2024-11-26 12:51 ص

خلافٌ أوروبى- فلسطيني على"مرسوم الانتخابات"

2019-12-29
يُستشف مما صرح به أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة "التحرير" صائب عريقات، عن رفض دول أوروبية إصدار ورقة ضمان بعدم عرقلة إسرائيل إجراء الانتخابات في مدينة القدس، أن ثمة توتراً بين قيادة السلطة الفلسطينية وأوروبا حول موضوع الانتخابات.

الباحث في مؤسسة "فريدريش ناومان" الالمانية في القدس سليمان ابو دية قال ل"المدن"، إن هناك خِلافاً فعلياً بين السلطة الفلسطينية واوروبا؛ بسبب ضغط الأخيرة عليها لإصدار المرسوم الرئاسي لإجراء الانتخابات، قبل أي "ضمان استباقي" بشمولها للقدس الشرقية.

ويوضح أبو دية أن مردُ هذا التوتر هو عدم ثقة أوروبا بجدية قيادة السلطة الفلسطينية وحتى بقية الأحزاب في الضفة الغربية وقطاع غزة بإجراء الإنتخابات، وأن حديثها عنها فقط للدعاية والمُناوَرة.

ويؤكد أن التوتر بين الطرفين، حاصل منذ فترة وخاصة في ما يتعلق بموضوع الانتخابات؛ لأن الموقف الأوروبي يطالب منذ سنتين بضرورة إجرائها وإعادة الشرعية للتمثيل الفلسطيني. فيما دأب الفلسطينيون تحت عنوان "عدم توافقهم" على المماطلة وعدم الإستجابة للاتحاد الأوروبي بهذا الشأن.

ويريد الأوروبيون من القيادة الفلسطينية أن يصدر المرسومُ الرئاسي ثم يتم إنتظار الموقف الإسرائيلي، بيدَ أنّهم لا يتفهمون موقف رئيس السلطة محمود عباس بجعل مسألة الموافقة الإسرائيلية "المُسبقة" على إجراء الإنتخابات في القدس الشرقية، شرطاً لعدم إصدار "مرسوم الانتخابات".

وينقل الباحث في مؤسسة "فريدريش ناومان" عن مسؤولين أوروبيين التقاهم مؤخراً، قولهم إن "أوروبا تشعر أن قيادة السلطة وكل الجهات الفلسطينية بما فيها حماس غير عاقدة العزم على الانتخابات.. ولذلك يتم الضغط على عباس لإصدار المرسوم الرئاسي الذي يحدد موعد إجراء الإنتخابات أوّلاً".

ويكشف أبو دية لموقع"المدن" الاخباري أن قيادات أوروبية أخبرته عن شكوكها "بأنه حتى لو أصدر عباس مرسومه الرئاسي، فإن ذلك لا يضمن أن الإنتخابات سيتم عقدُها، على غرار ما جرى في مرات سابقة". وبيّن أنها تشعر بعدم وجود جدّية لدى القيادة الفلسطينية بالإنتخابات؛ لأسباب مختلفة داخلية وخارجية... ف"قضية القدس حسب الموقف الأوروبي ليست مبرراً لعدم إصدار المرسوم"، بحسب دول أوروبية .

ويقول مصدر أوروبي ل"المدن" إنه "إذا كان هناك توجه فلسطيني حقيقي نحو الإنتخابات، فليصدر المرسوم ثم نرى مسألة القدس.. ويمكن بمرحلة لاحقة إذا شعرنا بالجدية الفلسطينية أن نضغط على إسرائيل".

لكن هذا المصدر بدا غير حاسم لموضوع الضمانة الأوربية بانتزاع موافقة إسرائيلية على إجرائها في القدس.

في المقابل، تقول الرئاسة الفلسطينية على لسان الناطق بإسمها نبيل أبو ردينة إن قرار إجراء الانتخابات الفلسطينية في ملعب المجتمع الدولي "للضغط على إسرائيل" وعدم عرقلتها في مدينة القدس المحتلة، مشددة على أن رئيسها محمود عباس وكامل القيادة مصممون على إجراء الانتخابات التشريعية والرئاسية في أقرب فرصة ممكنة، ولكن "ليس بأي ثمن ودون القدس".

وتبرر جهات في قيادة السلطة الفلسطينية في أحاديثها ل"المدن"، أنها تخشى استغلالَ جهات دولية مسألة المرسوم الرئاسي في حال إصراره، كي تزيد الضغط عليها لإجراء الإنتخابات حتى لو فشلت هذه الجهات في الضغط على إسرائيل بشمولها للقدس الشرقية.. وتعتقد أن ذلك سيكون كارثياً في حال حصولها دون القدس.

وبغض النظر عن جدية الاطراف الفلسطينية بإجراء الانتخابات من عدمها، فإن أوروبا نفسها تُتهم بعدم جديتها ببذل الضغوط اللازمة على إسرائيل؛ خشية الصدام السياسي معها.. ليس فقط في ما يخص الانتخابات الفلسطيينة، بل وما يتصل ايضاً بكل الممارسات الإسرائيلية العدوانية على الأرض الفلسطينية المحتلة عام 1967.

ويصف مصدر مقرب من الرئاسة الفلسطينية في حديثه ل"المدن" الموقف الأوربي ب"الانتهازي"؛ إذ أنه يتخذ من الإنقسام الفلسطيني وعدم إجراء الإنتخابات ذريعة وحجة لعدم بذل الضغط المناسب على الدولة العبرية وردعها عن انتهاك القانون الدولي.

ويُقرّ الباحث السياسي سليمان أبو دية في هذا السياق، "أنه من الواضح أن أوروبا لا تريد الضغط على إسرائيل لإجبارها على السماح بعقد الانتخابات في القدس"، مشيراً إلى ان هذا توجه اوروبي شامل وبدأ يتبلور، ويقضي بترك إسرائيل "تفكر وتتصرف كما تشاء".. ولهذا، تظهر أوروبا مهتمة باستحقاق الإنتخابات الفلسطينية الغائبة منذ سنوات طويلة؛ بيدَ أنّها غير مستعدة لإجبار إسرائيل على أي شيء.

ويذهب أبو دية لأبعد من ذلك، حينما قال إنه كان متوقعاً أن يزيد الموقف الأوروبي ضغطه على السلطة الفلسطينية وتحميلها مسؤولية عدم التقدم في محادثات السلام مع إسرائيل بحجة الإنقسام؛ في مقابل إحجامها عن إدانة الممارسات الإسرائيلية في ظل عدم وجود موقف أوروبي موحد إزاء طريقة التعاطي مع اعتداءات الاحتلال بحق الفلسطينيين وأرضهم.

بكل الأحوال، يدّعي الأوروبيون أن موقفهم بالضغط على إسرائيل لإجراء الإنتخابات في القدس الشرقية، سيكون أقوى لو صدر مرسوم لرئيس السلطة محمود عباس بخصوص ذلك.

الباحث أبو دية يرى أن السلطة الفلسطينية يجب أن تكون مُبادِرة بإصدار "مرسوم الإنتخابات"، ثم نرى ما إذا كانت ستوافق إسرائيل على إجراء الانتخابات في القدس أم لا.. ويعتقد أبو دية انه حينئذ سيكون لكل رد إسرائيل، الخطوة الفلسطينية المناسبة.

الحق، أن إسرائيل لم تعلق على موضوع الانتخابات الفلسطينية على الإطلاق، حتى انها لم تعطِ أي إجابة أو رد على طلب رسمي فلسطيني بالسماح لإجرائها في القدس.
وذكرت الإذاعة الإسرائيلية الرسمية "مكان" أن حكومة بنيامين نتنياهو قررت "تجاهل" المطلب الفلسطيني بهذا الإتجاه.

وأوضح موقع "واي نيت" أن القرار النهائي بهذا الخصوص اتُّخذ في اعقاب مناقشة الموضوع على مستوى إسرائيلي عال.

ويرجّح أن يُفضي هذا القرار إلى إلغاء الانتخابات الفلسطينية- وفق التقدير الإسرائيلي- فيما أكدت مصادر فلسطينية رسمية أن الحكومة الإسرائيلية لن توافق على إجرائها في القدس، في ظل التجاذبات الداخلية على ضوء انتخابات الكنيست المرتقبة مطلع آذار/مارس المقبل.

يذكر أن الفصائل بما فيها حركة حماس وافقت على خطة وضعها الرئيس محمود عباس لإجراء الانتخابات التشريعية ومن ثم الرئاسية، إلا أن إصدار مرسوم رئاسي يحدد موعد الانتخاب اصطدم بعدم الحصول على ضمانة إسرائيلية بالسماح للمقدسيين بالمشاركة في الانتخابات؛ ترشحاً وتصويتاً.