2024-11-25 12:50 م

أردوغـان يغـوص في المستنقـع السوري

2020-03-06
كتب الدكتور خيام الزعبي 
من ادلب يتساقط تنظيمي "جبهة النصرة" و"أجناد القوقاز" والتنظيمات المتطرفة الأخرى تحت ضربات الجيش السوري، وتتساقط معها أحلام وأوهام الرئيس أردوغان الذين توهّم باحتلال الشمال السوري، وقد شكلت معركة تحرير ادلب التي يخوضها الجيش بدعم من حلفائه، البداية لإسقاط المشاريع التقسيمية للدولة السورية، في ظل تطورات مفصلية هامة حدثت في الأسابيع الأخيرة، تؤكد أن الانتصار الاستراتيجي في سورية بات قاب قوسين أو أدنى. اليوم يراقب العالم ككلّ مسار معركة تحرير ادلب التي تعتبر في توقيتها ونتائجها المستقبلية عنواناً لمرحلة جديدة من عمر الحرب على الدولة السورية، فاليوم بات لا خيار أمامها إلا الاستمرار بالحسم العسكري لتطهير الأرض السورية من رجس الإرهاب ومتزعّميه وداعميه ومموّليه. فلا غريب لنا أن نسمع اليوم تصريحات الرئيس الأسد عن قرب حسم معركة ادلب ونهاية الارهاب في المنطقة. إن حسم الجيش السوري لمعركة ادلب يعني أن ورقة ضغط ثقيلة بيد أردوغان على الحكومة السورية قد سقطت، والحكومة السورية ستكون بوضع مريح في أية عملية تفاوض على مستقبل سورية، كما أن انجاز المهمة في ادلب يعطي الجيش السوري وحلفائه فائض قوة عسكرية كبيرة ، فكل القوات المحتشدة على أطراف حلب، ستسلك طريقها إلى الجبهات المتبقية في الشرق السوري، وهذا سيسرع من حسم تلك الجبهات، بالتالي فإن تحرير هذه المناطق سيكون له تداعيات كبرى على الأرض، ومن المتوقع أن يشكل وفق نتائجه المنتظرة انعطافة كبيرة اتجاه وضع حد للحرب على سورية. في هذا السياق أعتقد أن أردوغان ارتكب خطأ بوضع بيضه في سلة الجماعات المتطرفة وأدواتها، إلا أن معركة ادلب هي معركة مصير ، قد تطول وقد تدخل منعطفات وتعقيدات إلا أن النتيجة ستكون واحدة اقلها قلب المعادلة القائمة في ادلب، وإذا تمخضت التهديدات التركية الراهنة عن ضربة عسكرية تستهدف الجيش السوري ، فإن هذا الأمر سيعجل كثيرا بحسم المعركة في ادلب لصالح الجيش السوري وحلفائه. في نفس السياق يبدو أردوغان الحلقة الأضعف ، والدليل هو قيامه بالذهاب إلى روسيا للقاء الرئيس بوتين، مما يجعله في موقفٍ تفاوضي أضعف، خاصة بعد قيام بوتين برفض العروض التركية للقاءات ثُنائيةٍ أو رُباعية في إسطنبول، و تأتي القمَّة هذه الزيارة بعد استنفاد أردوغان كل السبل لدفع حلفائه في الناتو لمساعدته عسكرياً، أو ممارسة الضغوط العسكرية أو الاقتصادية على روسيا لوقف الحملة العسكرية السورية داخل إدلب، وفي الطرف الأخر فشل أردوغان في جرّ الناتو لمُشاركة بالحرب الدائرة اليوم في إدلب. على خط مواز، يعرف أردوغان أنه في ورطة كبيرة لا يستطيع أن يمنع الجيش السوري من تحرير ادلب من عصابات الإرهاب ولا يستطيع مواجهة روسيا والتضحية بمصالحه الإستراتيجية والاقتصادية التي ارتبط بها مع موسكو، ولا يمكن أن يعتمد على دعم أمريكي الذي انحسر على الأقوال، وفي نفس الوقت يدرك عواقب فشله في مغامرة غزو سورية، ويعرف العواقب الوخيمة التي سترتد على تركيا نفسها، وفى المنطقة التي تعددت فيها مغامراته اللامسؤولة منذ أن ربط مصيره بمصير الجماعات المتطرفة الإرهابية وبوهم إحياء الخلافة العثمانية، بالتالي سيبتلع أردوغان مرغما ما تلقاه من هزائم حتى الآن، وسيتقبل بحدود الدور المقرر له بعد التطورات الميدانية في سورية، لكنه يعرف أن القادم أصعب بالنسبة له، يدرك أن التراجع في سورية يعنى الهزيمة الصعبة التي وصلت إليها مغامراته في سورية. يمكنني القول إنه في ادلب سنشهد أياماً مقبلة مليئة بالتطورات والانتصارات، وسيرتفع علم سورية عالياً فوق أرض ادلب وسيمزق الشعب السوري تلك الرايات السوداء للغرباء الذين حالوا إختطاف هذه المدينة، وإن الصفعة المؤلمة التي سيتلقاها أردوغان وسماسرة الأوطان ستترك تأثيراتها المباشرة على الأزمة السورية وستعمل على تغيير الكثير من المواقف في الساحتين الإقليمية والدولية.