2024-11-25 09:30 ص

من نيويورك الى غزة مرورا برام الله.. تأكيد ثوابت نحو المصالحة والانتخابات

2019-09-28
القدس/المنـار/ في الخطاب السنوي للرئيس الفلسطيني أمام الجمعية العامة للامم المتحدة أعاد أبو مازن التأكيد على ثوابت الشعب الفلسطيني لتحقيق سلام عادل وشامل في المنطقة، وعرض الأوضاع في الساحة الفلسطينية الجاثمة تحت الممارسات القمعية الاسرائيلية بأشكالها المختلفة، ومحذرا في الوقت ذاته من استمرار هذه الممارسات وتداعياتها الخطيرة مشيرا الى المسار السليم لانهاء الصراع ورفض أية خطوات وتحركات تحيد عن هذا المسار.
وفي خطابه أمام المجتمع الدولي، أعاد لفت انتباه العالم الى الموقف من مسائل داخلية، وخطوات سيصار الى تنفيذها في القريب العاجل، منها، التمسك بضرورة انهاء الانقسام واجراء الانتخابات الشاملة في الساحة الفلسطينية.
جاءت هذه المواقف للرئيس الفلسطيني، في وقت لم تتوقف تحركات أمريكا وأدواتها لتمرير صفقة القرن ورسم معاهدة سلام مزيفة يرتضي بها الجانب الفلسطيني.. مواقف رافضة لما يحاك، بمعنى أن في الخطاب رسائل الى لوبي صفقة العصر، رسائل رفض وتحذير وفضح، رغم حدة التآمر وشراسة الحصار مع تمسكه بمسيرة سلمية ذات ضوابط وجداول زمنية مستندة الى قواعد تفرضها عدالة القضية، مفندا ادعاءات اسرائيل وداعميها والمتحالفين معها، بأن القيادة الفلسطينية أدارت ظهرها للعملية السلمية.
وما ان انتهى الرئيس الفلسطيني من خطابه، صدرت البيانات عن اسرائيل وفصائل فلسطينية منتقدة هذا الخطاب الجامع، دون أن تطرح البدائل الجادة الموصلة الى عدالة الحق، بعض بيانات الانتقاد هذه رفضت محتويات الخطاب بالكامل وكأنها مستندة الى ترسانة ضخمة من الصواريخ المدمرة، والاسلحة المتطورة، ترسانة تفوق سيول التصريحات الكلامية، التي تمثل احدى سمات هذه القوى منذ زمن طويل، والبعض الاخر اشاد بتمسك الرئيس بالثوابت، لكنه، انتقد التمسك بمسيرة التسوية، متلاقيا بذلك مع قوى طويلة اللسان العاشقة دوما لكثرة الكلام، دون طرح البدائل المعقولة، أو انخراطها الجدي في سد الثغرات الذي أحدثها في الجدار الفلسطيني وتسببت بخسائر كبيرة للشعب الفلسطيني داخليا واقليميا ودوليا.
هذه المواقف المنتقدة المتجاهلة للتوازنات في الساحتين الاقليمية والدولية، والحال العربي المؤلم وسياسات الانظمة المرتدة، وشراسة الاحتلال وحصاره وقمعه، وتحالفاته مع هذه الانظمة المهددة لعدالة القضية الفلسطينية وثوابت شعبها، دون أن تتقدم على الاقل بخطوات صادقة لرأب الصدع في الساحة الفلسطينية.
استمع العالم للخطاب الفلسطيني والانقسام ما زال ينهش في الجسد الفلسطيني، بعيدا عن أية نقطة تلاق بين المتخاصمين، وحتى القوى التي تقف متفرجة منذ سنوات خارج دائرة التصارع الداخلي فشلت في تقريب وجهات النظر.

رسائل الى غزة.. ولكن؟
يعود الرئيس الفلسطيني محمود عباس الى رام الله، وتبقى المهمة الاساس ترتيب البيت الفلسطيني وانهاء الانقسام وتحقيق المصالحة، وضرورة الحسم والجدية في هذا الموضوع، فهناك امراض وثغرات في الساحة الفلسطينية، بحاجة الى علاج، واغلاق محكم، فلا تقدم أو نجاح بدون ترتيب البيت، الانقسام يتعمق، وكثرة المبادرات أطالت من عمر هذا الانقسام، فالمبادرات كاللجان، قاتلة للهدف والمسعى وغطاء للنوايا غير الصادقة، وهناك أيضا في المؤسسات على مختلف مستوياتها أمراض تنخر في جسد السلطة، والمسؤولون يصمون الاذان عن صيحات تهز جدران المؤسسات.
مع العودة الى رام الله، هناك ضرورة لادراك أن لا قدرة على مواجهة التحديات الرهيبة، ببيت مهتز الجدران، ومؤسسات ينخرها السوس، واذا كان لا بد من ترجمة المواقف الى افعال فلا بد من مصالحة حقيقية، وتعزيز للمؤسسات، وهذا مطلب يفترض أن يصار الى تنفيذه فورا لضمان ظهر ودرع قوي مقاوم للسهام التي اخترق بعضها الجسد المؤسساتي، واثخنتها بالجراح والشارع على علم بذلك ويثير تذمره.
وفي الخطاب أمام الجمعية العامة، طرح الرئيس الفلسطيني مسألة الانتخابات، ونأمل أن يكون الطرح يشمل التشريعية والرئاسية، اغلاقا لافواه المنتقدين والمشككين، فهذه المسألة لها ابعادها واهميتها، وضرورتها، لكن، السؤال، الذي يطرح نفسه، هنا، هو:
ماذا لم تتحقق المصالحة.. التي باتت بعيدة المنال، لأسباب نرى أنها شخصية، ولمصالح آنية، ولوجود أصابع غريبة تعبث بجدية في هذه المسألة، وانزلاق الطرفين المتخاصمين خلف اصحاب الاصابع العابثة، العاملة لصالح القوى المعادلة.. وهنا، وفي هذا الحال هل ستقدم على اجراء انتخابات في الضفة فقط، مع الاحتفاظ بنسبة التمثيل في قطاع غزة.. وهل ستكون الانتخابات مقتصرة فقط على(التشريعية) دون (الرئاسية).. وما الحكمة في حال لم تكن شاملة، وهل ستلجأ القيادة في الاختيار الى المقاييس السليمة، أم الغرق في مقاييس الشخصنة والمحسوبية والاستزلام.
وسؤال آخر، هل دعوة الرئيس محمود عباس لاجراء الانتخابات سوف تتلاشى، بذرائع عدم تحقيق المصالحة، وعرقلة اسرائيل، أم أن هناك حسما، سنراه قريبا عند نصب صناديق الاقتراع؟!
فهل تكون دعوة أبو مازن لاجراء الانتخابات مدخلا لانهاء الاتقسام؟! لننتظر ونرى؟!