2024-11-27 03:47 م

أخطر محاولة لعزل ترامب.. 4 أسئلة تشرح لك أسبابها واحتمالية نجاحها

2019-09-28
عبدالله كمال
«أفعال الرئيس ترامب كشفت عن خيانته للقَسَم الذي أدّاه، خيانته لأمننا القومي، وخيانته لنزاهة انتخاباتنا. لذلك فإنني أعلن اليوم أن «الكونجرس» الأمريكي سيتقدّم رسميًا بطلب عزل الرئيس». *المتحدّثة باسم «الكونجرس» الأمريكي نانسي بيلوسي 

أعلنت المتحدّثة باسم «الكونجرس» الأمريكي والقياديّة في «الحزب الديمقراطي» نانسي بيلوسي، بدء إجراءات عزل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب من منصبه، وذلك بسبب «خيانته للقسم وللأمن القومي ونزاهة الانتخابات» حسبما جاء في تصريحها.

ولا تعد محاولة نانسي الأولى من طرف خصوم ترامب السياسيين من أجل عزله من منصب الرئيس، لكنّها قد تكون الأكثر خطورة وجديّة، خصوصًا أنّ هذه المحاولة تقودها نانسي بيلوسي، الشخصية التي كانت دائمًا معترضة على أي طلب لعزل الرئيس ترامب في السابق، رغم المطالبات الكثيرة من أعضاء «الحزب الديمقراطي»، لكنّها قرّرت هذه المرّة أن تقود بنفسها عمليّة عزل الرئيس بعد تسريب مكالمة هاتفية لترامب مع نظيره الأوكراني، اعتبرها خصوم ترامب «تواطؤًا مع جهة أجنبيّة ضد خصم سياسي». وقد أعلن 206 نائبًا ديمقراطيًا في «الكونجرس» الأمريكي دعمهم لطلب العزل، حتى الآن.

في الأسطر القادمة نحاول الإجابة عن أربعة أسئلة توضّح السبب وراء مباشرة «الحزب الديمقراطي» عمليّة عزل ترامب، والإجراءات القانونيّة التي تتطلّبها العمليّة، وتاريخ الرؤساء الأمريكيين مع هذا الإجراء القانوني.

1- لماذا يريد «الحزب الديمقراطي» عزل الرئيس ترامب؟

هناك العديد من الاتهامات التي طالت الرئيس ترامب من طرف معارضيه المطالبين بتنحيته، أهمّها قضيّة التدخّل الروسي في الانتخابات الأمريكيّة لصالحه، بالإضافة إلى الاتهامات التي تحدّثت عن علاقاته المشبوهة مع روسيا، لكن هذه المرّة كان السبب الرئيس لانطلاق محاولة جديدة لعزله من طرف «الحزب الديمقراطي» المعارض، هي محادثة هاتفيّة أجراها ترامب مع نظيره الأوكراني في يوليو (تموز) الماضي، طالب فيها الرئيس الأمريكي بالتحقيق في استثمارات نجل جو بايدن، المرشح الديمقراطي الذي من المحتمل أن ينافسه في انتخابات عام 2020.
ويُذكر أن ترامب كان قد جمّد مساعدات للجيش الأوكراني تقدّر بـ400 مليون دولار قبلها بأيّام، ممّا يزيد احتماليّة استغلال نفوذه الرئاسي من أجل هزيمة منافسيه السياسيين عبر ابتزاز الطرف الأوكراني لإدانة نجل بايدن. وقد كشف عن فحوى هذه المحادثة، أحد «نافخي الصافرات» المجهولين الذي استمع إلى المكالمة في إطار عمله الأمني الروتينيّ، وأبلّغ «الكونجرس» بفحوى المكالمة، لاحتوائها على ما اعتبره مخالفة قانونيّة.

من جهته قدّم دونالد ترامب هديّة مجّانيّة لخصومه السياسيين الذين يسعون إلى الإطاحة به، إذ صنع المفاجأة حين اعترف في تصريح صحافي بأنّه قد تناقش بالفعل مع الرئيس الأوكراني حول قضيّة هانتر بايدن، نجل المرشّح الديمقراطي، وهو التصريح الذي قد يستخدم ضدّه في التحقيقات المستقبليّة.

وفي حين يؤكّد ترامب في تصريحه للصحافيين بأنّ بريء من هذه الاتهامات، واصفًا محاولة العزل التي أطلقها الديموقراطيّون بـ«التحرّش الرئاسيّ» حسب تعبيره، أكّدت جريدة «نيويورك تايمز» أنّ فحوى المحادثة التي أجراها ترامب مع الرئيس الأوكراني تتضمّن صراحة طلبه تحقيق الأوكرانيين حول نجل منافسه المحتمل جو بايدن، وهو ما تعتبره المعارضة تعاونًا مع قوى أجنبيّة ضد منافس سياسيّ.

وقد ربطت الصحافة الأمريكيّة بين تجميد الأموال لأوكرانيا والملف الروسي الذي لطالما اتُهم ترامب بعلاقته المشبوهة به، إذ إن روسيا تدعم منذ 2014 المقاتلين الانفصاليين في أوكرانيا، بينما تعتمد الحكومة الأوكرانيّة على الدعم المادي الأوروبي والأمريكي بالدرجة الأولى من أجل التصدّي العسكري للقوّات الانفصاليّة، وبالتالي فإنّ أي تجميد للمساعدات الأمريكية لأوكرانيا يصبّ مباشرة في مصلحة الانفصاليين، وفي مصلحة روسيا.

مع إعلان زعيمة «الحزب الديمقراطي» نانسي بيلوسي بدء محاولة عزل ترامب، عادت إلى الأذهان المحاولات السابقة في تاريخ الولايات المتحدة لعزل الرؤساء، والتي لم تنجح أيّ منها في إبعاد الرئيس عن منصبه من خلال العزل. وعرف التاريخ الأمريكي محاولتين اثنتيْن لعزل الرئيس من طرف البرلمان، كانت أولاهما ضدّ الرئيس آندرو جونسون سنة 1868 بعد إقالته وزير الدفاع آنذاك، إذ نجح «الكونجرس» حينها في تمرير مشروع العزل إلى «مجلس الشيوخ»، لكن العزل لم ينفّذ بسبب فشل المجلس في جمع أغلبية الثلثيْن التي يشترطها الدستور الأمريكي، وذلك بفارق صوت واحد فقط. 
أمّا الرئيس الثاني الذي تعرّض لعملية عزل، كان بيل كلينتون سنة 1999، وذلك بسبب تهمة الكذب تحت القَسَم حول علاقة جنسيّة مع إحدى المتدرّبات في البيت الأبيض، وهي المحاولة التي فشلت بدورها في جمع الأغلبية اللازمة لعزل الرئيس. أمّا الحالة الثالثة التي حاولت فيها المعارضة عزل الرئيس فكانت ضد الرئيس نيكسون سنة 1974 بتهمة استخدام أجهزة الدولة ونفوذه داخل السلطة من أجل التجسّس على معارضيه، إلاّ أن نيكسون قرّر الاستقالة قبل بدء إجراءات العزل.

3- لماذا فشلت تحقيقات مولر في عزل ترامب؟

كما ذكرنا سلفًا فليست هذه هي المحاولة الوحيدة من طرف معارضي ترامب للإطاحة به منذ استلامه الحكم في سنة 2016، إذ كانت أبرز محاولة تلك التي قادها المحقّق الخاص روبرت مولر، والذي بدأ تحقيقًا في مايو (أيار) 2017، حول التدخل الروسي في الانتخابات الأمريكية التي فاز بها الرئيس ترامب، وركّز التحقيق حول احتماليّة وجود تواطؤ بين الروس وحملة الرئيس ترامب من أجل مساعدته على الوصول إلى البيت الأبيض.

ولكن بعد حوالي سنتين من التحقيقات، جاء التقرير النهائي مخيّبًا لآمال الكثيرين من خصوم الرئيس ترامب الذين كانوا يعوّلون عليه في أيّة محاولة لعزل الرئيس على أرضية تواطئه مع جهة أجنبية (الحكومة الروسية) للتأثير على نتائج الانتخابات. وجاء في التقرير بأنه لا يوجد دليل يثبت تورّط مسؤول من حملة الرئيس ترامب في التآمر مع الحكومة الروسية للتأثير في نتائج الانتخابات، وقد جاء في التقرير نهائي للمحقق مولر قوله بأنّ هذا التقرير «لا يخلص إلى أنّ الرئيس ارتكب جرمًا، لكنه أيضًا لا يبرّئه».

4- ما هي إجراءات عزل الرئيس؟

 من حقّ أي عضو في «الكونجرس» الأمريكي أن يقدّم طلبًا بعزل الرئيس إذا كان يشتبه في تورّطه في «خيانة أو رشوة أو جريمة أخرى» حسب الدستور الأمريكي، ويُعرض الطلب على «الكونجرس» للتصويت الذي يحتاج إلى موافقة 51% من أعضائه على الأقلّ حتى تستمرّ إجراءات العزل. وفي حالة الرئيس ترامب فإنّه من الممكن للحزب الديموقراطي أن يجمع هذه النسبة من التأييد بسبب امتلاكه الأغلبية في «الكونجرس».

بعدها ينتقل المشروع إلى «مجلس الشيوخ» وتنطلق المحاكمة من طرف المحكمة العليا في حضور أعضاء «مجلس الشيوخ»، وتُقام جلسات الاستماع والمساءلات، وهنا من المحتمل أن تتضاءل احتمالات نجاح عملية عزل ترامب، إذ إن الحزب الجمهوري الذي ينتمي إليه يملك الأغلبية في مجلس الشيوخ، كما أنّ العزل لا يتمّ إلاّ إذا أيّدته أغلبية مطلقة من أعضاء المجلس تقدّر بـ67% من الأعضاء واعتبرت الرئيس مُذنبًا، فيما تبقى هنالك احتماليّة استقالة ترامب من منصبه من أجل تفادي تبعات العزل من منصبه.
ساسة بوست