2024-11-24 07:42 م

5 أسئلة تشرح لك التطورات الأخيرة في سوريا

2019-10-12
«الرئيس الأمريكي يأمر قواته بالانسحاب من سوريا، بينما تهدد تركيا بالتوغل ضد الأكراد في شمال شرق البلاد». هذا الموقف الذي يمثل «تغييرًا في سياسة الإدارة الأمريكية تجاه سوريا»، وضعته لورا بيتل من أنقرة وكلويش كورنيش من بيروت على طاولة التشريح عبر تقريرٍ نشرته صحيفة «فاينانشال تايمز»، وأعده ديميتري سيفاستوبولو وأيم ويليامز.

قال البيت الأبيض في وقت متأخر يوم الأحد: إن دونالد ترامب أمر القوات الأمريكية بإخلاء جزء من شمال شرق سوريا، حيث هددت تركيا بشن هجوم عسكري. وهي الخطوة التي اعتبرها تقرير الصحيفة البريطانية أنها «تمهد الطريق لهجوم تركي على القوات الكردية المدعومة من الولايات المتحدة، والتي تسيطر على المنطقة».

وأضاف التقرير: «أثار ذلك قلقًا في واشنطن وفي العواصم الأوروبية، مع مخاوف بشأن التأثير على الجهود المبذولة لهزيمة جهاديي تنظيم الدولة الإسلامية (داعش). وحذرت المنظمات الإنسانية من الضرر المحتمل أن يلحق بالمدنيين في بلدٍ يرزح اليوم تحت نيران حربٍ أهلية عقابية مستمرة منذ تسع سنوات، وخلفت بالفعل ما يقدر بنحو 500 ألف قتيل».



لماذا يعتبر شمال شرق سوريا بالغ الأهمية بالنسبة للغرب؟

تذكر الصحيفة أن «الزاوية الممتدة على طول الشمال الشرقي السوري، والمحصورة بين تركيا من الشمال وصحارى العراق الغربية الخارجة عن السيطرة من الشرق كانت تحتضن تنظيم (داعش) قبل أن يندفع عبر الحدود العراقية في عام 2015. وساعد النفط الذي باعته الجماعة الجهادية من حقول النفط الشرقية السورية في الأراضي التي تسيطر عليها في تأجيج حملتهم الدموية، وتعزيز سيطرتهم على المدن الكبرى، ومنطقة بحجم بريطانيا العظمى».

ويتابع مراسلا «فاينانشال تايمز» في أنقرة وبيروت: «بقيت الخلافة المعلنة ذاتيًا على قيد الحياة لأكثر من خمس سنوات قبل أن تخسر المجموعة آخر معاقلها في مارس (آذار) الماضي، في قرية تقع على الساحل الشرقي لنهر الفرات بالقرب من الحدود العراقية. وانتهى المطاف بآلاف الرجال والنساء والأطفال السوريين والأجانب الذين خرجوا من قرية باغوز في سجون مزدحمة ومعسكرات مُسَيَّجَة في شمال شرق سوريا».

ولطالما حذر مسؤولون عسكريون من أن «بعض مقاتلي (داعش) لم يُسجَنوا أو يُقتَلوا، وأن المنطقة لا تزال عرضة لزعزعة استقرارها مرة أخرى بسبب خلايا (داعش) النائمة».

من يسيطر على المنطقة؟

يوضح التقرير أن هناك «جزءًا كبيرًا من شمال شرق سوريا، يمتد من نهر الفرات إلى الحدود العراقية، يخضع لسيطرة أفراد الأقلية الكردية».



ويلفت المراسلان إلى أن «الأكراد – الذين يشار إليهم في الغالب باعتبارهم أكبر مجموعة عرقية عديمة الجنسية في العالم – ينتشرون في جميع أنحاء تركيا وسوريا والعراق وإيران، وتعرضوا تاريخيًا لموجات من الاضطهاد، لكن في سوريا، استغلت الجماعات الكردية اليسارية الحرب الأهلية لإقامة جيب يتمتع بالحكم الذاتي، يعرف باسم الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا (Rojava).

وتخضع المنطقة لسيطرة «قوات سوريا الديمقراطية (قسد – SDF)»، وهي مجموعة تأسست عام 2015 من تحالف فضفاض من المقاتلين الأكراد اليساريين، والقوات العربية المنتمية لوحدات أكثر اعتدالًا من جماعات المعارضة المسلحة التي تقاتل نظام بشار الأسد. واختارت الولايات المتحدة القوات الكردية المحنكة قتاليًا لتكون رأس الحربة في المعركة ضد (داعش).

منذ البداية شعرت تركيا بالقلق من صعود قوات سوريا الديمقراطية والدعم الذي تتلقاه من الولايات المتحدة. ويتألف جزء كبير من القوة القتالية من أعضاء «وحدات حماية الشعب»، المشار إليها اختصارًا بـ(YPG). تربط هذه الوحدات علاقات وثيقة مع «حزب العمال الكردستاني (PKK)»، وهي جماعة شنت تمردًا دمويًا على الأراضي التركية منذ عام 1984 بذريعة تحقيق استقلال أكبر للأقلية الكردية في البلاد.

ولطالما نظرت كل من الحكومة وأغلبية الرأي العام في تركيا إلى حزب العمال الكردستاني باعتباره تهديدًا وجوديًا للأمن القومي وسلامة أراضي البلاد، بحسب التقرير. ونتيجة لذلك، عارضت أنقرة دائمًا وبشدة قرار الولايات المتحدة بتدريب وتسليح قوات سوريا الديمقراطية.

لماذا تريد تركيا شن هجوم عسكري؟

يرصد المراسلان دافعين رئيسين وراء التوغل العسكري الذي أعلنه الرئيس رجب طيب أردوغان في شمال شرق سوريا: الأول؛ هو الرغبة في إزاحة المتشددين الأكراد بعيدًا عن الحدود التركية، ومنعهم من تشكيل ما يسميه أردوغان «ممر للإرهاب» على الجناح الجنوبي من بلاده. والثاني؛ هو أنه يريد إنشاء «منطقة آمنة» للسماح للاجئين السوريين بالعودة إلى بلادهم.

وتستضيف تركيا 3.6 مليون شخص، فروا من النزاع في سوريا المجاورة، ومع استمرار وجود السوريين، تزايد استياء الرأي العام التركي. استجابة لذلك، شنت السلطات التركية حملة على المهاجرين غير الشرعيين في إسطنبول، ووعد أردوغان بإيجاد طرق لتمكين اللاجئين من العودة إلى ديارهم.

هذا هو أحد الأهداف المعلنة لـ«المنطقة الآمنة» التي تخطط تركيا لإقامتها في شمال شرق سوريا. في الشهر الماضي، وضع السيد أردوغان خطة مثيرة للجدل بقيمة 27 مليار دولار لبناء 10 مدن و 140 قرية، كاملة التجهيزات من المساجد والمستشفيات والمدارس والمنازل، على امتداد 32 كم من الأراضي على الجانب السوري من الحدود. وطلب دعم المجتمع الدولي، لكن الدبلوماسيين الغربيين يشعرون بقلق عميق إزاء الخطة.

لماذا أمر دونالد ترامب القوات الأمريكية بالتنحي جانبًا؟

قال ترامب منذ فترة طويلة إنه يريد إنهاء وجود القوات الأمريكية في الشرق الأوسط. وسبق أن حاول إصدار قرار انسحاب القوات الأمريكية من سوريا في ديسمبر (كانون الأول) 2018، لكنه اضطر بدلًا عن ذلك إلى خفض عددهم؛ بعد معارضة شرسة من «البنتاجون» و«الكابيتول هيل».

ومنذ ذلك الحين عقد المسؤولون الأتراك والأمريكيون محادثات مكثفة تهدف إلى إيجاد حل يلبي أولويات كلا البلدين. لكنهم لم يتمكنوا من الاتفاق.



وسط تحذيرات متزايدة من السيد أردوغان بشأن هجوم عسكري تركي وشيك، تحدث الزعيمان (التركي والأمريكي) عبر الهاتف يوم الأحد. وبعد المكالمة، أعلن السيد ترامب أن القوات الأمريكية ستغادر المنطقة المحيطة بالعملية تركية، مما يمنح أنقرة الضوء الأخضر فعليًا، على الرغم من أن الرئيس الأمريكي هدد لاحقًا بـ«تدمير الاقتصاد التركي تمامًا» إذا أقدمت أنقرة على أي شيء اعتبره «يتجاوز الحدود».

ويشير التقرير إلى أن السيد ترامب يمكن أن يضطر مرة أخرى إلى التراجع وسط مقاومة المختلفين مع إصراره على إنهاء المعركة ضد (داعش)، لكن فريقه لم يعد يضم جيم ماتيس، وزير الدفاع الأمريكي السابق الذي استقال احتجاجًا على إعلان الانسحاب في ديسمبر، ولا الجنرال جوزيف دانفورد، القائد السابق للجيش الأمريكي، الذي تقاعد الأسبوع الماضي وحث تركيا على ضبط النفس.

ونقلت «فاينانشال تايمز» عن مسؤول أمريكي رفيع أن البنتاجون كان ينقل فقط نحو 50 من القوات الخاصة الأمريكية المنتشرة في المنطقة الحدودية، من إجمالي ألف فرد يتواجدون هناك، لكن مع انطلاق حملة إعادة انتخابه، فإن أي تقدم نحو الانسحاب الكامل من سوريا يمكن أن يُقَرِّب السيد ترامب من الوفاء بأحد التعهدات الرئيسة التي أطلقها خلال حملته الانتخابية. تقدم نحو الانسحاب الكامل من سوريا قد يجعل السيد ترامب أقرب إلى الوفاء بتعهد رئيس بالحملة.

لماذا يشعر كثيرون في واشنطن وأوروبا بالقلق من العملية العسكرية التركية؟

يخشى المسؤولون الأمنيون والعسكريون من أن الهجوم التركي إذا مضى قُدُمًا، فإنه سيفتح الباب أمام عودة تنظيم الدولة؛ نظرًا لتحذير قوات سوريا الديمقراطية من أنها ستحوِّل مواردها البشرية بعيدًا عن عمليات التطهير القائمة، إلى الجهود المبذولة لصد الهجوم التركي. كما أنهم يشعرون بالقلق أيضًا بشأن مصير الآلاف من معتقلي (داعش) وعائلاتهم المحتجزين في السجون والمخيمات التي تسيطر عليها قوات سوريا الديمقراطية.

في الوقت ذاته، يشعر الدبلوماسيون بالقلق إزاء خطة تركيا لإعادة توطين ملايين السوريين، ويخشون أن يرقى ذلك إلى مستوى «الهندسة الديموجرافية» إذا تم تشجيع العرب على الاستقرار في قرى وبلدات ذات أغلبية كردية. وهم قلقون أيضًا من أن بعض الناس قد يُكرَهون على العودة رغمًا عنهم، حسبما ينقل المراسلان.

وتنفي أنقرة بشدة وجود ما يبرر هذه المخاوف، مؤكدة أن جميع العائدين سيفعلون ذلك طواعية. ويقول المسؤولون الأتراك إنهم يحترمون جميع الجماعات العرقية، ويجادلون بأن الميليشيات الكردية هي نفسها متهمة بتغيير التركيبة السكانية للمناطق التي كانت ذات أغلبية عربية في السابق بالقوة.

ويختم التقرير بالقول: «في الوقت ذاته، تشعر الجماعات الإنسانية بالقلق من التأثير على المدنيين الذين يعيشون في المنطقة، التي قد تصبح قريبًا ساحة قتال. وتقول المنظمات غير الحكومية إن هذه المنطقة موطن لحوالي 760 ألف شخص».
ساسة بوست