2024-11-25 07:26 ص

في توقيت تاريخي ولحظة إقليمية استثنائية بوتين يتجول مع الاسد

2020-01-09
زيارة بوتين الى العاصمة السورية حملت في تفاصيلها ومشهديتها من الرسائل ما يكفي لوصفها بالحدث الدولي الأهم، والذي سيبني لمعطيات سياسية وميدانية تؤسس لمرحلة جديدة في الحرب على الإرهاب، واستكمال استعادة الدولة السورية لسيادتها على كامل أراضيها، كما حملت معاني استثنائية تجاه عمق العلاقة التي تربط الرئيس الأسد بالرئيس بوتين، وتحالفهما من أجل دحر الإرهاب وفرض سيادة القانون في كل المناطق التي تشهد نزاعات إقليمية كانت أم دولية، كما ترجمت الدعم الروسي الكامل للجيش والقوات المسلحة في مكافحة الإرهاب.
زيارة الرئيس بوتين غير التقليدية اتسمت في بدايتها بالطابع العسكري والتفقدي للقوات الروسية العاملة في سورية حيث حرص الرئيس الروسي على زيارة دمشق وتهنئة الضباط والجنود الروس على ما حققوه من إنجازات في مكافحة الإرهاب وذلك بمناسبة عيد الميلاد وفق التقويم الشرقي الذي يصادف في السابع من كانون الثاني من كل عام، وبدأ جدول الزيارة بلقاء في مقر تجميع القوات الروسية حيث استمع الرئيسان الأسد وبوتين إلى عرض عسكري من قبل قائد القوات الروسية العاملة في سورية بحضور وزيري دفاع البلدين، وتحولت فيما بعد إلى زيارة أخوية وثقافية بين حليفين صديقين جالا معاً في شوارع دمشق الآمنة وأسواقها التاريخية والجامع الأموي والكنيسة المريمية في إشارة غير مباشرة إلى ما حققه التحالف السوري الروسي من إنجازات في دحر الإرهاب من أغلبية الأراضي السورية، والدفاع عن التراث السوري في التآخي والعيش المشترك.
الزيارة التي قد نرى نتائجها في القريب العاجل، جاءت للتأكيد مجدداً على أن لا مكان للإرهاب في سورية، وأن أمن واستقرار المنطقة هو أولوية بالنسبة للقيادتين السورية والروسية، وذلك في ظل إرهاب دولي تمارسه واشنطن من خلال احتلال أراضٍ سورية واغتيال قادة ومسؤولين رسميين، وآخرهم القادة الشهداء قاسم سليماني وأبو مهدي المهندس ورفاقهم، الأمر الذي يتطلب تنسيق عالي المستوى في محور مكافحة الإرهاب، ومحور المقاومة لإنهاء هذه العربدة الأميركية وإعادة بسط سيادة الدول على أراضيها وفقاً للقانون الدولي.
هي زيارة استثنائية وغير تقليدية في التوقيت والشكل والمضمون، وتعكس علاقات الإخوة والمحبة بين الرئيسين بشار الأسد وفلاديمير بوتين، وحرصهما على تحرير كل شبر من الأراضي السورية المحتلة وإعادة الأمن والأمان إلى سورية والمنطقة وذلك من خلال التعاون والتنسيق العسكري والسياسي الذي بدأ منذ أعوام بين دمشق وموسكو وكامل محور مكافحة الإرهاب ومستمر إلى أن يحقق كل أهدافه، وكان لافتاً وصول الرئيس بوتين ومغادرته من مطار دمشق الدولي وتجواله مع الرئيس الأسد في شوارع العاصمة في إشارة إلى ما باتت تتمتع به بدمشق من أمن وأمان بفضل ما حققته القوات العسكرية من إنجازات.
وخلال اللقاء الذي جمع الرئيسين الأسد وبوتين، في مقر تجميع القوات الروسية في دمشق، قدم الرئيس بوتين التهاني والتبريكات للقوات الروسية العاملة في سورية، بمناسبة عيد الميلاد المجيد.
وكالة «سانا» الرسمية أشارت إلى أن الرئيسين ناقشا في اجتماعين، أحدهما مغلق، التطورات الأخيرة في المنطقة، وخطط استكمال الجهود المشتركة للقضاء على الإرهاب الذي يهدد أمن وسلامة المواطنين السوريين في إدلب.
وتطرق اللقاء إلى تطورات الأوضاع والإجراءات التي تقوم بها تركيا في شمال شرق سورية، إضافة إلى سبل دعم المسار السياسي، وتهيئة الظروف المناسبة له بما يزيل العقبات التي توضع في وجهه ويثبت الإنجازات التي تحققت عبر الجهود السورية الروسية المشتركة في مكافحة الإرهاب.
وأكد الرئيسان الأسد وبوتين أن الهدف الأساسي من المسار السياسي هو عودة الاستقرار والأمان إلى جميع المناطق السورية وتحقيق مصالح الشعب السوري في الحفاظ على وحدة سورية واستقلالها وسلامة أراضيها بما يدفع باتجاه توفير بيئة اقتصادية أفضل للانطلاق بعملية إعادة الإعمار.
الرئيسان زارا الجامع الأموي الكبير وضريح النبي يحيى عليه السلام (القديس يوحنا المعمدان) فيه، وقدم بوتين نسخة تاريخية من القرآن الكريم تعود للقرن السابع عشر هدية للجامع وسجل كلمة في سجل الزوار.
وختم الرئيسان الأسد وبوتين جولتهما في دمشق القديمة بزيارة إلى الكاتدرائية المريمية، حيث هنأ الرئيس بوتين القائمين على الكنيسة بمناسبة عيد الميلاد المجيد، وقدم لهم أيقونة للسيدة العذراء عليها السلام وأضاء الرئيسان شموعاً ليعم السلام والأمان في سورية.
وفي نهاية الجولة أختتم بوتين زيارته لسورية حيث ودّعه الرئيس الأسد على أرض مطار دمشق الدولي، التي غادرها باتجاه إسطنبول.
المستشارة السياسة والإعلامية في رئاسة الجمهورية بثينة شعبان، اعتبرت في حديث لها لقناة «الميادين»، الزيارة بأنها تكتسب أهمية على أكثر من مستوى حيث اختار أن يقضي الميلاد في دمشق وأن يلتقي العسكريين الروس الذين قضوا وقتاً طويلاً في سورية، يكافحون إلى جانب إخوانهم في الجيش العربي السوري الإرهاب وأدواته، وهي تأتي احتفاء بعودة الأمان إلى دمشق، وإلى معظم أجزاء سورية حيث لم نكن قادرين على التجول في المناطق التي تجول فيها الرئيسان أمس، كما أنها تأتي احتفاء بالنصر على الإرهاب، لافتة إلى زيارة الكنيسة المريمية وما تحمله من دلالة كبرى في عراقة هذه الأرض، وأن البلدين يؤمنان بأهمية العيش المشترك، وأهمية هذا العيش بهذه المنطقة في وقت حاول فيه الإرهاب بث الفرقة على أسس دينية وطائفية وهذه الدلالات تندرج ضمن الحرب المستمرة على الإرهاب.
ووصفت شعبان الزيارة بالودية حيث كان الرئيسان مرتاحين، ولم تعتمد البرتوكلات المعتادة، وأتت في ظروف شهدتها المنطقة بارتكاب جريمة اغتيال قائدين عظيمين من محور المقاومة، معتبرة أن الرد على هذا سيكون أكبر مما نتصور.