تستعد حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، خلال شهور قليلة، للدخول في معركة ديمقراطية جديدة لانتخاب رئيس وأعضاء مكتبها السياسي، المقررة "نظرياً" صيف 2020 المقبل، وسط تقارب غير مسبوق في حظوظ المرشحين للمنصب الأهم وهو كرسي "رئيس الحركة".
إسماعيل هنية، الذي تسلم رئاسة المكتب السياسي لحركة "حماس" من خالد مشعل عبر انتخابات سرية جرت بعيدة عن وسائل الإعلام، في مايو 2017، أعاد فتح باب الترشح لمنصب "رئيس الحركة"، وكذلك آمال عودة مشعل مجدداً لكرسيه الذي تركه طوال السنوات الأربع الماضية.
وقال هنية خلال لقاء تلفزيوني أجراه مع فضائية "الميادين"، (3 مارس)، إن الانتخابات الداخلية لحركته تجري كل أربع سنوات، "ومن حق أي شخص داخل الحركة، بمن فيهم خالد مشعل، أن يكون جزءاً من هذه العملية الديمقراطية".
وتنتخب حركة "حماس" وفق قوانينها ولوائحها الداخلية قيادتها السياسية على مستوى قطاع غزة والضفة الغربية المحتلة والخارج والسجون الإسرائيلية كل أربعة أعوام، بدءاً من قواعدها التنظيمية، لتنتهي برئيس مكتبها السياسي؛ أبرز صفة في هيكلها التنظيمي، الذي دائماً ما يتنافس عليه أبرز قادة الحركة السياسيين، ولكن هذه المرة قد يدخل على خط المنافسة شخصيات أمنية وعسكرية، أبرزهم قائد الحركة بغزة يحيى السنوار، وفق رؤية مراقبين ومحللين.
حظوظ هنية وعودة مشعل
ورغم المؤشرات التي تؤكد أن هنية هو المرشح الأوفر حظاً للبقاء على كرسي رئاسة المكتب السياسي للحركة مرة جديدة، فإن هناك أحاديث تدور داخل الحركة بأن مشعل سيعود بقوة لقيادة الحركة من خارج قطاع غزة نظراً لمتطلبات المرحلة الراهنة.
القيادي في "حماس" أحمد يوسف، الذي عمل مستشاراً سياسياً سابقاً لهنية، قال: إن "فرصة وصول مشعل لكرسي رئاسة المكتب السياسي لحركة حماس متقاربة أو أكثر قليلاً من الفرص التي يملكها هنية لذات المنصب".
وفي تصريحات خاصة لـ"الخليج أونلاين"، من تركيا، أكد أن مشعل يملك رؤية وكاريزما وعلاقات تؤهله فعلياً لإعادة انتخابه مرة أخرى لرئاسة حركة "حماس"، خاصة في ظل الظروف الراهنة التي تمر بها القضية الفلسطينية، وما تم طرحه من مخططات تستهدفها، وعلى رأسها "صفقة القرن" الأمريكية.
مشعل، بحسب المستشار السياسي السابق لهنية، "يملك العلاقات القوية والمتطورة مع الدول العربية والإسلامية وحتى الأوروبية، وهذا يخدم مخطط الحركة في إعادة تأهيلها وترتيبها وبناء مؤسساتها في داخل قطاع غزة والخارج بما يتماشى مع مصالح ورؤية الحركة".
ولفت يوسف إلى أن الحركة دائماً ما كانت، ولا تزال، تحتاج لتجديد وضخ الدماء الجديدة في مؤسساتها المختلفة، والانتخابات الداخلية لحماس المقررة خلال شهور قليلة وفق قوانين الحركة كل 4 سنوات ستكون حساسة وهامة بالنسبة لحماس؛ نظراً للظروف الداخلية والعربية والإقليمية والدولية.
وكشف لـ"الخليج أونلاين" عن وجود "تحركات وأمنيات" لتطوير آلية العمل في الانتخابات الداخلية للحركة، وإضافة منصب أمين عام الحركة، ولجنة تنفيذية في إطار ديمقراطي، وهي مناصب تتنافس عليها الشخصيات الوازنة والقيادية داخل الحركة.
وفي ختام تصريحاته قال يوسف: إن "حظوظ هنية ومشعل متوفرة وبقوة في الانتخابات المقبلة، ولكن الحركة بحاجة لقيادة المشهد وإدارة المرحلة المقبلة في مواجهة التحديات التي تعصف بالقضية الفلسطينية، والتصدي لصفقة الأمريكية، وأعتقد أن مشعل يملك أوراقاً قوية لذلك".
وشهدت الفترة الأخيرة نشاطاً ملحوظاً لمشعل على مستوى التحركات عبر الدول واللقاءات الهامة مع المسؤولين والرؤساء، فشارك في قمة كوالالمبور بين (18-20 ديسمبر)، والتقى فيها رئيس وزراء ماليزيا (السابق)، مهاتير محمد، وأمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، والرئيسين التركي رجب طيب أردوغان والإيراني حسن روحاني.
وفي 10 نوفمبر الماضي، استقبله أردوغان في إسطنبول، وكذلك التقى في 23 مايو الماضي بكوالالمبور مهاتير محمد، وفي جميع هذه اللقاءات استعرض معهم تطورات القضية الفلسطينية، والأوضاع الصعبة في قطاع غزة، وشكرهم على مواقفهم المؤيدة لفلسطين.
علاقات مشعل تجاوزت الدول العربية والإسلامية؛ فقد التقى بمسؤولين أوروبيين وأمريكيين، وآخرها ما كشفه التلفزيون الإسرائيلي، (31 ديسمبر) الماضي؛ عن لقائه مع روبرت مالي، الرئيس التنفيذي لمجموعة الأزمات الدولية ومستشار الشرق الأوسط السابق للرئيس الأمريكي الأسبق، بيل كلينتون.
وفي عام 2015، التقى برئيس الوزراء البريطاني الأسبق توني بلير. وفي عام 2012، التقى بالقاهرة الرئيس الأمريكي الأسبق جيمي كارتر. وركّز في هذه اللقاءات على التعريف بالقضية الفلسطينية وكسر العزلة الدولية عن "حماس".
في المقابل أجرى هنية جولات معدودة خارج قطاع غزة لم تتجاوز مصر وبعض الدول العربية وإيران.
وتحدثت كذلك تقارير عبرية، نشرت في 25 ديسمبر الماضي، عن استعداد مشعل للعودة لقيادة "حماس" في انتخاباتها الداخلية المقررة صيف 2020، من خارج قطاع غزة.
مفاجأة غزة
وفي ذات السياق يقول الكاتب والمحلل السياسي حسام الدجني، إن حفاظ "حماس" على دورية انتخاباتها وإقامتها كل أربع سنوات على المناطق المحددة: "قطاع غزة، والضفة، والخارج، والسجون"، يعكس مدى ديمقراطية الحركة وحفظاها على هذا النهج.
الدجني أكد في تصريحات خاصة لـ"الخليج أونلاين" أن انتخابات "حماس" الداخلية حدث في غاية الأهمية، ويهتم به الكثير محلياً وعربياً ودولياً وحتى إسرائيلياً؛ نظراً للشخصيات التي ستتولى عضوية ورئاسة المكتب السياسي، والنهج الذي ستتبعه الحركة على ضوء هذه الانتخابات التي غالباً ما تكون سرية.
وذكر أن حركة "حماس" في الفترة المقبلة بحاجة لتحركات على المستوى العربي والدولي والإسلامي، وقد يكون مشعل "أكثر حظوظاً" بهذا الجانب، رغم أن هنية أصلح علاقة حركته مع مصر، لكن يبقى للأول دور أكبر وأكثر تأثيراً، لافتاً إلى أن رؤية "حماس" وهي الانفتاح على الجميع ستكون العنوان البارز للمعركة الانتخابية المقبلة للحركة.
وتحدث المحلل السياسي عن مفاجأة قد تخرج من قطاع غزة على مستوى الشخصيات التي سترشح لرئاسة المكتب السياسي، بدخول القائد الأمني والعسكري، يحيى السنوار، على خط المنافسة، مع حظوظ أقل من مشعل وهنية في الصعود على كرسي رئاسة الحركة.
وذكر أن قوانين الحركة الداخلية تسمح بعودة مشعل وكذلك ترشيح السنوار، إضافة لهنية وشخصيات أخرى مثل موسى أبو مرزوق وصالح العاروري، "ولكن في النهاية ستكون الكلمة للناخب الحمساوي داخل مجلس الشورى لقول كلمته لمن سيقود الحركة في السنوات الأربع المقبلة ولديه الخبرة الطويلة".
وآخر انتخابات داخلية لحركة "حماس" بدأت على عدة مراحل، في 3 فبراير 2017، وانتهت في 6 مايو 2017، بفوز هنية برئاسة المكتب السياسي للحركة، وفوز كل من "يحيى السنوار برئاسة الحركة في قطاع غزةـ إضافة لانتخاب موسى أبو مرزوق، ويحيى السنوار، وصالح العاروري، وخليل الحيّة، ومحمَّد نزال، وماهر عبيد، وعزّت الرّشق، وفتحي حمّاد"، كأعضاء لمكتبها السياسي.
ويعتبر هنية الرئيس الثالث لحماس؛ فقد شغل المنصب لأول مرة موسى أبو مرزوق، الذي انتخب في العام 1992 وحتى العام 1995، ثم خالد مشعل، الذي شغل المنصب منذ العام 1996 إلى 2017.
وكان هنية يشغل منصب قائد حركة "حماس" في قطاع غزة، ونائب رئيس المكتب السياسي للحركة.
نادر طلال/ الخليج أون لاين