2024-11-30 02:35 م

القصة الكاملة لعملية التجسس السعودية داخل تويتر

2019-11-09
وجه المدعي العام في المقاطعة الشمالية بكاليفورنيا قبل 3 أيام لائحة اتهام ضد 3 أشخاص بينهم سعوديان.

وتشمل اللائحة اتهامات بالعمل كوكلاء قانونيين لحكومة أجنبية من دون إخطار الجهات الأمريكية المختصة، والحصول على معلومات سرية تتعلق بحسابات مستخدمي تويتر في مخالفة لقواعد العمل بالشركة، وذلك خلال فترة تتراوح من نوفمبر/ تشرين الثاني 2014 حتى مايو/ آيار 2015.

فضلا عن اتهام أحد الجناة بتزوير وثائق أثناء إجراء تحقيقات رسمية.

وتطرقت لائحة الاتهام إلى دور أحد امراء الأسرة السعودية الحاكمة في القضية، ومدير المكتب الخاص لولي العهد السعودي محمد بن سلمان، من دون ذكر اسمه، وهو "بدر العساكر".

وتولى التحقيق في القضية المذكورة قسم مكافحة التجسس في مكتب سان فرانسيسكو الميداني التابع لمكتب التحقيقات الفدرالي، نظرا لأن مقر شركة تويتر الرئيسي الذي عمل به المتهمون يقع في سان فرانسيسكو بكاليفورنيا.

وأشرف قسم مكافحة التجسس على التحقيقات في هذه القضية لأنه يختص بالجرائم المتعلقة بمكافحة الاستخبارات والجرائم الإلكترونية (مثل العمل عميلا لحكومة أجنبية من دون إخطار المدعي العام، والتجسس الاقتصادي، وسرقة الأسرار التجارية، وانتهاكات الاحتيال وإساءة استخدام الكمبيوتر).

المتهمون الثلاثة

أحمد أبو عمو: مواطن أمريكي عمل موظفًا في تويتر من 3 من نوفمبر/ تشرين الثاني 2013 إلى 22 من مايو/ آيار 2015. حيث شغل منصب مدير شراكات إعلامية تتعلق بتقديم الدعم والاستشارات من طرف تويتر لحسابات شخصيات عامة، وعلامات تجارية، وصحفيين في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.

علي الزبارة: مواطن سعودي أقام في كاليفورنيا، ودخل أمريكا في العام 2005 بتمويل من منحة دراسية سعودية، وحصل على شهادات في علوم الكمبيوتر من عدة جامعات أمريكية. وعمل منذ أغسطس/ آب 2013 إلى ديسمبر/ كانون الأول 2015 مهندس تدقيق في مقر شركة تويتر الرئيسي بكاليفورنيا.

أحمد المطيري، والمعروف أيضًا باسم أحمد الجبرين: مواطن سعودي دخل أمريكا بتأشيرة طالب في أغسطس/ آب 2014 بغرض دراسة اللغة الإنجليزية، وأقام في منطقة سان فرانسيسكو. ومنذ مايو/ آيار 2014، أدار شركة تسويق سعودية تشرف على حسابات وسائل التواصل الاجتماعي لأعضاء من العائلة المالكة السعودية، بما في ذلك عضو العائلة المالكة المتورط في القضية.
تحدد سياسة الخصوصية في تويتر الظروف التي قد يتم فيها الكشف عن البيانات السرية الخاصة بالمستخدمين.

ينص البند رقم 18 من قانون الولايات المتحدة على أنه يجوز لمقدمي خدمات الاتصالات الإلكترونية وخدمات الحوسبة عن بعد، مثل تويتر، أن يكشفوا طواعية عن بيانات المستخدم إلى الجهات الحكومية في حال اعتقاد مقدم الخدمة بوجود حالة طوارئ تنطوي على خطر الموت أو إصابة جسدية خطيرة لأي شخص.

عند التحاق الزبارة وأبوعمو بالعمل في تويتر، وافقا على الالتزام بقواعد العمل التي تحدد السياسات التي يجب على موظفي تويتر الالتزام بها كجزء من عملهما، والتي تشمل منع تقديم أي معلومات خاصة ببيانات وقوائم مستخدمي تويتر إلى أي جهة أخرى، والامتناع عن أي نشاط تجاري آخر من شأنه أن يخلق تضاربا في المصالح مع تويتر.

في ديسمبر/ كانون الأول 2015، عزز موقع تويتر ضوابطه وأذوناته لتقييد الوصول إلى معلومات مستخدميه، بحيث تتاح فقط لأولئك الذين تتطلب وظائفهم الوصول لتلك البيانات.

خلال الفترة التي عمل فيها الزبارة وأبوعمو في تويتر، لم تكن وظيفتهما تتطلب الحاجة للوصول إلى المعلومات الخاصة بمستخدمي التطبيق، وكان وصولهما لتلك البيانات يمثل انتهاكا لقواعد العمل المتعلقة بحماية بيانات المستخدمين.

رغم ذلك عمل الزبارة وأبوعمو على الوصول إلى البيانات السرية الخاصة بمستخدمي تويتر، بما في ذلك عناوين البريد الإلكتروني، وتواريخ الميلاد، وأرقام الهواتف، وعناوين بروتوكول الإنترنت (IP).

تفاصيل الجريمة

في أبريل/ نيسان 2014، اتصلت شركة علاقات عامة تمثل سفارة السعودية في أمريكا بشركة تويتر، وطلبت المساعدة في توثيق حسابات تويتر لشخصيات إعلامية سعودية. فأسندت شركة تويتر المهمة لأبوعمو. ومن ثم تواصل أبوعمو مع الشركة وطلب منها إعلامه إذا كانت لديهم أي طلبات أخرى تتعلق بالحكومة السعودية.

في 16 من مايو/ أيار 2014، قام ممثل من مجلس الأعمال الأمريكي السعودي في فيينا، بإرسال بريد إلكتروني إلى أبوعمو يطلب منه تنظيم جولة في مكتب تويتر في سان فرانسيسكو لمجموعة من "رواد الأعمال السعوديين".

رتب أبوعمو الزيارة التي شارك فيها بدر العساكر، الذي أصبح لاحقا مدير المكتب الخاص لولي العهد السعودي. وقد عمل العساكر نيابة عن النظام السعودي، في تجنيد موظفي تويتر للحصول على معلومات المستخدمين الخاصة، التي لم يتمكن من الحصول عليها من أي مكان آخر.

في نوفمبر/ تشرين الثاني 2014 تواصل العساكر مع أبوعمو لترتيب لقاء بينهما في بريطانيا. والتقيا بعد ذلك في لندن أثناء حضور أبوعمو مؤتمرا إعلاميا عالميا نظمته شركة تويتر في بريطانيا.

في  الوقت تقريبا، التقى أبو عمو مع أحمد المطيري، الذي سبق أن دعا أبوعمو لعقد اجتماع في سان فرانسيسكو لمناقشة اهتماماتهما المتبادلة في ظل عمل المطيري مستشارا لأحد أبرز أمراء العائلة المالكة.

في غضون أسبوع واحد من اجتماع أبو عمو في لندن مع بدر العساكر، بدأ أبوعمو في الوصول إلى معلومات مستخدمي تويتر الخاصة التي تهم بدر والعائلة المالكة.

كيف تلقى أبو عمو مقابل خدماته؟

أولا: فتح قريب لأبوعمو مقيم في بيروت، حسابًا مصرفيًا لبنانيًا في بنك عودة، وتلقى الحساب لاحقًا مدفوعات تم تحويلها بعد ذلك إلى أبوعمو. ومن أبرزها تحويل في 13 من فبراير/ شباط 2015 من بدر العساكر للحساب اللبناني بقيمة 100 ألف دولار.

ثانيا: في 9 من فبراير/ شباط 2015، سجل أبوعمو موقعا إلكترونيا في أمريكا كشركة ذات مسؤولية محدودة. واستخدم هذه الشركة في تلقي 100 ألف دولار أمريكي من بدر العساكر في 2016. وقد بلغ مجموع ما حصل عليه أبو عمو من بدر العساكر ما لا يقل عن 300 ألف دولار.

عقب تعزيز تويتر لقيود الوصول لبيانات المستخدمين، استقال أبوعمو في 22 من مايو/ آيار 2015 من منصبه في تويتر لينتقل إلى مدينة سياتل.

لكنه ظل على تواصل مع بدر العساكر، حيث قدم له خدمات عدة من خلال علاقاته برفاقه السابقين في تويتر، وبمكتب تويتر في دبي، مثل: توثيق حسابات تويتر لمسؤولين سعوديين، كحساب وزير الإسكان السعودي ماجد الحقيل. ووزير التعليم السعودي أحمد العيسى. وإغلاق حسابات معينة على تويتر بذريعة انتهاكها لمعايير الموقع. 

واستنادًا إلى المعلومات المقدمة من شركة تويتر، لم يكن أبوعمو مخولا بطبيعة عمله للوصول إلى معلومات حسابات المستخدمين، وكان ما فعله بمثابة انتهاك لسياسات تويتر.

وقد استجوب محققو مكتب التحقيقات الفيدرالي أبوعمو في 20 من أكتوبر/ تشرين الأول 2018، بخصوص استلامه ساعة فاخرة هدية من بدر العساكر من دون أخبار رؤسائه في شركة تويتر، والتي تنص قواعد عملها على إبلاغ المدير المباشر أو نائب رئيس الموارد البشرية بأية هدية تتجاوز قيمتها 100 دولار.

وتبين خلال التحقيق أن أبوعمو أرفق كلامه بمستند مزور يخص شراء الساعة المذكورة.

المصدر: الجزيرة مباشر