2024-11-24 01:37 م

كاتب أمريكي يناقش تأثير محمد بن زايد السلبي على الولايات المتحدة

2020-01-18
ناقش الصحافي الأمريكي روبرت ورث تأثير الدور الذي تقوم به الإمارات العربية المتحدة بقيادة محمد بن زايد في المنطقة، وتطرق الصحافي في مقال نشره في مجلة نيويورك تايمز، إلى الأبعاد والتأثيرات السلبية لسلوك محمد بن سلمان السياسي والعسكري على استقرار دول الشرق الأوسط.

اذ انتقد دوره في اليمن وليبيا ومصر، ورأى أنه من أكثر الزعماء العرب سلبية في مجال دعم الدكتاتوريات واجهاض المحاولات الديمقراطية للشعوب العربية، بذريعة محاربة التطرف والاسلام السياسي.

كما اتهم "ورث" ابن زايد، بدفع ملايين الدولارات للتأثير على القرار الأمريكي، من خلال تمويل مراكز أمريكية متخصصة في الترويج لسياسات الإمارات، ومن وجه نظر وورث، فإن ابن زايد ينتظره مستقبل كبير، وهو أقل سوءاً من محمد بن سلمان، لكن أداؤه السياسي والعسكري حتى اللحظة، مضر ومسبب للمشاكل بالنسبة للولايات المتحدة.

وفيما يلي نص المقال الذي "ترجمته النهضة" نيوز، نقلاً عن موقع فوربس:

صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن زايد، ولي عهد دولة الإمارات العربية المتحدة، الذي يعتبر أقل شهرةً من نظيره السعودي سيئ السمعة محمد بن سلمان، قد ينتهي به الأمر إلى أن يكون ذو تأثيرٍ أكبر بكثير على مستقبل الشرق الأوسط. والسؤال هو، كيف سيستخدم هذا التأثير، وهل ستكون سياساته لصالح الولايات المتحدة أم لصالح سكان المنطقة في نهاية المطاف؟

تقدم القصة الرئيسية التي كتبها الصحفي "روبرت ورث" لمجلة نيويورك تايمز هذا الأسبوع، بعنوان: "رؤية محمد بن زايد المظلمة لمستقبل الشرق الأوسط"، بعض المواد الخام اللازمة للإجابة على السؤال المطروح أعلاه، المقال يقيم نقاط القوة والضعف التي تخص ولي العهد الإماراتي، ويلخص خططه لممارسة السلطة في المنطقة، وأورد المقال النقاط التالية:

رأى مسؤولو إدارة أوباما محمد بن زايد كلاعبٍ خطيرٍ في المنطقة؛ فبحلول الوقت الذي تم فيه انتخاب دونالد ترامب، صار الذي لابن زايد شريك أكثر مرونة، في الوقت الذي كانت فيه الكثير من جماعات حقوق الإنسان والدبلوماسيين ينتقدون دور محمد بن زايد، العسكري في اليمن وليبيا، وحتى بعض معجبيه في الأوساط الدبلوماسية قالوا إنه يمكن أن يكون متشدداً للغاية، وأنه تدخل عنوةً في العديد من الصراعات العميقة التي لا يستطيع التحكم فيها.

ويعد محمد بن زايد شخصيةً نادرةً في الشرق الأوسط، فهو زعيمٌ دنيوي ذو ميلٍ علماني، وله مخططٌ كبيرٌ لتنويع مستقبل المنطقة، ولديه الموارد اللازمة لتنفيذ خططه، على الرغم من كل عيوبه، تبدو البدائل قاتمةً بشكلٍ متزايدٍ.

وأول ما يجب ملاحظته هنا، هو أن مستقبل الخليج الفارسي والشرق الأوسط يبدو قاتماً في ظل غياب البدائل إلى حدٍ بعيد، وقد كان ولي العهد الإماراتي جزءاً من المشكلة، ولم يكن أبداً جزءاً من الحل، فهو ديكتاتور، وقد استخدم الموارد العسكرية والمالية لبلاده؛ لإحباط ظهور الميول الديمقراطية في المنطقة، وكل ذلك تحت ستار مكافحة التطرف الإسلامي والإرهاب.

على الصعيد المحلي، يدير الأمير محمد بن زايد دولةً متطورة تحتوي على أجهزة مراقبة وأمن شديدة لا تحتمل أي معارضة بالكلمة أوفي الأفعال، وتسجن النقاد وتتجسس على مواطني الولايات المتحدة والمملكة المتحدة والإمارات العربية المتحدة و دولٍ أخرى بشكلٍ واسع.

إذ قدمت منظمة هيومن رايتس ووتش في هذا الصدد، ملخصاً موجزاً لسجل الإمارات العربية المتحدة في انتهاكات حقوق الإنسان، وجاء فيه:

" الإمارات العربية المتحدة تحتجز بشكلٍ تعسفيٍ وفي بعض الحالات تختطف وتخفي الأفراد الذين ينتقدون السلطات قسراً، وهي تلعب دوراً رئيسياً في التحالف الذي تقوده السعودية والذي نفَّذ عشرات الهجمات غير القانونية في اليمن، وبعضها يعتبر من جرائم الحرب المحتملة. كما وتورطت دولة الإمارات العربية المتحدة في إساءة معاملة المحتجزين في الداخل والخارج. وهناك العديد من انتهاكات العمل الإنسانية، إذ يواجه العمال المهاجرين استغلالاً خطيراً ".

ومن الجدير بالذكر، أن تأثير محمد بن زايد يمتد بشكلٍ كبير إلى ما وراء حدود الإمارات العربية المتحدة. إذ انضم إلى المملكة العربية السعودية للترويج و دعم الانقلاب في مصر، الذي أوصل عبد الفتاح السيسي إلى رأس هرم السلطة المصرية. و أشار العديد من المحللين المستقلين إلى أن السيسي هو أكثر الزعماء قمعاً في تاريخ مصر، وهو أسوأ بكثير من الرئيس السابق حسني مبارك، الذي أشعل حكمه الديكتاتوري احتجاجات الربيع العربي في البلاد.

وفي ليبيا، قامت حكومة الإمارات بتسليح ودعم قوات جنرال الحرب خليفة حفتر ضد الحكومة المعترف بها في الأمم المتحدة هناك، في انتهاكٍ مباشرٍ لحظر الأسلحة المفروض من الأمم المتحدة.

وعلى الرغم من أن بن زايد قلل الوجود المباشر لقوات بلده في اليمن جزئياً، إلا أن دولة الإمارات العربية المتحدة تواصل علاقاتها الوثيقة مع الميليشيات والجماعات الانفصالية التي تورطت في تعذيب و قتل المدنيين، وساعدت في دفع ذلك البلد إلى شفا المجاعة والكارثة الإنسانية . وفي هذا السياق وجد تحقيقٌ أجرته وكالة "أسوشيتيد برس" في يونيو 2017، أن القوات الإماراتية والميليشيات التي تدربها الإمارات، كانت تدير شبكةً من السجون السرية، تعذَب فيها الأفراد المشتبه في صلتهم بتنظيم القاعدة  بشبه الجزيرة العربية، بما في ذلك استخدام "الشواية"، وهي تقنيةٌ وصفتها الصحيفة بأنها طريقة تعذيبٍ يرتبط فيها الضحية بسلاسل حديدية على سيخٍ معدني، ويتم تعليقه وتدويره فوق النار ".

كما قامت الولايات المتحدة بتمكين ودعم المغامرة العسكرية لدولة الإمارات العربية المتحدة، حيث عرضت على تلك الدولة أكثر من 27 مليار دولار من الأسلحة على مدار العقد الماضي، بما في ذلك الطائرات المقاتلة من طراز F-16 ومروحيات الأباتشي الهجومية، وآلاف العربات المدرعة وعشرات الآلاف من القنابل والصواريخ. و يشير القادة العسكريون الأمريكيون، مثل الجنرال المتقاعد جيمس ماتيس، إلى الإمارات باعتبارها "سبارتا الصغيرة" بسبب قوتها القتالية، فقد قاتلت تلك الأمة إلى جانب القوات الأمريكية في سوريا وأفغانستان وما وراءها. وفق ما يشير إليه دورها في اليمن و ليبيا ومصر، فإن الدور السياسي والعسكري لدولة الإمارات العربية المتحدة كان في كثير من الأحيان مدمراً ومزعزعاً للاستقرار ومعمقاً لتلك الأزمات.


إن أحد الأسباب التي دفعت دولة الإمارات العربية المتحدة إلى اجتياز المزيد من الانتقادات هو أن لديها واحدةً من أقوى جماعات الضغط في واشنطن، بحسب ما وثق زميلاي بن فريمان من مبادرة الشفافية في التأثير في السياسة الخارجية (FITI) في تقريرٍ صدر في أكتوبر 2019. ففي عام 2018 وحده، أنفقت الإمارات أكثر من 20 مليون دولار على 20 شركة ضغطٍ منفصلة.

وتعمل هذه الشركات في أكثر من 3000 نشاطٍ مستقلٍ من أنشطة الضغط وصنع الرأي والتأثير على الإعلام. بما في ذلك عقدها العديد من الاجتماعات مع أعضاء الكونغرس ووسائل الإعلام ومراكز الفكر المؤثرة. وقد قدمت هذه الشركات التي توظفها دولة الإمارات العربية المتحدة أكثر من 600000 دولار من المساهمات السياسية.

و على الرغم من أنه ليس من الواضح على الإطلاق أن إدارة ترامب ستأخذ ذلك على محمل الجد، فإن الولايات المتحدة لديها الآن فرصةُ لاستخدام علاقتها مع الإمارات العربية المتحدة لتعزيز السلام في المنطقة. إذ تدخلت الإمارات، التي ستكون واحدةً من أكبر الخاسرين في أي حربٍ شاملةٍ بين الولايات المتحدة و إيران، بطرقٍ دبلوماسية في محاولة لتهدئة التوترات مع طهران.

فقد تم تقليص القتال في اليمن، وهناك دلائلٌ تشير إلى أن المملكة العربية السعودية قد تسعى إلى الخروج من الحرب التي بدأت في مارس 2015 قريباً أيضاً لنفس السبب. و في الوقت الحالي على الأقل هناك وقفُ لإطلاق النار في ليبيا كذلك.

فعلى عكس أنشطتها في عام 2010، عندما كانت الإمارات العربية طرفاً في جميع النزاعات والتوترات المذكورة أعلاه، أصبح يمكن لدولة الإمارات العربية المتحدة، إذا اختارت ذلك بالتأكيد، أن تسحب قواتها العسكرية وتدعم مبادرات السلام في المنطقة؛ لإنهاء تلك الصراعات الدامية التي أدت لتدهور المنطقة بشكلٍ خطير. كما ويجب أن تشترط الولايات المتحدة في إدخال أو إرسال أي أسلحة أو مساعدات أو تدريب آخر للإمارات بقيامها بتحسيناتٍ على سجلها في مجال حقوق الإنسان الكئيب في الداخل و كبح مغامراتها العسكرية في الخارج.

فمحمد بن زايد هو مؤثرٌ قويٌ و مهمٌ بالفعل، ولكن يبقى أن نرى ما إذا كان سيستخدم هذا التأثير بطريقةٍ بناءة أو يشجع القمع والصراع، كما فعل خلال العقد الماضي .