هل سيقوم الرئيس الأمريكي "دونالد ترامب" مرة أخرى بمساعدة رئيس الوزراء الإسرائيلي "بنيامين نتنياهو" قبل الانتخابات؟ يدور هذا السؤال الملح لدى بعض السياسيين في (إسرائيل)، خاصةً لدى رئيس حزب "أزرق أبيض" والمرشح لرئاسة الوزراء، "بيني جانتس".
لقد تسببت التقارير المستمرة التي تفيد بأن الإدارة الأمريكية تدرس تقديم ما أطلق عليها "صفقة القرن" من أجل السلام، قبل انتخابات 2 مارس/آذار، في صداع كبير لقيادة حزب المعارضة.
المعارضة تشعر بالتهديد
في البداية، أعرب "جانتس" عن انتقادات حادة للنوايا الأمريكية التي وردت، لكن البيت الأبيض لم يبدُ منزعجًا كثيرًا، بعدها قرر حزب "أزرق أبيض" تهدئة الأمر وتجنب إثارة القضية.
وقال مصدر رفيع بحزب "أزرق أبيض" لـ"المونيتور" هذا الأسبوع شريطة عدم الكشف عن هويته: "آخر شيء نحتاجه الآن هو صدام مع الإدارة الأمريكية، ما سيبرز التقارب بين ترامب ونتنياهو، نأمل أن تقوم الإدارة بالشيء الصحيح، بمعنى ألا تمضي في نيتها وتتجنب التدخل الصارخ في العملية السياسية الإسرائيلية. أما إذا كان ترامب سيمضي قدمًا في الخطة، على أي حال فيجب علينا صياغة منهج بديل".
بدأ كل شيء منذ ما يزيد قليلاً على أسبوع، مع تقارير مفادها أن البيت الأبيض كان يفكر في تقديم خطة السلام - التي كانت قيد الإعداد منذ نحو 3 سنوات - قبل الانتخابات الإسرائيلية.
سئل "جانتس" عن ذلك في مؤتمر صحفي في 8 يناير/كانون الثاني، فأعطى إجابة واضحة وحادة، حيث قال: "يمكنني أن أفترض في مثل هذه المسألة المهمة؛ أن الأمريكيين سيكونون حذرين ولن ينشروها قبل الانتخابات، لأن ذلك سيكون تدخلاً صارخًا في العملية الانتخابية لدولة (إسرائيل)".
واعتقد مساعدو "جانتس" أن هذا الإعلان الواضح سينقل الرسالة الضرورية إلى البيت الأبيض ويزيل القضية من الأجندة، وقال مصدر رفيع من حزب "أزرق أبيض" في ذلك الوقت لـ"المونيتور" شريطة عدم الكشف عن هويته: "لن يتم ببساطة نشر خطة سلام دراماتيكية قبل الانتخابات. لا نعتقد أن الأمريكيين يمكنهم فعل شيء من هذا القبيل".
بعد فترة قصيرة، تبين أن الأمريكيين يمكنهم ذلك فعلًا، وحتى قبل تعليقات "جانتس" الحاسمة، تم إرسال المبعوث الأمريكي الخاص لمحادثات السلام في الشرق الأوسط، "آفي بيركوفيتش"، إلى (إسرائيل) في 7 يناير/كانون الثاني لحضور سلسلة من الاجتماعات، بما في ذلك واحدًا في القدس مع "نتنياهو" نفسه.
لم يتم الكشف عن محتوى المحادثات، ووفقًا لمصادر دبلوماسية مطلعة، فـ"بيركوفيتش" منشغل الآن "بالتغييرات النهائية وصياغة خطة ترامب للسلام"، كما أنه التقى "جانتس"، وما زالت محتويات ذلك الاجتماع غير واضحة، وتقول المصادر المطلعة على الحديث بين الاثنين، إن "جانتس" عبر عن معارضته الشديدة لتطبيق "خطة السلام" قبل الانتخابات.
نوايا الإدارة الأمريكية تتوضح
وقال مستشار الأمن القومي الأمريكي "روبرت أوبراين"، في مقابلة أجراها يوم 13 يناير/كانون الثاني مع موقع "أكسيوس"، إن خطة الرئيس يمكن تقديمها قبل 2 مارس/آذار ، مضيفا أن "الإدارة الأمريكية لم تكن تعتمد على حل لأزمة القيادة الإسرائيلية قبل أن تطلق خطة السلام".
وأوضح "أوبراين": "لا نحدد توقيت أي شيء نقوم به بناءً على السياسة الداخلية، سواء الخاصة بالفلسطينيين أو الإسرائيليين".
وعندما سُئل "أوبراين" عن معارضة "جانتس" لمثل هذه الخطوة، قال: "لا أعتقد أن هذا يتوقف بالضرورة على الانتخابات، سيكون لديهم 3 انتخابات متتالية وسنرى، يبحث الرئيس عن حل دائم طويل الأمد على الجبهة الإسرائيلية الفلسطينية".
يعتبر حزب "أزرق أبيض" تعليقات "أوبراين" انعكاسًا للبيت الأبيض، ما يعني أن "ترامب" لم يتأثر بمعارضة "جانتس"، وأنه في الواقع يفكر في كشف النقاب عن الخطة قبل 2 مارس/آذار.
سيتعين على "جانتس" والقادة الآخرين بحزب "أزرق أبيض" أن يقرروا ما هو التالي، هل يجب عليهم الاستمرار في انتقاداتهم للبيت الأبيض وممارسة الضغط، أم التخلي عن ذلك؟ القرار في الوقت الراهن هو البقاء في وضع الاستعداد.
لم يحظ السؤال الرسمي الذي تم توجيهه في 16 يناير/كانون الثاني لحزب "أزرق أبيض" برد فعل حازم يدعم أيًا من الاتجاهين، لكن الانتقادات السابقة اختفت، وقال مصدر آخر بحزب
أزرق أبيض يتراجع
تجدر الإشارة إلى أن بعض الشخصيات البارزة بحزب "أزرق أبيض" ليسوا منزعجين بشأن احتمالية طرح خطة الولايات المتحدة قبل 2 مارس/آذار.
قلقهم الرئيسي هو أن هذه الخطوة يمكن أن تساعد "نتنياهو" على تحويل انتباه الناخبين عن اتهامه بالفساد ومحاولاته لتأمين حصانة الكنيست من المحاكمة (قضية شوهت صورته بشدة وتسببت في أضرار انتخابية فادحة)، نحو ساحة مريحة أكثر لرئيس الوزراء.
بمعنى آخر، فإن نشر الخطة سيحول انتباه الجمهور الإسرائيلي نحو المجالات التي يتقنها "نتنياهو" جيدًا ولا يواجه فيها أي نقد عمليًا: خطة دبلوماسية من البيت الأبيض، وقرب "نتنياهو" من "ترامب"، وربما بعض المكافآت والأشياء الجيدة التي تُلقى في الصفقة، مثل موافقة الولايات المتحدة على الضم الإسرائيلي لغور الأردن إذا استجابت (إسرائيل) للخطة.
مشكلة حزب "أزرق أبيض" هي أنه لا يمكنه تحمل الدخول في صدام، حتى لو كان هامشيًا، مع الإدارة الأمريكية، يمكن لمثل هذا الأمر أن يوضح الميزة المتفردة التي يتمتع بها "نتنياهو" فيما يتعلق بإدارة "ترامب"، وهذا هو السبب في أن حزب "أزرق أبيض" قرر التراجع وتجنب المواجهة مع الإدارة الأمريكية.
يستخدم حزب "أزرق أبيض" القنوات الخلفية لضمان إدراك الإدارة لمعارضة "غانتس" لمثل هذا التدخل في العملية السياسية، بينما هم صامتون علنًا.
يقول عضو بارز بحزب "أزرق أبيض" لـ"المونيتور": "دعونا لا نبالغ، لقد نفد سحر نتنياهو وحتى تقديم الخطة سيُنظر إليه على أنه خدعة أخرى لم تعد تنجح مع الجمهور الإسرائيلي، إذا قال نتنياهو نعم للخطة، فإن حزب أزرق أبيض سيرحب بها بوضوح. مع كل الاحترام الواجب للرئيس وإدارته، فإننا لا نرى هذا على أنه سيغير اللعبة كما يأمل نتنياهو. لن نمنحه السرور برؤيتنا نتشاجر مع ترامب. ستستمر الدولة بعد نتنياهو أيضًا، وستكون لها علاقات ممتازة مع البيت الأبيض من بعده أيضًا. كل شيء على ما يرام".
المصدر | بين كاسبيت | المونيتور - ترجمة وتحرير الخليج الجديد