2024-11-25 12:21 م

هل تفتح تركيا على نفسها باب جهنم في شرق الفرات؟

2019-10-05
كتب الدكتور خيام الزعبي/ انتهت المهلة التي حددتها أنقرة من أجل إنشاء منطقة آمنة في شمال سورية، ومن الممكن أن تقوم تركيا بمفردها بعملية عسكرية في شرق الفرات بعد بطء التقدم في المشاورات التركية الجارية مع أمريكا وعدم التوافق معها بشأن المنطقة الآمنة، وفشل اردوغان في حواره مع روسيا وإيران حول إدلب وشرق الفرات، فالسؤال الذي يفرض نفسه هنا بقوة: هل هذه العملية تشكل تمهيداً لتدخل عسكري تركي في شرق الفرات، أم أنه بالون اختبار تقوم به تركيا لرصد ردود الأفعال الدولية تجاه ذلك ؟. عندما أدركت تركيا فشل وكلفة المواجهة مع القوى الإقليمية والدولية، خاصة بعد المواجهة مع روسيا بعد اسقاط المقاتلة الروسية في نوفمبر 2015، وبعد تعثر إستراتيجيتها في العراق ورهانها على قوى متطرفة لم تنجح في تغيير المعطيات في الميدان السوري، وفشل أنقرة في فرض منطقة آمنة في شمال سورية بسبب معارضة روسيا وحلفاؤها لها، بدأت برسم خطوط جديدة لتغيير قواعد اللعبة هناك، عن طريق استعداد تركيا بالتدخل في شرق الفرات في خطوة ستشكل خطرا على القوات الأمريكية المتبقية في سورية، عن طريق اندلاع نزاع مسلح جديد بين القوات التركية والمقاتلين الأكراد هذا مما سيرفع احتمال الخروج الأمريكي من سورية. في هذا السياق إن الهجوم الذي ستشنه تركيا في شرق الفرات قد يتحول إلى نزاع طويل يزيد من التوتر مع واشنطن، في حال واصلت أنقرة عملياتها ضد المقاتلين الأكراد المدعومين أمريكيا، كما ستتحول سورية إلى امتداد جغرافي للقتال الطويل بين الجيش التركي وحزب العمال الكردستاني المحظور هناك، وبالتالي إذا تواصلت هذه المواجهات فإن ذلك سيكون لها إنعكاسات سلبية وخطيرة على الصراع الجاري ضد حزب العمال الكردستاني في تركيا، وبذلك يمكنني القول إن المغامرة التركية في سورية لا تزال في بداية فخ المستنقع السوري، وستصبح تائهة مثل تنظيم داعش والمجموعات المتطرفة الأخرى. بالمقابل بدأ الجيش السوري مع قوات روسية وإيرانية مناورات عسكرية مشتركة غرب دير الزور، وهذه التطورات تترافق مع مؤشرات قرب الانتهاء من ملف إدلب، وارتفاع سخونة التوتر تدريجيا في مناطق شمال وشمال شرق دير الزور. كما أن التدخل التركي في سورية هو طموح أنقرة، لكن هذا الطموح محفوف ومليء بالمخاطر الإقليمية لأن إيران لن توافق تركيا على التدخل المباشر في سورية ويجب أن تضع في حساباتها أنها تخوض حرباً مع جبهة المقاومة كما هي إسرائيل الآن، وهذا ما يؤشر إلى أن المعارك في سورية تتصاعد وستأخذ أشكالاً كبيرة من العنف، كما سيتوسع التوتر ليشمل العلاقات الروسية التركية بعد فشل كل الاتصالات الروسية مع تركيا بشأن سورية. لنكن أكثر صراحة ووضوحاً إن تركيا تلعب بالنار، وتزداد قوة وقد تحرق أصابع أخرى، وأمريكا كعادتها دائماً تهرب من المنطقة إذا وجدت إن الخسارة كبيرة، هكذا فعلت في الصومال والعراق، وهكذا ستفعل في سورية، والمأمول آن تدرك القيادة التركية حجم المغامرة التي يدفعها الأمريكي وحليفه العربي اليائس نحوها، وتبادر إلى مراجعة حساباتها، وتجنب التورط بقدر الإمكان بالمستنقع السوري،لذلك لا بد لتركيا بدلاً من اللعب بكرة النار التي قد تحرق أصابعها قبل غيرها، وبدلاً من التخطيط للقيام بعملية عسكرية متهورة وغير محسوبة النتائج في شرق الفرات، أن تبتعد عن لغة التهديد والوعيد وشن الهجمات، وأن تجنح إلى لغة العقل والسلام التي تدعوا إليها الحكومة السورية. وباختصار شديد، أن تركيا على أبواب سيناريوهات مرعبة ومخيفة لما يمكن أن تؤول إليه الأوضاع في المنطقة، ومن هذا المنطلق يجب على تركيا أن تتأهب لمرحلة جديدة، فتركيا تتجه بسرعة كبيرة إلى فخ المستنقع السوري إذا استمرات حكومة اردوغان بالدور السلبي في سورية، وفي تقديري أن هذا العام سيشهد تدويراً للكثير من الزوايا في مجمل العلاقات الدولية، والأيام المقبلة وحدها ستجيب عن ذلك. 
khaym1979@yahoo.com