وجنود المرتزقة المستقدمين من المستعمرات، حتى لو كانوا “عبيدا” من السنغال في عاصمة “بيضاء” كبيروت.

…ولقد انهارت السلطنة العثمانية عشية الحرب العالمية الأولى (1914 ـ 1918).. ولم ينفع تحالف المانيا مع الحكم الجديد الذي تولاه العسكر فانجب كمال اتاتورك، في منع الهزيمة امام التحالف الغربي (بريطانيا وفرنسا)..

هكذا تم تقسيم المشرق بين المنتصرين، فأخذت بريطانيا فسطين والعراق وابتدعت امارة في شرقي الاردن، على حساب سوريا، وتمهيداً لإقامة الكيان الاسرائيلي في فلسطين وعلى حساب شعبها والامة.

أما لبنان فقد تم تعديل حدود المتصرفية في جبل لبنان، والتي ابتدعها ورعاها الاستعمار الغربي (فرنسا وبريطانيا) وضمت اليها الاقضية الاربعة، (بيروت والجنوب والبقاع والشمال).

بعد مائة عام بالتمام ها هو التاريخ يعيد نفسه مع شيء من التعديل في التفاصيل:

1 ـ فوعد بلفور، (وزير خارجية بريطانيا العظمى آنذاك) للقائد الصهيوني هيرتزل، في 2 تشرين الثاني 1917 تجسد واقعاً استعمارياً بإقامة “دولة ليهود العالم” على ارض فلسطين العربية وطرد شعبها منها في العام 1948.

2 ـ في عراق ما بعد صدام حسين قوات للتحالف الدولي الذي استخدمته الولايات المتحدة لتمويه احتلالها العراق (2003)، وهي تتكون من قوات اميركية اساساً ومعها قوات رمزية من فرنسا وبريطانيا وبلجيكا ودول أخرى، ما زال بعضها على الارض العراقية حتى الآن.

وهناك ايضا بعض القوات الايرانية في جنوب العراق، والتي اتخذت من الوجود العسكري الغربي ذريعة للتمسك بقواتها في ارض الرافدين.

3 ـ أما في السعودية والامارات وقطر والكويت وعُمان فتنتشر قوات اميركية بذريعة حماية النفط والغاز، وكذلك الممرات البحرية والمضائق من احتمال أن تقدم إيران على اقفالها، رداً على الغزو الاميركي المحتمل لأرضها.

4 ـ ولقد كان في السودان قاعدة اميركية، ينتظر البت بمصيرها بعد الثورة الشعبية التي تفجرت فيه فأسقطت حكم الجنرال حسن البشير.. لكن جنرالات العهد الجديد، بعنوان الجنرال عبد الفاتح البرهان، سرعان ما فاجأوا العالم حين أقدم البرهان على السفر إلى كينيا للقاء رئيس الحكومة الاسرائيلية بنيامين نتنياهو، قبل بضعة اسابيع..من دون سابق انذار او مبرر شرعي بعيداً جداً عن ارض فلسطين المحتلة.

5 ـ كان سبق ذلك اعلان الرئيس الاميركي دونالد ترامب عن “صفقة القرن”، بحضور المستفيد الاول منها رئيس حكومة العدو الاسرائيلي بنيامين نتنياهو، على وقع تصفيق ثلاثة من السفراء العرب في واشنطن.

وتمنح “صفقة القرن” الكيان الصهيوني كامل الارض الفلسطينية تقريباً، مضافاً اليها منطقة الاغوار في وادي الاردن، تاركة للفلسطينيين بعض الارض التي كانت عبر التاريخ ارضهم، على أن يتنقلوا بين ارجائها في الضفة وقطاع غزة عبر أنفاق تحت الارض!!

6 ـ وفي حين تعزل مصر عبد الفتاح السيسي ذاتها عن المشرق، محافظة على معاهدة الصلح مع العدو الاسرائيلي، مبتعدة عن زمن الصراع من اجل الحرية والاستقلال.

بالمقابل فإن اسرائيل توسع علاقاتها مع الدول العربية، فإضافة إلى مصر والاردن وقطر، يقف نتنياهو ليبشرنا بأن “دولاً عربية” عدة قد دعته لزيارتها وانه سيلبيها قريبا وبعد أن ينجح في تذليل العقبات التي نجمت عن انتخابات الكنيست الاخيرة والتي لم تمنحه الاكثرية ولسوف تفرض عليه تركيب حكومة ائتلافية مع خصومه ومنافسيه.

ولقد اعلن نتنياهو أن دولاً عربية عدة بينها السعودية ستنشئ قريباً علاقات طبيعية مع اسرائيل، مشيراً إلى انه قد قام بزيارة خاطفة إلى دبي قبل بعض الوقت، وانه سيوفد قريبا مجموعة من يهود اسرائيل لزيارة السعودية وما جاورها من الدول العربية..

مر الزمان بالعرب سريعاً، ملتهماً أحلامهم وامانيهم وحقهم بالاستقلال والوحدة والحرية..

ها هم الآن كما كان حالهم قبل قرن: ارضهم تزدحم بالمحتلين، بعنوان العدو الاسرائيلي والولايات المتحدة الاميركية (واتراك السلطان اردوغان في سوريا) فشبه الجزيرة العربية محتلة جميعاً، والقواعد الاميركية، تنتشر في قطر (العيديد) والسعودية والامارات العربية المتحدة والكويت اضافة إلى العراق الذي ما تزال فيه (إلى جانب قوات بريطانية وفرنسية وبلجيكية.. وايرانية، توكيداً لحسن الجوار)!.

بغير أن ننسى أن دولة القذافي في ليبيا (التي جعلها جماهيرية) قد اندثرت، وتتقاسم ارضها الآن قوات من أربع رياح الارض، آخرها قوات ارسلها “السلطان” التركي اردوغان يضم عديدها مئات من اللاجئين السوريين إلى تركيا التي تحارب سوريا في ارضها وتحتل بعض شمالها وشرقها متحالفة مع بقايا “القاعدة” وسائر التنظيمات الارهابية التي أُخرجت من سوريا والعراق.

…واللقاء الطارئ في موسكو بين القيصر الروسي والسلطان التركي اردوغان، لبحث الوضع في ادلب السورية!

من دون أن ننسى أن الولايات المتحدة الاميركية التي تراقب الوضع وتحاول تذكير المعنيين بان لها حصة في سوريا، تحتل بدورها منطقة دير الزور وهي المنطقة التي تفجر النفط في الشمال الشرقي في قرب دير الزور!

وطني لو شُغلت بالخلد عنه ……………. لنازعتني اليه في الخلد نفسي!

رئيس تحرير صحيفة السفير