2024-11-25 10:33 ص

لماذا يتجنب حلفاء ترامب بالمنطقة مواجهة إيران؟

2020-01-10
نشرت مجلة "بوليتيكو" تقريرا للصحافية ناهال توسي، تقول فيه إن حلفاء ترامب في الشرق الأوسط حثوا أمريكا على اتخاذ مواقف أكثر تشددا من إيران، وانتقدوا قرارها بتوقيع اتفاق نووي مع طهران، وفرحوا عندما فاز دونالد ترامب في انتخابات الرئاسة الأمريكية.
ويشير التقرير، الذي ترجمته "عربي21"، إلى أن أقرب حلفاء أمريكا في الشرق الأوسط يقومون الآن عمليا بمحاولة الاختباء، لافتا إلى أن أمريكا قامت في الأيام الأخيرة باغتيال اللواء الإيراني قاسم سليماني، وردت إيران بإطلاق وابل من الصواريخ على قاعدة أمريكية في العراق، فبدأت إسرائيل ودول الخليج بالتعبير عن آراء غير آرائها السابقة التي أدت إلى الصدام.
وتذكر توسي أن المسؤولين دعوا إلى "ضبط النفس" لتجنب "تفاقم الوضع"، وشددت الإمارات العربية المتحدة على "أهمية الحوار والحلول السياسية"، وحتى أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الذي مدح علنا قرار ترامب اغتيال سليماني، قال لمستشاريه سرا إن القتل "ليس شأنا إسرائيليا بل هو شأن أمريكي.. لم نكن متورطين فيه ولا يجب أن نجر إليه"، بحسب تقارير إعلامية إسرائيلية. 

 

وتجد المجلة أن هذا الحذر من شركاء أمريكا لافت للنظر، إذا ما تم الأخذ في عين الاعتبار دعواتهم السابقة لأمريكا "لقطع رأس الحية" في طهران، بما في ذلك عن طريق قصف المواقع النووية الإيرانية.

 

ويبين التقرير أن ذلك تعكسه التهديدات الإيرانية الموجهة والاعتراف بأن حربا قد تقلب اقتصاداتهم رأسا على عقب وتهدد حكوماتهم، ويشير أيضا إلى عدم التأكد من أن ترامب، الذي اشتهر عنه التقلب، سيقف إلى جانبهم على المدى الطويل. 

 

وتنقل الكاتبة عن المحللة لدى معهد دول الخليج العربية في واشنطن، كريستين ديوان، قولها: "إنه اختبار للواقع".

 

وتلفت المجلة إلى أن مسؤولا عربيا شدد على أنه بالرغم من أن الرياض وغيرها أرادوا موقفا صلبا من أمريكا، لكنهم لم يريدوا أبدا الحرب، وقال المسؤول: "نحن نفكر في أنفسنا.. لقد كانت إيران قوة زعزعة للاستقرار في الشرق الأوسط، لكنها جارة علينا التعايش معها".

 

ويفيد التقرير بأن المخاوف بالنسبة لدول الشرق الأوسط هذه، التي تنفق بعضها أموالا كبيرة على شركات الضغط السياسي في واشنطن، قد تكون أثرت على قرار ترامب يوم الأربعاء بعد القيام بعمل عسكري مباشر؛ ردا على وابل الصواريخ الذي أطلقته إيران قبل ساعات.

وتنوه توسي إلى أنه في الأيام التي اتبعت الغارة التي قتلت سليماني، تواصل المسؤولون الأمريكيون مع نظرائهم في إسرائيل ودول الخليج، واستضاف ترامب هذا الأسبوع مسؤولي دفاع سعوديين في واشنطن، وهو اجتماع لم يعلن عنه البيت الأبيض حتى أعلنت عنه الرياض.

 

وتشير المجلة إلى أن أمريكا قامت منذ أشهر بتعزيز وجودها العسكري في الخليج ببطء، بعد أن أشارت الأدلة إلى تورط إيران في مهاجمة ناقلات النفط وأهداف أخرى في الخليج، وهو ما يقول مسؤولون أمريكيون بأنه دليل على مدى الدمار الذي بإمكان طهران أن تتسبب به.

 

ويلفت التقرير إلى أن تهديد الحرس الثوري الإيراني لم يستثن بالرد جيرانه الذين تدعمهم أمريكا، فقال إنهم لن يكونوا آمنين من المزيد من التصعيد إن ردت واشنطن على هجومها الصاروخي في العراق. 

 

وتورد الكاتبة نقلا عن بيان الحرس الثوري، قوله: "لحلفاء أمريكا الذين منحوا جيشها الإرهابي قواعد في أراضيهم، فإن أي أراض تكون بأي شكل منطلقا لأي عمل معاد أو هجوم ضد جمهورية إيران الإسلامية ستكون مستهدفة.. ولا نعد بأي شكل من الأشكال النظام الصهيوني منفصلا عن النظام الأمريكي المجرم في هذه الجرائم".

 

وتنقل المجلة عن بعض المسؤولين الأمريكيين وغيرهم من المراقبين للشرق الأوسط، قولهم بأن بإمكان إسرائيل ودول الخليج الحذرة من إيران أن ترى بريق أمل في أحداث الأيام الأخيرة، فأولا، بإصدار أمره باغتيال سليماني، الذي كان يزور بغداد عندما تم اغتياله، أثبت ترامب أنه مستعد للقيام بعملية ذات مخاطرة كبيرة ضد إيران، مشيرة إلى أن ذلك كان مطمئنا إلى حد ما، خاصة للزعماء العرب، الذين خابت آمالهم عندما امتنع ترامب من الرد على إيران عندما أسقطت إيران الطائرة المسيرة الأمريكية وضربت المنشآت النفطية السعودية. 

 

ويورد التقرير نقلا عن شخص على اطلاع داخل البلاط الملكي السعودي، قوله في رسالة نصية لـ"بوليتيكو": "دول الخليج قلقة (بشكل أقل الآن بعد سليماني) بأن أمريكا ستتخلى عنهم عندما تصبح الأمور أصعب". 

 

وتنوه توسي إلى أن ترامب فرض عقوبات اقتصادية على إيران، فيما تصفه إدارته بأنه حملة "ضغط أقصى"، تهدف إلى تركيع إيران، وأعلن الرئيس يوم الأربعاء بأن عقوبات جديدة ستفرض على إيران بعد هجومها الصاروخي، مستدركة بأنه يعتقد بأن تردده السابق في مواجهة إيران عسكريا هو الذي أدى إلى الحوار الدبلوماسي بين الرياض وأبو ظبي من جهة وطهران من جهة أخرى، بما في ذلك الأمل في تحقيق تقدم في اليمن.

 

وتذكر المجلة أن رئيس الوزراء الإيراني أعلن بعد الضربة الأمريكية ضد سليماني الأسبوع الماضي، بأن اللواء الإيراني كان في العراق كجزء من الحوار حول تخفيض التوتر مع السعودية، "لكن بومبيو سخر من ذلك الادعاء وأعلن أنه (غير صحيح)"، مشيرة إلى أنه في الوقت الذي تسعد فيه تلك الدول برؤية ترامب يوجه ضربة لإيران، إلا أنهم لا يريدون أن تتحول المواجهة إلى حرب شاملة.

 

ويورد التقرير نقلا عن جون الترمان من مركز الدراسات الدولية والاستراتيجية، قوله: "جيران إيران يريدون أن يتم ردع إيران، ولا يريدون أن تهاجم إيران، والسؤال هو: (كيف يمكنك أن تردع عدوا دون ضرب ذلك العدو؟)". 

 

وتفيد الكاتبة بأن باراك أوباما استخدم العقوبات، وتشارك مع دول أخرى لإجبار إيران على التفاوض، وهو ما أوصل إلى اتفاقية 2015 النووية مع إيران، مشيرة إلى أنه بالنسبة لكثير من الدول العربية وإسرائيل، فإن وضع حد للبرنامج النووي الإيراني كان أولوية كبيرة لسنوات.

 

وتستدرك المجلة بأنه مع التوصل إلى الاتفاقية، فإن تصرفات إيران غير النووية -خاصة برنامج الصواريخ الباليستي والدعم للمليشيات الوكيلة والتدخل في الحرب الأهلية السورية- أصبحت مثيرة للغضب بمقدار الطموحات النووية المزعومة ذاته. 

 

وبحسب التقرير، فإن الاتفاقية النووية لم تغط تلك القضايا، ولذلك كان السعوديون والإماراتيون وغيرهم غير راضين عن الاتفاقية، وبذل نتنياهو جهده كله لإفشال الصفقة النووية، بما في ذلك إلقاء خطاب لاذع في الكونغرس، قال فيه إن الاتفاقية "تمهد طريق إيران للقنبلة".

 

وتشير توسي إلى أنه في الوقت ذاته، فإن تواصل أوباما مع إيران أزعج الشركاء العرب، وبعضهم تشكك في التزام أوباما بأمنهم -وهو أمر قال مؤيدو أوباما إنه سخيف- ونظروا إلى جهوده الدبلوماسية بأنها تمثل ميلا نحو طهران، لافتة إلى أن ترامب تخلى عن الاتفاقية النووية في أيار/ مايو 2018، وبدأ بإعادة فرض العقوبات التي تم رفعها بموجب الاتفاقية.

 

وقال المسؤول العربي لـ"بوليتيكو" إن ما يريده خصوم إيران في المنطقة الآن هو أن تستمر أمريكا في الضغط على إيران -والأفضل من خلال العقوبات والدبلوماسية- للجلوس والتوصل إلى اتفاقية أشمل تغطي جهودها النووية وبرنامجها الصاروخي وتصرفاتها الإقليمية العدوانية. 

 

وأضاف المسؤول أن الدول العربية يجب أن يكون لها مقعد على طاولة المفاوضات، وكانت الاتفاقية السابقة قد تم التوصل إليها من خلال مفاوضات تضمنت إيران وأمريكا والصين وروسيا وفرنسا وألمانيا.

 

ويلفت التقرير إلى أن ترامب حث يوم الأربعاء تلك الدول "للتخلي عما تبقى من تلك الصفقة مع إيران.. والعمل معا تجاه التوصل إلى اتفاق (جديد) مع إيران يجعل العالم أكثر أمانا وأكثر سلما".

 

وتنقل الكاتبة عن كثير من مراقبي الشأن الإيراني، قولهم إن ذلك غير واقعي، ويشيرون إلى أن إيران، ولأسباب تتعلق بالسيادة الوطنية والكبرياء، لا يتوقع أن تجلس لمثل هذه المفاوضات الشاملة، مشيرة إلى أن إدارة ترامب لم تقم بأي تحرك جاد لإشراك إيران دبلوماسيا، بالإضافة إلى أن الرئيس أضر بشكل كبير بالعلاقات مع بعض أهم الحلفاء لأمريكا، ما يجعل الجهود متعددة الأطراف أكثر صعوبة. 

 

وتقول المجلة إن "البعض يشيرون إلى أنهم حذروا منذ سنوات بأن مقاربة ترامب القائمة على العقوبات الشديدة لإيران ستؤدي في المحصلة إلى مواجهة عسكرية، ولذلك فمن الغريب أن نرى دول الخليج العربية وإسرائيل فجأة تخشى التداعيات".

 

ويورد التقرير نقلا عن الزميلة في مؤسسة "سنتشري/ القرن" دينا إسفندياري، تغريدها قائلة: "ما الذي كانوا يتوقعونه بأن يحصل؟".

 

وتستدرك توسي بأنه بالرغم من خطابهم الناري إلا أن القيادات الإيرانية لا تبدو مستعدة للذهاب بعيدا، مشيرة إلى أن ذلك يعود لأن العقوبات الأمريكية جعلت الاقتصاد الإيراني في حالة سيئة، وتوقع صندوق النقد الدولي في تشرين الأول/ أكتوبر أن يتقلص اقتصاد إيران بنسبة 9.5% خلال عام 2019.

 

وتقول المجلة إن الكثير من الإيرانيين قد تعبوا من النظام في بلادهم، فقبل أسابيع فقط كانت هناك مظاهرات في إيران على نطاق واسع، أقلقت رجال الدين في طهران، إلى درجة أنهم قاموا بإغلاق الإنترنت لمدة أيام، مشيرة إلى أنه في واحدة من الإشارات المتعددة من إيران كانت بأن التصعيد سينتهي إن لم يقم ترامب بالرد عسكريا، غرد وزير الخارجية الإيراني جواد ظريف بعد الهجوم الصاروخي الإيراني، قائلا: "لا نسعى للتصعيد ولا الحرب، لكننا سندافع عن أنفسنا ضد أي عدوان".

 

ويستدرك التقرير بأن المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي أشار إلى أن هناك أفعالا إيرانية إضافية آتية في الطريق، وقال يوم الأربعاء: "لقد صفعناهم الليلة الماضية، لكن تلك الأفعال العسكرية ليست كافية".

وتنوه الكاتبة إلى أن سليماني كان قائدا للقوات الخاصة المسماة فيلق القدس، الذي كان مسؤولا عن العمليات الإيرانية خارج حدودها، وأشرف على المليشيات المتحالفة في البلدان الأخرى.
وتنقل المجلة عن مسؤول استخباراتي أمريكي، قوله: "بعض عناصر المليشيات التي ترى أنه قد استشهد قد تصبح مارقة.. ذلك ما يقلقني وهو أن يقوم عنصر بشيء فيه تصعيد ونقوم بالرد دون العلم إن كان موجها من المرشد الأعلى أو من شخص آخر".
وتختم "بوليتيكو" تقريرها بالقول إنه تأكيدا لقابلية استمرار الخطر، فإن صاروخين أطلقا يوم الأربعاء على المنطقة الخضراء، حيث تقع السفارة الأمريكية في بغداد.