2024-11-23 06:00 ص

مغامرات فرنسي قدم إلى سوريا للقتال مع المسلحين..الفظاعات الموجودة على التلفزيون غير موجودة على الارض

2013-01-28
متأثرا بالتقارير التلفزيونية التي شاهدها، غادر الفرنسي من اصل جزائري جمال عامر الخدود (50 عاما) مدينة مرسيليا في جنوب فرنسا، الى مدينة ساحلية تركية في طريقه لمقاتلة النظام في سوريا، قبل ان ينتهي به المطاف في سجن سوري.
بعد اعوام طويلة من العمل في وظائف متواضعة، اعتقد هذا الرجل النحيل ذو اللحية البيضاء والمرتدي "جلابية" رمادية اللون، انه اكتشف اخيرا دعوته: الجهاد في سوريا.
ورغبة منها في اظهار ما تصفه بالدور "الخبيث" الذي تؤديه وسائل اعلام عربية مناهضة لنظام الرئيس بشار الاسد، اتاحت السلطات السورية لصحافي في وكالة فرانس برس لقاء هذا المعتقل في احد مراكز الاحتجاز في دمشق.

ويقول جمال الذي ولد في البليدة الجزائرية وانتقل في سن التاسعة عشرة الى فرنسا، "انا مسلم، سلفي معتدل، وكما كل الناس اشاهد التلفزيون. على (فضائيتي) الجزيرة (القطرية) والعربية (السعودية ومقرها دبي)، رأيت ما يتعرض له اخواني في سوريا، لا سيما الاطفال منهم. بكيت مرارا الى حد انني كنت اشعر بالالم".
ذات يوم، قرر ان من واجبه الذهاب للدفاع عن هؤلاء. "استجمعت شجاعتي وذهبت وحيدا الى تركيا"، بحسب ما يقول جمال، وهو اب لستة اولاد وجد لحفيد صغير، راويا قصته في حضور آمر السجن الذي يبدو انه لا يتقن اللغة الفرنسية.
ونظرا الى انعدام معرفته بالجغرافيا، اختلط الامر على جمال بين مدينة انطاليا الساحلية التركية، وانطاكية الحدودية التي تشكل نقطة عبور الى سوريا.
وبعيد وصوله الى الاولى، انتقل بالباص الى الثانية، حيث اكتشف فيها، ومن خلال الانترنت، ان ثمة مخيما للنازحين السوريين في قرية ياياناري الواقعة على بعد نحو 15 كيلومترا منها.

في هذا المخيم، خضع جمال لتدريب بدائي. يقول "كنا نقوم على وجه الخصوص بتمارين مشي ونتمرن في بعض الاحيان على الرماية ببندقية صيد". بقي هناك قرابة شهرين، قبل ان ينطلق في نهاية ايار/مايو الماضي لخوض "الجهاد" في سوريا.
وتتيح تركيا للراغبين في القتال ضد نظام الرئيس السوري بشار الاسد عبور حدودها الى داخل الاراضي السورية. وتتهم دمشق جارتها انقرة بالسماح لمقاتلين اسلاميين متشددين من جنسيات مختلفة بالتسلل الى اراضيها.
ويشير جمال الى انه "ذات ليلة، اعطونا رشاش كلاشنيكوف ودخلنا الى الاراضي السورية". لكن حماسته خفتت سريعا لانه اضطر مرتين خلال اسبوعين للانتقال من القرية التي كان يتواجد فيها الى غيرها، من دون ان يقدم على شيء سوى الهرب في اتجاه الغابات لدى سماع صوت الطائرات المروحية التابعة للقوات النظامية السورية.

لم ير جمال على الارض الفظاعات التي شاهدها على شاشات التلفزة، وتبخر حلمه بان يكون حاميا للشعب السوري. وفي غياب اي دور يمكنه القيام به، امضى ايامه داخل احد المنازل. ولم يعرض عليه افراد مجموعته حتى ان يرافقهم خلال المهمات الليلية التي كانوا يقومون بها، ربما نظرا الى سنه وانعدام خبرته القتالية.
ولدت هذه الظروف في نفس جمال شعورا بالمرارة والعجز، ما دفعه الى اتخاذ قرار بالعودة الى فرنسا عبر تركيا. يقول "سلمت سلاحي، حملت حقيبتي على ظهري وتركت المجموعة للعودة بمفردي الى تركيا. في الطريق، اوقفني مسلحون بملابس مدنية، واقتادوني الى السجن".
وفي الثاني من حزيران/يونيو الماضي، نقل جمال الى مركز سجن في دمشق، بعدما احتجز قرابة 12 يوما في حلب (شمال). وبحسب مدير السجن الدمشقي، من المقرر ان يمثل جمال قريبا امام المحكمة.
ويقول السجين الخمسيني انه متهم بالدخول خلسة وبطريقة غير شرعية الى سوريا وحيازة الاسلحة. ولا يعرف العقوبة المفروضة في حالات مماثلة لانه لم يقابل حتى تاريخه اي محام، كما ان اللجنة الدولية للصليب الاحمر لا تزور السجن حيث يقبع.
يضيف "لم اقل شيئا مهما لعائلتي، فقط الى اللقاء. لست متأكدا من انهم على علم بانني في السجن، لكن ربما يعرفون انني في سوريا".
ويختم قبل ان يجهش بالبكاء "اريد ان اقول لهم انني اقبلهم بقوة، وانني مشتاق اليهم كثيرا".

أ ف ب/ شام برس