2024-11-25 07:46 م

الغرب والكذبة “الكيماوية” الجديدة التي افتضح أمرها حول سوريا

2019-11-28
منذ بداية الحرب على سوريا وبعد ذلك بوقت قصير، بدأت الدول الغربية بالحديث عن استخدام الأسلحة الكيماوية في سوريا، ومن ثم تحولت تلك الأحاديث إلى اتهامات غير رسمية وفي وقت لاحق أصبحت اتهامات رسمية على المستوى الدولي ضد دمشق.
فمنذ ذلك الحين، اتخذت الحكومة السورية موقفاً حازماً تجاه تلك الاتهامات وأعلنت أنها لا تستخدم الأسلحة الكيميائية، لكن الدول الغربية أصرت على توجيه مثل هذه الاتهامات الكاذبة بطرق مختلفة. حتى إن منظمة ما تسمى “الخوذ البيضاء” دخلت على الخط للتوثيق في هذا الصدد.
في شهر مارس، نشرت منظمة حظر الأسلحة الكيميائية تقريراً لها وقالت إنه من المحتمل جداً أن يكون قد وقع هجوم كيميائي بغاز الكلور السام في منطقة “دوما” شمال شرق العاصمة السورية دمشق. وبعد ذلك التقرير قامت فرنسا وبريطانيا وأمريكا بشن غارات جوية على سوريا بدعوى أن ذلك الهجوم الكيميائي قد تم من قبل الجيش السوري.
موقع ويكيليكس نشر مؤخراً بريداً إلكترونياً لأحد أعضاء مجموعة تقصي الحقائق التابعة لمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية قام بإرساله إلى مسؤوليه الكبار وأماط اللثام عن حقيقة خفية إذ إنه قال في هذا البريد الإلكتروني إن الوثائق قد تم تغييرها إلى شيء مختلف تماماً عن ما كانت عليه، إن هذا الاأر حدث في مكتب المدير العام آنذاك، والذي كان دبلوماسياً تركياً يدعى “أحمد أوزومجو”.
وفي ذلك الوقت كانت المعارضة السورية قد زعمت بأن الهجوم الكيميائي قد نفذ عبر عبوات تم اسقاطها من طائرة، حيث قبل محققو المنظمة هذه المزاعم فوراً، الأمر الذي وصفه مرسل البريد الإلكتروني بأنه أمر “مقلق للغاية”.
وجاء في البريد الإلكتروني المذكور أن هناك العديد من المواد الكيميائية التي تحتوي على الكلور وتوجد بعض هذه المواد في المنازل أيضاً، كما ذُكر في التقرير الأولي أن احتمال تسرب الكلور السام الموجود في المنطقة من العبوات الملقاة من الطائرة، ضعيف للغاية والذي قد حذف من التقرير النهائي، القضية التي اعتبرها مرسل البريد الإلكتروني “تحريفاً كبيراً” في التقرير الرئيس.
وبحسب هذا الخبير المتقصي للحقائق في المنظمة، ان الخطأ الكبير الآخر في التقرير هو أنه اعتبر استنشاق المادة السامة في المنطقة بمثابة تنفيذ هجوم كيميائي من قبل الحكومة السورية.
وفي الوقت نفسه، قال سكان المنطقة إنهم ليسوا على علم بحدوث هجوم كيميائي أو تضرر أحد جراء ذلك، ولكن، منظمة “الخوذ البيضاء” التي تم إطلاقها برأس مال غربي –عربي من قبل المعارضة، أعلنت بشكل رسمي عن وقوع هجوم كيميائي وإصابة عدد كبير من سكان المدينة!
يبدو أن الكشف عن هذه الكذبة يمثل فضيحة كبرى للدول الغربية خاصة بريطانيا وفرنسا وأمريكا.
فبعد الكشف عن هذه الوثائق، تعدّ روسيا من جهة والدول الغربية من جهة أخرى أنفسهم لمعركة وصراع خلال الاجتماع السنوي لمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية، فمن المقرر أن يتم خلال هذا الاجتماع تقديم المسؤول عن الهجمات الكيميائية في سوريا،  كما أن من المقرر بداية العام المقبل إصدار التقرير الأول لفريق التحقيق بشأن طبيعة الذين نفذوا هجمات كيماوية في سوريا.
بدأ الاجتماع المهم لمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية يوم الاثنين وسيستمر حتى يوم الجمعة، حيث هددت روسيا بعرقلة عملية الموافقة على الميزانية إذ تم تخصيص جزء من ميزانية العام المقبل لفريق البحث، كما أن عدم الموافقة على الميزانية يمكن أن يسبب مشكلات خطيرة لمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية.
وعلى الرغم من المعارضة الكبيرة من قبل سوريا وحلفائها، فقد صوّتت أغلبية الدول الأعضاء في منظمة حظر الأسلحة النووية في يونيو2018  لمصلحة زيادة صلاحيات هذه المنظمة لتحديد طبيعة مسببي الهجمات الكيميائية، عندها، شبّهت روسيا هذه المنظمة بسفينة التايتنك التي توشك على الغرق، وأعلنت أن هذه المنظمة قد باتت منظمة سياسية.
ففي ذلك الوقت، مثلت رئيسة الوزراء البريطانية آنذاك تيريزا ماي، أمام مجلس العموم الذي كان معارضاً لضربة الجوية على سوريا، وقالت إنها واثقة من وقوع هجوم كيميائي في سوريا وتعرف مسببي الهجوم، والآن وقد كُشفت أكاذيب الدول الغربية حول الأسلحة الكيماوية في سوريا، يبدو أن تاريخ الخداع الأمريكي تجاه دول المنطقة قد تكرر، ويذكرنا بالهجوم الأمريكي على العراق وغزو هذا البلد تحت ذريعة أسلحة الدمار الشامل وبعدها افتضح أمر هذه الكذبة الكبيرة.
منظمة الخوذ البيضاء الإرهابية.. أداة لإثبات الأكاذيب الغربية
الخوذ البيضاء هي مجموعة تحاول تحت غطاء القيام بجهود إغاثية في مناطق الحرب، إثارة العالم ضد الحكومة الشرعية في سوريا عبر نشر صور وفيديوهات مزيفة، كان هناك العديد من التقارير التي تفيد بأن أعضاء منظمة الخوذ البيضاء كانوا أعضاء في مجموعات إرهابية في سوريا.
كانت هذه المجموعة التي لم تكن معروفة بشكل جيد في بداية الحرب السورية كما هو عليه الحال في الوقت الراهن، تحاول إظهار نفسها كمنظمة إغاثة تسعى لتقديم المساعدات للشعب السوري، حيث كانت هذه المنظمة تنشر على نطاق واسع صوراً ومقاطع فيديو حول تقديم الخوذ البيضاء المساعدات “لأولئك الذين علقوا تحت أنقاض هجمات الجيش السوري”.
وبعد أن حذّرت وزارة الخارجية الروسية من أن الخوذ البيضاء تحضر إلى جانب الإرهابيين للقيام بعمل استفزازي في سوريا باللجوء إلى الأسلحة الكيميائية، وبعد أن حذرت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا من أن الهدف من هذا الإجراء هو ضرب عملية السلام في سوريا، أعلن البيت الأبيض عن تخصيص 4.5 ملايين دولار  للخوذ البيضاء، في حين انتقدت زاخاروفا هذه القضية واعتبرتها دليلاً على علاقة أمريكا بالإرهابيين.
خلال الأيام القليلة الماضية، تم العثور على جثة ” جيمس لو ميسورييه” مؤسس منظمة الخوذ البيضاء في اسطنبول والذي كان يحاول إثارة العالم ضد حكومة دمشق من خلال نشر صور ملفقة بشأن سوريا، حيث قالت شرطة اسطنبول إن جثته عثر عليها أمام شقته وتشير التحقيقات الأولية إلى أنه ربما يكون قد أقدم على الانتحار.
هنا لا بد من الإشارة إلى أن هذه ليست المرة الأولى التي لا تتطابق فيها تقارير منظمة حظر الأسلحة الكيميائية  مع الحقائق، بل في شهر مايو الماضي، قام خبراء من منظمة حظر الأسلحة الكيميائية بتزوير نتائج التحقيقات في الهجوم الكيميائي على مدينة دوما السورية والتلاعب بها، وفي هذا الشأن، أكد “إيان هندرسون” أن التقرير الرسمي لمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية بشأن الهجوم على مدينة دوما في محافظة ريف دمشق السورية، لا يتطابق مع الحقائق.
على أي حال، ينبغي الانتظار والتركيز على ردود فعل دول العالم خاصة روسيا بشأن زيف تلك التقارير، الكذبة التي تحوّلت مرة أخرى إلى فضيحة كبرى للغرب بشأن الملف السوري.

الوقت التحليلي